• بعد ست سنوات من الحرب، لا توجد أرقام موثوقة بحجم الخسارة البشرية أو الاقتصادية، لكن المؤكد هو دمار في البنى التحتية وفي قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة والتعليم والصحة، وتعتبر حلب أكثر المدن تضرراً، نتيجة التدمير أو سرقة المعامل من قبل تركيا، وهروب رؤوس الأموال. لكن إذا نظرنا لنتائج الأبحاث في دول الخليج والأردن ولبنان والولايات المتحدة، والتي تتحدثُ عن تكلفة الحرب، وجدناها أرقاماً خيالية؛ بما في ذلك ما صدر عن البنك الدولي والأمم المتحدة، فقد ذكروا وبعبارة “إذا كنا متفائلين”، رقم 700 مليار دولار إن انتهت الحرب 2017! 700 مليار دولار هي خسائر الحرب في سوريا، هذا الرقم صحيح لو حدثت الحرب والدمار في دول متطورة وشملت مراكز فضاء ومعامل طيران وسيارات ومحطات مترو، أمّا أن نقول أنّ خسائر سوريا هي 700 مليار دولار فهذا رقم وُضِعَ للإحباط فقط.
• حسب دراسات؛ خسرت سوريا 363% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بناتجها لعام 2010، حيث كانت الميزانية 16،55 مليار دولار، وكان التمويل المحلي 98% من الميزانية، بينما بلغت الميزانية عام 2016 مبلغ 7،7 مليار دولار أي أقل من النصف، فإذا اعتمدنا مبدأ النمو الطبيعي في الميزانية فيجب أن تكون ميزانية 2016 هي 28 مليار دولار، والخسارة خلال خمس سنوات تكون تقريباً 60 مليار دولار في الميزانية.
• كي لا يقعَ السوريون بمتاهة الإحباط الذي يقصدهُ البنك الدولي والخليج العربي ، يجب أن نعلم أن ميزانية شركة فولكسفاغن السنوية 2016 هي 215 مليار دولار، أي 25 ضعف ميزانية سوريا، فعن أي أرقام يتحدثون! متطلبات الشعب السوري بسيطة، والذي صمد ست سنوات بدون كهرباء وماء وتحت قذائف الهاون والخطف وغلاء الأسعار، سيخرج من هذه المحنة بأبسط مما يتوقعون.
• أكثر المدن تضرراً هي حلب وحمص، وإعادة إعمارها تحتاج إلى 4 مليار دولار للمدينة الواحدة، وفق نظام تخطيط المدن الحديثة. وبحساب بسيط نرى أنّ إعادة إعمار كافة المدن والقرى المتضررة كما كانت عام 2010، يحتاج إلى 48 مليار دولار. بالنتيجة خسائر الحرب على سوريا هي 120 مليار دولار وليس 700 مليار دولار كما يروّج له الصندوق الدولي، وهو رغم ذلك مبلغ كبير، لكن سوريا قادرة على ذلك بدون شكّ، إذا علمنا أنّ حجم الاستثمارات القادم في مجال البترول والغاز ، فحقل الشاعر قرب تدمر سوف يُنتج 3 مليون متر مكعب يومياً، والسعر العالمي للمتر المكعب هو 16 دولار، وقِس على ذلك.
• سوريا بحاجة من 900 إلى مليون و200 ألف يد عاملة لإعادة الإعمار، وهذا يعني التخلص من البطالة بشكل كامل للسنوات العشر القادمة.
• كي لا نوصف بفرط التفاؤل، يجب أن نعلم أنّ المرحلة القادمة قد تشهد ارتفاعاً في الأسعار، خاصة العقارات وغلاء المعيشة، رغم التوقعات بهبوط سعر الدولار. وزيادة بل مضاعفة الرواتب أمر لا مفر منه.
