على نهج الخطة الأمريكية التي وضعها مركز الأمن الجديد الأمريكي لمناطق متعددة في سورية ، الخطة الصهيونية باختصار هي تجميع لاجئين بعشرات الآلاف ثم مئات الآلاف في الجنوب السوري قرب الحدود مع الكيان لجلب اللاجئين اليها، ليس في معسكرات بل استغلال البنية التحتية مع اختيار اللاجئين المجمعين فيها جهازاً محلياً مستقلاً للحكم الديموقراطي، تكون نموذج لكل سورية!!
في العادة المتبعة والموجهة، يتحدث المسؤولون والخبراء الإسرائيليون، بحذر تجاه التدخل الإسرائيلي في سوريا، وتأتي المقاربة عامة، إلا ما يتعلق بالاستراتيجيات الكبرى التي تكون محل اهتمام خاص لمراكز الأبحاث والدراسات. ا
ان الأفكار والخطط التي يجرى تداولها إسرائيلياً حول «المنطقة الآمنة» للاجئين في الجنوب السوري، تشير إلى أين يمكن أن تذهب تل أبيب في مقاربة الساحة السورية، وفي سياقات هذه الأفكار والحديث عنها، ينكشف أيضاً ما كان مستوراً، حول هوية الجماعات المسلحة في سوريا.
تقرّ تل أبيب أنها تقدم العلاج الطبي للجرحى للجماعات المسلحة في مستشفياتها، وتقر أنّ عدد الجرحى المعالجين لديها بالآلاف. تقر أيضاً، أنها تزودهم بالمساعدات الغذائية و«البطانيات والحليب للأطفال»، كما ورد على لسان وزير الأمن السابق، موشيه يعلون. وتقرّ ايضاً، بحسب التقارير المنشورة في الاعلام العبري، بوجود تنسيق أمني واستخباري مع الجهات المسلحة في سوريا، ضمن تفاهم غير معلن لتحقيق المصالح المشتركة في وجه الاعداء المشتركين، ومن بينها منع الجهات الثلاث: سوريا وإيران وحزب الله، من الإضرار بالمصالح الإسرائيلية على طول الحدود. ويعلن العدو، أنّها راضي جداً عن الواقع الحالي، وتحديداً أداء المسلحين، ومن بينهم الجهات السلفية الجهادية، التي تؤكد أنها لم تطلق طوال السنوات الماضية، أي رصاصة بالاتجاه الإسرائيلي.
مع ذلك، الأصوات الصهيونية، من خبراء ومختصين، وما يجري تداوله في الغرف المغلقة بينهم وصناع القرار، يفيد بوجود خطط متبلورة ومغايرة حول التدخل في سوريا، لمواجهة التغير الممكن في الوضع القائم، أو استغلال لمتغيّرات فيه، تحقق أكثر المصالح الإسرائيلية. في هذا السياق، على سبيل المثال، صدر عن معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، قبل أشهر، دعوة واضحة لتغيير السياسة الحالية إزاء سوريا، والانتقال الى التدخل المباشر، وتحديداً ما يتعلق بالجنوب السوري من خلال فرض منطقة خاصة بإلكيان، ما يمكنها من لعب دور أفعل في تحديد المستقبل السوري، ومواجهة التهديدات المتمثلة في امكانية بقاء النظام في سوريا. هذه الدعوة، واصلت حضورها، حتى ما بعد التدخل العسكري الروسي، وكتب رئيس المعهد، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية اللواء عاموس يدلين، أن بالإمكان تنفيذ خطة التدخل المباشر، حتى مع الحضور العسكري الروسي، في حال استطاعت تل أبيب تلبية المصالح الروسية في سوريا.
في هذا السياق أيضاً، كشفت مجلة «ميكور ريشون» العبرية، عن خطة جديدة يجرى التداول فيها في تل أبيب، وحظيت بموافقة مبدئية من المسؤولين الإسرائيليين، حول إمكان استخدام اللاجئين السوريين، لإقامة حزام أمني في جنوب سوريا، بصورة معدلة في الشكل، عن صورة الحزام الأمني السابق في جنوب لبنان.
