عندما أعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، دعم بلاده "للجيش السوري" خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة "آر بي تي" البرتغالية. وغداة اعلان السيسي دعمه للجيش السوري، نشرت صحيفة السفير اللبنانية تقريرا في 24 نوفمبر / تشرين الثاني 2016 ذكرت فيه أن وحدة مصرية تضم ١٨ طيارا ينتمون إلى تشكيل مروحيات وأربعة ضباط مصريين برتبة لواء التحقوا بمقر هيئة الأركان السورية منذ نحو شهرين.
بتصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم في 20 نوفمبر / تشرين الثاني 2016 ، الذي اعتبر فيها أن ثمة تقدما في الخطاب المصري تجاه الوضع السوري وأن الرؤى ما بين الجانبين ينقصها قفزة صغيرة حتى تتطابق. وأثار تقرير السفير حالة من الجدل بشأن وجود طلائع عسكرية مصرية على الأراضي السورية. وسرعان ما انتشر بشكل واسع وسم (السيسي يدعم بشار على موقع تويتر) ، انتقد فيه المغردون دعم مصر لقوات الأسد. وكتب أحدهم أن السلطة في مصر تتملص من أية مسؤولية أخلاقية نحو المدنيين السوريين وتدعم روسيا لمصلحة بقاء الأسد في السلطة. ويحاول الخطاب الاعلامي في مصر تسويق السياسة الخارجية للسيسي تجاه الأوضاع في سوريا باعتباره رجلا عسكريا يدعم "الجيوش الوطنية" فقط ولا يمكنه تقديم الدعم للمعارضة المسلحة . في السياق نفسه أكدت الصحيفة الروسية "أزفستيا" ماتردد من أنباء عن وجود عسكريين مصريين على الأراضي المصرية. وهو ما نقلته وكالة تسنيم الإيرانية. إلا أن الكرملين نفى أن يكون لديه معلومات حول مشاركة عسكريين مصريين في المعارك داخل سوريا إلى جانب الجيش السوري. من جانبها نفت وزارة الخارجية المصرية ما تردد عن إرسال قوات مصرية إلى سوريا للمشاركة في الحرب الدائرة هناك. وأفاد بيان للخارجية أن "هدف الترويج لتلك الشائعات معروف ولا يخفي على أحد"، مؤكداً على أن "هناك إجراءات دستورية وقانونية ينبغي اتخاذها قبل إرسال أي جندي أو معدة مصرية خارج حدود الدولة ".
يقول محمد بلوط الكاتب الصحفي بجريدة السفير - والذي قام بنشر تقرير صحفي يفيد بوجود عسكريين مصريين على الأراضي السورية - أن الطلائع العسكرية المصرية الموجودة في سوريا لا تشارك في جبهات القتال . و حسب تقارير أن المناورات العسكرية الأخيرة بين مصر وروسيا تحاكي عمليات جارية على الميدان في سوريا . و أن الوجود المصري يبعث برسائل سياسية تعبر عن طموح القاهرة للعب دور فعال في الملف السوري . وأعتقد أن مصر تتخذ من بيروت منصة للاطلاع عن قرب على ما يجري في سوريا ، ودلل على ذلك بتعيين نزيه النجاري سفيرا لمصر في لبنان سبتمبر الماضي والذي كان يرأس الوفد الدبلوماسي المصري بمفاوضات جنيف حول الأزمة السورية.
من ناحية أخرى رفض العميد محمد سمير المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية التعليق على تقارير تحدثت عن وجود عسكريين مصريين في سوريا ، واكتفى بالتأكيد على نفي وزارة الخارجية . أشار سمير إلى أن أي مشاركة لقوات مصرية خارج حدود الدولة ليست من سلطة وزارة الدفاع وإنما تتم عن طريق مجلس النواب . وعقب اللواء يحيى الكدواني وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب أن إرسال قوات مصرية لسوريا لن يتم إلا تحت مظلة الأمم المتحدة . واستبعد الكدواني فكرة أن تشارك مصر عسكريا في عمليات ميدانية على الأراضي السورية. وأشار الكدواني إلى أن ثمة تنسيق دائم مع نظام الأسد في سوريا باعتباره النظام الرسمي والذي جاء عبر انتخابات حقيقية، مضيفا أن مصر لا تعترف بأي فصائل معارضة مسلحة. وألمح وكيل لجنة الدفاع بمجلس النواب أن مصر لديها عناصر استخباراتيه في سوريا والعراق ، باعتبار أن ما يجري في كلا البلدين أمن قومي عربي . وأضاف الكدواني أن أجهزة أمنية في بلاده تنسق مع نظيرتها السورية بشكل متواصل ، لبحث تقارير تفيد بارتفاع أعداد مقاتلين مصريين في سوريا بجانب المعارضة المسلحة.
