ان قرار ترامب في الخروج من سوريا والذي يمثل اعلانا لهزيمة واشنطن في سوريا وفي ظل قرار الادارة الامريكية في العدوان على سوريا الذي ما زال ساريا ولم يتم الغاؤه نشير الى ان هناك احتمالا كبيرا ان يكون اعلان انسحاب امريكا من سوريا وفي ظل وجود نحو 20 قاعدة امريكية عسكرية في سورية يشير الى ان قوات اخرى ستحل مكان القوات الامريكية (فرنسية وبريطانية وغيرها) والتي هي اعضاء في حلف الناتو هذه الدول التي قد يوكل اليها تنفيذ العدوان على سوريا في اية لحظة خاصة في ظل التوتر الشديد القائم حاليا بين بريطانيا وفرنسا ودول حلف الناتو مع روسيا واستمرار تبادل طرد الدبلوماسيين. اي ان انسحاب امريكا من سوريا قد يكون من اجل تسليم هذه القواعد الى الناتو تمهيدا للعدوان على سوريا ومواجهة نفوذ روسيا في سوريا والمنطقة من جهة ومن جهة اخرى من اجل اطلاق يد تركيا في سوريا وتجنب الصدام مع تركيا التي هي عضو في حلف الناتو وتوكيل امر تاديب اردوغان الى فرنسا وغيرها من دول الناتو خاصة بعد صدور تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون بان فرنسا ستقوم بارسال قوات الى مدينة منبج, ام انه تم الاتفاق سرا مع الدول الاعضاء في الناتو على توزيع مهامهم في سوريا وتقاسم مناطق النفوذ والسيطرة تمهيدا لتنفيذ مخطط تقسيم سوريا وجعله امرا واقعا ووزيادة الضغط على روسيا في سوريا
أصدر الرئيس دونالد ترمب إعلاناً مفاجئاً خلال خطابه عن البنية التحتية في ولاية أوهايو الخميس، مفيداً أن الولايات المتحدة ستسحب قواتها من سوريا قريباً، حيث صرَّح ترمب: “بالمناسبة، قد أنزلنا الجحيم على رؤوس داعش! وسوف نخرج من سوريا قريباً، وسندع الأخرين يعتنون بسوريا الآن، وبكل تأكيد سنخرج منها قريباً جداً”
لقد اختار ترامب الانسحاب من سوريا و تركها الى ما سماه قوى أخرى كي تتصرف في سوريا.
حسب السياسة الامريكية المتبعة فأنه كان من المفروض على ترامب أن تكون لواشنطن كلمة الفصل في سوريا و ليست روسيا أو تركيا أو أيران، و حسب قوانين حلف الناتو كان من المفروض أن يضع الحلف الشروط على تركيا وذلك بالتزامها بسياسة الحلف و عدم التحالف مع دولة غير تابعة الى حلف الناتو (روسيا) ضد سياسة دولة أخرى تقود الحلف و التي هي أمريكا.
ترامب قرر الهرب من سوريا، و مع أن هناك شكوك في أن تحل فرنسا محل أمريكا إلا أن الخروج الامريكي في سوريا هي هزيمة بكل معاني كلمة الهزمية.
سياسيا فأن الانسحاب الامريكي من سوريا يهدف الى:
أولا: عدم الوقوف في وجة تركيا كدولة في الناتو وإناطة امر حل الخلاف مع تركيا الى فرنسا و باقي دول الناتو التي قد تقوم بأرسال الجيوش الى سوريا.
ثانيا: سحب القوات الامريكية من سوريا الى العراق و الاستعداد لنتائج الانتخابات العراقية و الحرب على أيران التي هي على أجندة ترامب و عندما نقول الحرب ضد ايران فهذا لا يعني المواجهه العكسرية الحتمية و لكن التهديد بالقوة العسكرية سيكون ضمن عوامل الضغط على أيران و نفوذها في العراق.
عيون ترامب هي على خزائن السعودية و الخليج تلك الخزائن ستفتح بشكل كامل بالوقوف ضد أيران و ليس للصراع في سوريا أو كوريا الشمالية.
يمكننا قول أمرين بهذا الشأن، أولاً لا يمكننا تصديق تصريحات ترامب تماماً، حيث انه غالباً ما يميل إلى مشاركة الأمور الخطيرة مثل هذه للنقاش مع العامة, (على سبيل المثال اقترح ترامب في المناسبة نفسها بأنه قد يؤخر صفقة التجارة مع كورية الجنوبية التي تمت صياغتها حديثاً وذلك حتى يكون لديه النفوذ الكافِ للتعامل مع كوريا الجنوبية). وغالباً ما يقول بأنه سيحدث كذا وكذا، ولكن في الواقع لا يحدث أي شيء مما قاله”.
إعلان ترامب كان بارزاً لسببٍ آخر، وهو أنه لمَّحَ عن الاستراتيجية العسكرية التي سيتبعها”، مشيراً إلى أن “هذا أمرٌ انتقد عليه ترامب مرارًا وتكرارًا في الحملة الانتخابية لعام 2016 وبداية توليه للرئاسة، وقال ترامب انه يفعل مثل هذه الأمور لخداع الأعداء وكشف معلوماتهم السرية، وكان كلامه موجهاً لسوريا تحديداً حيث قال في تصريحاته عن سوريا في ابريل2017: “من الأشياء التي اعتقد أنكم لاحظتموها في طبيعتي هي أنني لا أبوح بخططي العسكرية، ولا أكشف الطريقة التي اتبعها للقيام بأي شيء”، لافتاً إلى أنه “كرر تصريحاته لاحقاً في برنامج الأخبار الصباحي “فوكس وأصدقائه” أثناء خطابه عن الأوضاع في كوريا الجنوبية”.
ترامب قال: “أنا لا أريد أن ألمّح عما افعله أو أفكر فيه، فأنا لست مثل الجهات الأخرى التي نقول بأنها ستفعل أمرٌ معين خلال أربعة أسابيع على سبيل المثال وما شابه، فأنا لا أكشف عن مخططاتي مثلهم" و أشار ترامب عدة مرات إلى تصريحات إدارة أوباما بشأن الهجمات على الموصل في العراق، وكيف أن أوباما تأخر عن تنفيذ تصريحاته حتى تمكن تنظيم الدولة الإسلامية من تحصين نفسه للهجوم القادم”.
لا يبدو أن ترامب يكترث بشأن الإفصاح عن سحب القوات الأمريكية، حيث دعا إلى الخروج من العراق وأفغانستان مراراً وتكراراً طوال الحملة الانتخابية، وهو في وضع يسمح له بسحب القوات بسرعة. لو رجعنا بالزمن إلى 2016 وقبل تولي ترامب للرئاسة لوجدناه يجادل بشأن أن الإفصاح عن النية بالخروج من سوريا قبل تنفيذ ذلك فعلياً سيوصل رسالة إلى تنظيم الدولة الإسلامية بأن تنتظر حتى تخرج الولايات المتحدة من سوريا.