لا يحتاج الأمر بنا الى الكثير من التفكير والتأمل أو التحليل العميق للاستنتاج بأنّ الجزء الخطر من المؤامرة على سورية والمنطقة قد صار وراءنا .. السفير الأمريكي الأخير في سورية رويرت فورد (والذي هو من ألد أعداء الدولة السورية والمنخرط سابقا في المخطط الأمريكي الصهيوني لإشعال أحداث ما يسمى الربيع العربي في سورية ..) قالها صراحة في الصحف مؤخرا وكذلك قالها منذ عام تقريبا لعملائه من زعماء ما يسمى المعارضة السورية في دول التآمر :" لقد فاجأنا دخول حزب الله في المعركة في سورية ومنذ نجاحه في معركة القصير بدأ الوضع يسير منحى معاكسا لما خططناه ، وزاد في أمر مخططاتنا سوءا الدخول الايراني القوي لمساندة الحكومة السورية وكانت الضربة القاسمة في دخول القوات الجوفضائية الروسية ، وليس أمامنا الآن سوى التسليم بالهزيمة وعلى الرئيس ترامب والقوات الأمريكية أن تنسحب حفاظاً على ماء الوجه فالتورط في سورية عسكريا بات عديم الأفق و سينتهي بهزيمة ذاقتها أمريكا في فيتنام وفي أفغانستان وفي العراق سابقا ، اذ لم يترك الرئيس أوباما لخلفه شيئا يفعله حيال كل ذلك " وهذا هو سبب استقالة فورد في 2015 لشعوره بعجز بلاده عن تنفيذ مخططات كان يحلم بها الصهيوأمريكي في سورية طالبا من زعماء ما يسمى الائتلاف ( الذي ساهم هو يوما في صنعه وصوّر له الأحلام الوردية والدعم الأسطوري ) أن يذوقوا مرارة الهزيمة ويتقبلوا الفتات في أي شكل من أشكال التسويات مع الحكومة السورية والا فانّ الزمن والظروف تسير بهؤلاء نحو الأسوأ فيتجاوزهم الواقع الجديد وانتصارات الأسد بجيشه وحلفائه
بينما نجد الرئيس الفرنسي الجديد ايمانويل ماكرون يدرك كل هذه المتغيرات الدولية فنجد خطابه الانتخابي المعادي للحكومة السورية قد تحوّل بشكل جذري نحو القبول بالأمر الواقع فيقول في آخر تصريحاته أنه لا يرى بديلا شرعيا للرئيس الأسد مؤكدا " أنّه لم يعد إسقاط نظام حكم الرئيس الأسد أو تغيير الحكم في سورية من أولوياتنا فالأهم بالنسبة لنا هو مكافحة الجماعات الإرهابية التي راح ضحيتها في فرنسا وحدها 230 قتيلا جاؤوا من تلك المنطقة المضطربة " معترفا بخطأ فرنسا والغرب في ارسال قوات عسكرية والدعم العسكري والاستخباري والسياسي للارهابيين الذي كان يحلو له تسميتهم بالمعارضة المسلّحة محذرا من تكرار السيناريو الليبي في سورية الذي استعمل فيه شعار زائف هو دعم الديمقراطية ، معتبرا توجهاته تلك التي صرح بها مؤخرا نظرة جديدة حيال سورية
أما ملك الاردن الذي يستشعر دوما وقبل غيره من زعماء المنطقة ماهية التحولات في سياسة أسياده من الغرب تجاه سورية والمنطقة نجده يرحب بسيطرة الحكومة السورية وجيشها على المعابر الحدودية في نصيب وغيرها .. بينما كان دور الجيش الأردني والمخابرات الأردنية في دعم هؤلاء الإرهابيين- على مدى أعوام المؤامرة الحرب على سورية - كبيرا جدا وهذا يعني أن تحولا جذريا في الموقف الأردني يعكس تحولا غربيا الذي هو بدوره انعكاس طبيعي لنجاحات الجيش السوري وحلفائه من جهة ولإدراك زعماء الغرب لمخاطر دعم حركات الإرهاب على بلدانهم بينما يعطى الضوء الأخضر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ليقوم بدفع قادة دول الخليج والمنطقة باتجاه محاسبة قطر ومعاقبتها لدعمها الأخوان المسلمين تلك الحركة الإسلامية البريطانية المنشأ و المولد و التي من رحمها نشأت القاعدة وكل من بناتها داعش والنصرة
أما في الرياض عاصمة مملكة الرمال ، وتحديدا في الحادي والعشرين من أيار الماضي ، كانت دعوة أكثر من واضحة للتخلّص من الاسلام السياسي المتشدّد ، إلى حد أن الجدية في ذلك كانت بمثابة الصدمة على وجوه المحللين لأنه يعني بداية تحول جديد في سياسة الغرب الذي كان منذ بدايات عهد الاستعمار يطبق العلمانية في بلدانه ولكنّه لا يعممها في مستعمراته ، ببساطة لأنه يعرف أنها أداته الفعالة التي يمكنه استخدامها لصالحه في قمع أية محاولة للتخلّص من سيطرته ، لقد كان الرئيس ترامب واضحا في خطابه السياسي بخصوص ضرورة إنهاء الإرهاب الذي يضرب المنطقة ويهدد الغرب فصار لزاما على المملكة الوهابية وأتباعها التخلي جديا عن التعصب والتطرف في الوهابية ، و كان الدفع في الرياض باتجاه الصدام مع خصمها اللدود (الدوحة) المناصرة والراعية للقاعدة ولتنظيم الأخوان المسلمين ، التي لجأت الى كل من تركيا وإيران في محاولة لتلقي الحماية منهما وكان من نتائج الاجتماع أيضا إعطاء الضوء الأخضر لسلملن أن ينصب ابنه وليا للعهد تمهيدا لتتويجه ملكا قريبا جدا ، وذلك في مخالفة واضحة وصريحة لقانون البيعة في المملكة الذي سنّه هو بنفسه ، بينما تم إسكات محمد بن نايف ولي العهد بإغرائه بمبلغ 200 مليار دولار مقابل التخلي عن كل مناصبه وربما يغادر المملكة ليقيم في الخارج .
