غيرت الحرب في سوريا من خريطة توزيع القوة على الأرض فيها، من دولة مركزية لها سيادة على كل أراضيها إلى أرض تتقاسمها جماعات أرهابية مسلحة، معارضة للسلطة في ريف دمشق ومعارضة لغيرها من الجماعات الارهابية المسلحة. الكل يعارض الكل، ويتحالف البعض مع البعض ضد البعض ، ودخول روسيا في العراك الحالي زاد من قلق تلك الجماعات حيث ان التركيز علي تصفيتهم اصبح الشاغل والهام الاهم لروسيا في سوريا . لكن جزءاً من أرض سوريا لم تطرأ عليه تغييرات، وهي هضبة الجولان التي تيحتل العدو الصهيوني الجزء الأكبر منها بعد حرب حزيران67 وحرب عام 1973. هذه الجبهة كانت هادئة طيلة حوالي أربعين عاما. لكن الهدوء المخيم عليها اختفى بعد سيطرة مجموعات ارهابية ومنها جبهة النصرة – فرع القاعدة في سوريا على الجانب السوري من الهضبة نهاية عام 2014. والذي أثار قلق الصهاينة حينها. ولا ننسي ان الأنباء تتحدثت سابقا عن استعادة الجيش السوري بمساعدة مقاتلين من حزب الله اللبناني لأربعة تلال وثلاث بلدات في الهضبة.
تأثير هذا التغيير لا يمس الجانب السوري فقط، الذي تمكن بذلك من تأمين المناطق جنوب العاصمة دمشق، بل يمس جنود العدو الذي يراقب الحدود الملتهبة على الجانب الآخر.فالجيش السوري الان مدعوما من ايران ورسويا. بل أن حزب الله وعناصر إيرانية تتواجد على حدود الاراضي المحتلة مباشرة. الأمر الذي يدفع مسؤولي العدو الاسرائيلي للقلق مما دفعهم بجدية مايحدث حاليا وخاصة ان حزب الله تعهد سابقا بفتح جبهة ضد العدو الصهيوني. عندما قال إن الحدود اللبنانية والسورية أصبحت جبهة موحدة، وسيخوض القتال عن طريق هذه الجبهة الموحدة ضد العدو.
كما أن التطور الأخير على الحدود مع سوريا.اضافة الي التواجد الروسي بسوريا ومن ثم الإيراني يهدف صراحة إلى تحقيق هدفين: حماية سورية الأسد، وفتح جبهة جديدة للمقاومة تكون متحررة من الضغوط والاعتبارات اللبنانية الداخلية لـ"حزب الله" .هدا ومما لاشك فيه ان في ظل تلك المخاوف لم يجد العدو الصهيوني افضل توقيتا من الوقت الحالي حيث ان تأمين الجولان والحدود السورية اللبنانية اصبح شبه مريض نظرا لتواحد اغلبية القوي العسكرية الداعمة لسوريا مثل حزب الله داخل سوريا ومن ثم فقد اصبحت تلك الحدود وفي ظل الاحداث الجاريـة مكشوفة وغير مؤمنة تماما ، مما جعل العدو يفكر جديـا في انتهاز تلك الفرصـة لتأمين الموقف الامني علي تلك الحدود .
والسؤال هنـا ... هل سيقوم العدو الصهيوني بمداهمة تلك الحدود والتوغل داخل لبنان لفرض السيطرة ومن ثم سيكون الاحتلال للجولان هو المشكلة الثانويـة حيث ان لبنان ستكون بين انياب الصهاينة حيث حزب الله مشغول ويكون هدف العدو إضعاف القواه العسكرية لحزب الله واستحالها استدعاءها للمشاركة او الدفاع علي الحدود اللبنانية بل لبنان .
بالنظر الي كافة الجبهات ومنها السورية والايرانية واللبنانيـة ، سنجد ان ما يقوم به العدو حاليا هو عبارة عن مناورات ومناوشـات لجر روسيـا خارج سوريـا اولا ، وفرض سطوتها علي الموقف دون عناء ، اما ايران فأن الاتفاقيـة الاخيرة تحتم عليها عدم الاعتراض علي امن الكيان الصهيوني وليس لها الحق في دعم حزب الله او حتي العمل علي دعمها علانية كما كانت سابقـا حيث أن ما يتم الان في فلسطين وما يعانيـه الاحتلال من كر وفر تفاديا لانتفاضة قد ترهقه في الداخل والتمسك بضبط النفس احيانا حتي لا يثير غضب دول الجوارا ، حيث اصبح بين نارين ، نار المواجهة مع الفلسطينين الغاضبين في الضفة الغربية والاراضي المحتلة وغضب دول الجوار وعلي استحياء عدم وضع الولايات المتحدة في موقف محرج تجاه العالم العربي والغربي .
أن مايحدث الان سيغير من طبيعة ارض المعركة لتلعب السياسـة دور الحاكم لتحكم علي الكافة ان يخضعوا الي مبدأ المؤامرة من اجل البقاء ...