إعادة إعمار سوريا
إذا عدنا للمقارنة؛ نجد أنّ ألمانيا خسرت عشرات الأضعاف مما خسرته سوريا بشرياً واقتصادياً وسياسياً، والأهم أنّ سوريا ستخرج من الحرب منتصرة عسكرياً وسياسياً. فإن كان البنك الدولي وأعداء سوريا يريدون زيادة مأساتنا، فبحسب : “الاقتصاد وهم كبير، والبورصة كذبة خيالية.”. إشاعة واحدة تكفي لانهيار الأسهم وخسارة المليارات وكله أمر غير محسوس، فأين هي بورصة دمشق التي انهارت؟
الذي يريدهُ المواطن السوري هو: كهرباء، ماء، أسعار مقبولة، وأمان، وهذا واجب الدولة وليس فضلٌ منها. نكرر: من واجب الدولة تأمين كافة مستلزمات الحياة للشعب السوري، الذي صمد سنوات ولم يترك أرضه ووقف مع جيشهِ في حربه ضد إرهاب الدول. لهذا وحسب توقعات مركز فيريل للدراسات، تحتاج سوريا لسنتين منذ إعلان نهاية الحرب وبدء إعادة الإعمار، كي يكون النمو الاقتصادي فيها الأعلى عالمياً، لكن ضمن الشروط التالية:
1. محاربة الفساد بكافة أشكاله، كما يجب إعادة هيكلة المليشيات الموالية للدولة كي تساعد بقرار حل ونزع السلاح من حاملي السلاح من العصابات الارهابية ..والاحتفاظ بمن اكتسب مهارة قتالية ويرغب بالاستمرار كمقاتل ممن كان نظيف الكف وملتزم من مقاتلي الميليشيات المؤيدة للدولة..لدمجه مع الجيش او وضعه في جيش شعبي رديف اسمه جيش تحرير الجولان او مقاومة الجولان لابناء المناطق الجنوبية واسمه جيش تحرير اسكندرون لابناء المناطق الشمالية ويصرف لهم رواتب عالية ويشرف على تدريبهم وتسليحهم خبراء يجعلون منهم قوة لا تقل شأنا عن حزب الله .. بالاضافة الى محاسبة المسؤولين الفاسدين وأثرياء الحروب وما أكثرهم، ومحاسبة الأثرياء الذين فرّوا بأموالهم من حلب خاصّة إلى تركيا ومصر، إن قرروا العودة، لأن “سوريا ليستْ فندقاً.”.
2. وضع خطة اقتصادية مدروسة، والاستفادة من خبرات اليابان وألمانيا في إعادة الإعمار على أسس صحيحة غير عشوائية، والبدء بالأساسيات: البنى التحتية، الماء، الصرف الصحي، الكهرباء، المدارس، المواصلات. ومنع البناء العشوائي، ومراقبة البلديات. أمّا إذا كانت الحكومة ستبدأ أولاً بإعادة بناء دور العبادة والمراكز الدينية وصالات البلياردو مع كاميرات ومسؤولين هوايتهم حمل المقص وقصّ الشريط الحريري، والدبكة والتصوير، فسوف تُحقق المثل الشعبي: “مطرح ما… شنقوه.”.
3. الأولوية في إعادة الإعمار للسوريين أولاً وعاشراً، عقود الاستثمار وتراخيص الإعمار يجب أن تُعطى لرجال الأعمال والمستثمرين السوريين الذين ساندوا الجيش السوري، ثم تأتي روسيا وإيران والصين والدول التي وقفت بجانبنا.
4. الأولوية في اليد العاملة وأصحاب الخبرة لذوي الشهداء، ولمن وقف منذ البداية مع الدولة.
5. عدم الانتقام ممن وقف في صفوف المعارضة غير المسلحة من ناحية التوظيف أو اليد العاملة.
6. استبعاد نهائي لتركيا ودول الخليج من أي عقود استثمار وحظر استيراد منتجاتها، وعدم الوقوع بنفس “الجورة” التي أوقعتنا بها الحكومات السورية باحتضان التركي والسعودي، وتفضيل منتجاتهم على منتجات السوريين.
7. أن 30% من السوريين المقيمين في كافة دول العالم، والذين خرجوا بسبب الحرب، سيعودون في السنة الأولى إلى سوريا، وقد تحدث طفرة في العودة، بسبب وجود فرص عمل كثيرة وفي كافة المجالات، بينما يعانون من البطالة في أماكن إقامتهم الحالية. لهذا على الدولة السورية إيلاء قطاع المواصلات الاهتمام الفوري، خاصّة الخطوط الجوية، كي لا تذهب أجور الرحلات إلى جيوب الغير.
8. استثمار الثروات الباطنية المكتشفة، والتصريح الإعلامي بها وبالعقود المُبرمة.
9. وزارة الاعلام والهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون تحتاج لاعادة هيكلة والى تطوير فعلي يكون بمثابة ثورة حقيقية في آلية العمل الاعلامي بحيث يكون الاعلام الرسمي اعلاما يعبر عن الوطن والمواطن بالدرجة الاولى وان لا يكون فقط اعلاما ناطقا باسم الحكومة وتطوير الية العمل يبدأ بالدرجة الاولى من خلال افساح المجال لاصحاب الخبرات والكفاءات من خريجي كلية الصحافة والاعلام بالاضافة الى وضع خطة لهيكلة الرواتب والتعويضات وصياغة عقود عمل باسلوب عصري وحديث..... وهذا يعني ان اعادة بناء الهيكيلة الخاصة بعمل وزارة الاعلام والهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون يجب ان تتوافق مع تحديث شامل للنظام الداخلي الناظم لعمل وزارة الاعلام والهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون وكذلك لقوانين توظيف الاعلاميين.
10- وضع نظام ضريبي ملزم لأصحاب الدخل العالي، ويكفي أن نعرف أنّ التجار السوريين الذين فروا من سوريا بسبب الحرب، وافتتحوا معامل في مكان إقامتهم الجديد، يفتخرون بأنهم كانوا يتهربون من دفع الضرائب للدولة السورية، بينما يدفعون الضرائب الآن لتركيا وأوروبا رغما عن انوفهم ويلتزمون حرفيا بالقوانين