بعدها كان الاجتماع السنوي للعام الحالي 2017 لمجموعة بيلدربيرغ الذي حضره عن الرئيس ترامب مستشار الأمن القومي الجنرال ماكماستر المعادي للتطرف الإسلامي والمطالب بمكافحته وكان من الممثلين عن الولايات المتحدة من هم في النقيض من الصقور( الداعمين للارهاب وتمويله والمطالبين السابقين باسقاط دمشق عسكريا) ، بينما كان البريطانيون كلهم من أنصار دعم الجهاديين ومن بينهم جنرال ورئيس سابق لهيئة الأركان ومعه رئيس سابق للاستخبارات البريطانية M16 التي ترغب بعد فشل الربيع العربي في تخلي الاسلام السياسي عن شكله الجهادي مع توحيده بشكل هلال ليشمل ( قطر – تركيا – ايران – حماس – وحزب الله) ويشكل هذا نقطة خلافية مع سياسة الرئيس ترامب المعادي هو لإيران أيضا وليس فقط للاخوان والجهاديين والقاعدة
السعودية والكيان....يشكل تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية دليلا كافيا على اعتراف الأخيرة بكامب ديفيد واستغل المصري الخلاف الخليجي المصري القطري غطاء اعلاميا لاتخاذ الخطوة النهائية في تسليم الجزيرتين للمملكة بعد أكثر من عام على وعدها بذلك حيث تتحدث التايمز عن علاقات تجارية ستربط مملكة بني سعود بالعدو الاسرائيلي حيث سيتم الترخيص لشركات العدو الاسرائيلي في المملكة وستستخدم شركة طيران الكيان- العال- الأجواء والمطارات السعودية ، تأتي هذه العلاقات بعد سبعة عشر شهرا من اللقاءات السرية، التي انتهت إلى إبرام اتفاق موقع بين /خائن الحرمين خادم الحرمتين الامريكيتين/، والكيان الصهيوني ، تجسد واقعيا من خلال مشاركة جيش العدو الإسرائيلي في حرب اليمن، ونقل القنابل النووية التكتيكية إلى السعودية. اضافة الى الاتفاق بينهما على استقلال كردستان العراق
تأتي العلاقات التجارية التي تحدثت عنها نيويورك تايمز كمقدمة للاعتراف بما يسمى مبادرة السلام العربية التي قدمها الأمير عبد الله لمؤتمر قمة جامعة الدول العربية، المنعقدة في بيروت عام 2002، وإقامة علاقات دبلوماسية يكون الأمير الوليد بن طلال أول سفير للمملكة في فلسطين المحتلة .. وسيكون ذلك في سياق تصفية القضية الفلسطينية بالاعتراف بدولة فلسطين على جزء من الأرض الفلسطينية مع التعويض للاجئين الفلسطينيين بديلا عن حق العودة بينما تشكل إعادة شبعا وكفرشوبا للبنان وسيلة لنزع الحجة الوطنية التي يتمسك بها حزب الله لاستمرار تسلحه والبدء بالضغط باتجاه تحوله الى حزب سياسي فقط . بينما يتم محاولة إغراء سورية باستعادة الجولان مقابل القبول بالسلام وفق بنود المبادرة ..
في الختام فانا اجزم ان سوريا ومن خلفها محور المقاومة فرضت نفسها كقوة اقليمية وهي التي ستحدد مستقبل الشرق الاوسط برمته وانه لن يكون هناك اي سلام شامل في المنطقة ولن يتم قبول اية مبادرة للسلام الا بشروط سورية