وتجدر الإشارة إلى أن القاهرة استقبلت في 17 أكتوبر / تشرين الأول من العام الجاري أول زيارة علنية لمسؤول أمني سوري بعد دعوة رسمية تلقاها من القيادة المصرية ، وورد خبرها من دمشق بينما تكتمت القاهرة عليها وأفاد الخبر الذي نشرته وكالة الأنباء السورية أن رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي المملوك التقى مسؤولين أمنيين كبار، على رأسهم رئيس المخابرات المصرية اللواء خالد فوزي ، و لم يعلن عن تفاصيل الزيارة. وحسب المعلومات من العميد سمير سليمان مدير فرع الاعلام بالجيش السوري وبسؤاله حول ما إذا كانت وحدة عسكرية مصرية وصلت إلى الأراضي السورية أم لا؟ قال " لا أريد أن أعلق على هذا الأمر وأتركه للجانب المصري". وأضاف سليمان في حديث هاتفي من دمشق أن أي مشاركة مصرية ينظر لها كموضوع سياسي قبل أن يكون عسكري . وأضاف سليمان أن العلاقات بين الجيشين المصري والسوري قوية . ثم أردف قائلا : "نحن نعمل سويا على مواجهة " الإرهاب " ونرغب في تطور التعاون سواء كان سياسيا أو عسكريا". وأضاف "الحديث عن وجود عسكري مصري في هذا الوقت يعتبر مرحلة متقدمة".
يذكر أن الرئيس المصري دعى إلى دعم "الجيوش الوطنية" في سوريا والعراق وليبيا لفرض سيطرتها على أراضي دولها وإحداث الاستقرار فيها. وكانت مصر صوتت لصالح قرارين مختلفين في مجلس الأمن أكتوبر الماضي، أحدهما مشروع قرار فرنسي لوقف العنف في حلب، والآخر مشروع قرار روسي تعارضه السعودية .
من جهته تحدث الرئيس الاسد خلال لقائه مع صحيفة الوطن السورية قائلا " بالنسبة للعلاقات السورية المصرية خلال السنوات الأخيرة، وخاصة خلال فترة الحرب على سورية، لا شك في أنها انحدرت لمستويات متدنية وخاصة خلال حكم الإخونجي مرسي في ذلك الوقت، ولكن حتى في ذلك الوقت لم تصل لدرجة القطيعة، ليس لأن مرسي لا يرغب، أو «الإخونجية» لا يرغبون، ولكن لأن المؤسسة الأمنية العسكرية لم تكن ترغب في هذه القطيعة، فبقي هناك قنصلية تعمل بالحد الأدنى من الموظفين. طبعاً بعد زوال حكم الإخوان في مصر، بدأت هذه العلاقة تتحسن وهي مازالت في طور التحسّن، وكانت زيارة اللواء علي مملوك، والتصريحات الأخيرة للمسؤولين المصريين وعلى رأسهم الرئيس السيسي، هي مؤشر لهذه العلاقة، ولكن لم تصل للمستوى المطلوب، لأنها حتى هذه اللحظة محصورة بالإطار الأمني فقط. من جهة أخرى، هناك قنصليات، هناك سفارات لكن لا سفراء، لا زيارات على مستوى الخارجية، لا تشاور سياسياً. عملياً لا تستطيع أن تقول إن هذه العلاقة طبيعية حتى الآن. طبعاً لا معوقات من قبل سورية، نحن نريد أن تكون هذه العلاقة طبيعية، ومصر بالنسبة لنا هي دولة مهمة، ونتمنى أن تنعكس تصريحات الرئيس السيسي على رفع مستوى هذه العلاقة. في الوقت نفسه نحن نعرف بأن الضغوطات على مصر لم تتوقف سواء من الغرب الذي يريد منها أن تلعب دوراً هامشياً باتجاه محدد، أم من بعض مشيخات الخليج التي لم تدخل التاريخ، وتريد من دولة تحمل واحدةً من أقدم الحضارات في العالم أن تكون مثلها. لذلك أستطيع أن أقول إن العلاقة تتحسن ببطء، ولكن الأفق ما زال محدوداً بالإطار الأمني. ونتمنى أن تسأل الدولة المصرية: ما المعوقات؟ لا نستطيع أن نجيب نيابة عنها. ولكن نعتقد بأن الشيء الطبيعي أن تكون هناك علاقات كاملة كأي دولة. من غير المعقول أن يكون لدينا سفراء وزيارات من دول مختلفة أجنبية وعربية، وألا تكون العلاقة مع مصر بهذا الشكل. هذا بالنسبة لنا غير منطقي، وخاصة لو ذهبت إلى مصر اليوم وسبرت المشاعر الشعبية باتجاه سورية، فستجدها حارة جداً.. وأكثر من قبل الأزمة بكثير. والشيء نفسه طبعاً من قبل الشعب السوري.
الجدير بالذكر أن مصر قدمت مع دولتين اخريين مشروع القرار السيء لمجلس الامن اللي ينص عن وقف القتال في حلب دون ان يتطرق لانسحاب الارهابيين منها مما جعله يفشل بالفيتو الروسي - الصيني المزدوج حيث اعترف الناطق المصري ان المشروع كان متسرعا بضغوط مارستها دول غربية على مصر
د.اسامه اسماعيل.