إن الحراك الحالي في المنطقة يشر الي ان تشهد المنطقة من الآن وحتى أواخر العام مزيداً من الاحداث والتطورات التي ستمهّد لإنتاج حلول للأزمات الاقليمية القائمة بجدول اولويات او من دونه، لأنّ معالجة ايّ منها سينعكس ايجاباً على البقية وذلك تحت سقف مكافحة «داعش» واخواتها التي توافقت عليها واشنطن وموسكو اخيرا رغما من تباطيء الولايات المتحدة الامريكية في هدا التوافق ,
تؤكد المؤشرات والدلائل الواضحة للعيان انّ الازمتان اليمنية والسورية قد وضعا على سكّة الحلّ الفعلي و انّ الجهود الروسية المُنصَبّة حالياً على تحقيق تقارب بين المملكة العربية السعودية وسوريا تُوازيها جهود مماثلة لتحقيق تقارب بين السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية، إذ انّ هناك اقتناعاً بأن لا حلّ لأزمة اليمن بمعزل عن دمشق وطهران، وكذلك لا حلّ في سوريا بمعزل عن الرياض وحليفاتها. وانه في ظل المرحلة الانتقالية التي تمر بها المنطقة منذ توقيع الاتفاق النووي بين الدول الغربية والجمهورية الاسلامية الايرانية، ينصَبّ الاهتمام الآن على إعادة التواصل بين المملكة العربية السعودية وايران، ليسير في خط موازٍ مع التواصل الذي بدأ بين الرياض ودمشق برعاية موسكو ووساطتها،
وحقّق معه «المعجزة» التي كان وزير الخارجية السوري وليد المعلم تحدّث عنها خلال زيارته الاخيرة لموسكو معلّقاً على دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد استقباله ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الامير محمد بن سلمان، الى تشكيل تحالف إقليمي لمحاربة «داعش» يجمع السعودية وسوريا جنباً الى جنب مع العراق وعمان وتركيا وان كانت الاخيرة مازالت تتخوف من جراء هدا المخطط ، ويستبعد طهران ربما مرحلياً الى حين زوال بعض الاعتبارات المتصلة بالموقف الخليجي السلبي منها، في حال حصول تطبيع في العلاقات بينها وبين الرياض.
واصبح جليا انّ التواصل السعودي - السوري الذي بدأ باللقاء الذي انعقد على الاراضي السعودية بين ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الامير محمد بن سلمان ورئيس جهاز الامن القومي السوري اللواء علي مملوك ستليه لقاءات أخرى علي مدي القريب بعد ان اكدت موسكو جديتها في محاربة داعش حيث يمكن ان تعقد في ايّ وقت، خصوصاً انّ الجانب الروسي هو مَن يهندسها، وقد رشح انّ لقاء سلمان ـ مملوك كانت اجواؤه جدية ويُبنى عليها للوصول الى توافقات بين البلدين على مستوى مستقبل العلاقات بينهما وكذلك على مستوى مستقبل الازمتين السورية واليمنية وبقية الازمات في المنطقة. , الا انه من الواضح للعوام انّ التركيز الآن مُنصبّ على تذليل المخاوف الخليجية خصوصاً، والعربية عموماً من دور ايران في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي، ويتوقع ان تبذل الديبلوماسية الروسية جهوداً في هذا الاتجاه، فيما الديبلوماسية الايرانية ستبذل بدورها جهوداً مماثلة في اتجاه ترجمة موقفها القائل إنّ هذا الاتفاق هو لمصلحة كل دول المنطقة، وانه ليس هناك في هذا الاتفاق رابح وخاسر، وانّ المعادلة باتت معادلة رابح - رابح.
حيث تشخص عيون المراقبين عن ان كافة الجهود ستكون بمثابة خطا فاعلا في بداية الانفراج في مجمل الازمات الاقليمية، وسيطرح موضوع انتخاب رئيس جديد للجمهورية في ضوء ما يكون قد أرسِي من حلّ للأزمة السورية، وهي حل مرهون بنجاح توافّر حلاً للأزمة اليمنية ومن ثم السورية آخذين بعين الاعتبار ان وجود روسيا حاليا في سوريـا ليس ألا طمأنة للسعودية أن الانتخابات الرئاسية ستكون بمثابة توثيق لوجهة نظر روسيا في بقاء الاسد , لما له من وزن وثقل سياسي وعسكري بعد القضاء علي داعش والتنظيمات الارهابية الاخرى كجبهة العهرة وجيش الاجرام وغيرها.