في مقابلة حديثة أجرتها المجلة مع رجل الأعمال الإسرائيلي «موتي كاهانا»، رئيس منظمة «عماليا»، وهي منظمة «إغاثة» إسرائيلية للاجئين السوريين، تستخدمها تل أبيب للتدخل غير المباشر في سوريا إلى جانب «البطانيات والحليب»، أشار كاهانا إلى وجود «خطة إنسانية» يجري العمل على بلورتها حالياً، لإقامة «منطقة آمنة» في الجنوب السوري، حيث يتجمع فيها اللاجئون لـ«تلقي المساعدات». ويلفت الى ان «المنطقة تتعلق، كمرحلة اولى، بمنطقة محمية وآمنة تقام على عرض عشرة كيلومترات من شرق الحدود الاسرائيلية، وبطول عشرين كيلومتراً من القنيطرة جنوباً، مع اختيار اللاجئين المجمعين فيها جهازاً محلياً مستقلاً للحكم الديموقراطي، يشكّل أملاً لتعميمه لاحقاً نحو كل سوريا».
يكشف كاهانا أن الخطة موضوعة على طاولة جهات إسرائيلية رفيعة المستوى، و«اجتمعنا لهذه الغاية مع وزراء واعضاء كنيست اسرائيليين، وتلقينا منهم ردوداً ايجابية». وحول تفاصيل أكثر للخطة، يشير كاهانا إلى أنّ «الاتجاه بأن لا نقيم معسكرات لاجئين ضمن خيم، بل استغلال البنية التحتية الموجودة في المنطقة المحددة لجلب اللاجئين اليها، خاصة مع وجود 20 قرية قائمة حالياً فيها، يمكنها ان تستوعب عشرات الآلاف من اللاجئين، ومئات الآلاف في المراحل اللاحقة». ويكشف أيضاً عن النواحي الامنية للمنطقة المقصودة، فيشير إلى أن اللاجئين انفسهم هم المسؤولون عن أمنهم، فعليهم أن يختاروا ممثليهم ومن يدافع عنهم وعن حدود المنطقة، من بينهم.
البارز أيضاً في حديث كاهانا، الكشف عن خطة شبيهة بالخطة الحالية للجنوب السوري، عمل على تنفيذها في منطقة مدينة ادلب في شمال سوريا، إلا أنها منيت بالفشل نتيجة ما قال إنه تردد وفشل لسياسة الإدارة الأميركية هناك، معرباً عن أمله بأنّ نتيجة الخطة الموضوعة للجنوب السوري مغايرة. وقال: «بدأنا العمل في منطقة ادلب، وأرسلنا إلى هناك سلاحاً للمتمردين وإمدادات إنسانية، وكان التوجه والأمل في النتائج مبنيين ايضاً على إمكان التدخل الاميركي السريع للإطاحة بنظام (الرئيس السوري بشار) الأسد. لكن كلما مر الوقت كلما أجّلت إدارة (الرئيس الاميركي باراك) اوباما خطوطها الحمراء إلى أن انتهت الإمدادات. انتقلنا الى جانب آخر، وسرنا سوية الى جانب (تنظيم القاعدة في سوريا) جبهة النصرة… الوضع في سوريا متقلب، والشعب ينتظر من يساعده».
«الإغاثة» من سوريا إلى اليمن
رجل الأعمال الإسرائيلي – الاميركي، موتي كاهانا، يترأس منظمة «عماليا» لإغاثة اللاجئين السوريين، وتنشط منذ سنوات داخل مخيمات اللاجئين في تركيا والأردن، وأيضاً في الداخل السوري. وتعد إحدى الادوات غير المباشرة للتدخل الإسرائيلي في الساحة السورية. وأمس، اشارت صحيفة «معاريف» إلى أنّ منظمة «عماليا» وسعت نشاطها ليشمل ايضاً الساحة اليمنية، من بوابة الغوث ومساعدة اللاجئين ايضاً.
«عماليا»، وهي «منظمة انسانية» صهيونية، تهدف بشكل معلن الى مساعدة وتعزيز الجسور القائمة بين إسرائيل وما يسمونه «الشعب السوري والثورة السورية»، وتحديداً ما تصفه «معاريف» بالجهات الصديقة ل"اسرائيل" مثل «الجيش السوري الحر»، لافتة إلى أنّ المساعدات التي تتلقاها هذه الجهات، تتعلق بالمعونة الطبية والغذائية و«حتى أيضاً الذخائر الحربية»، مع الإشارة، بحسب «معاريف» إلى أنّ «ليس هناك لفتات انسانية من دون توقع شيء في المقابل».
وكان كاهانا قد اشار في حديث لصحيفة «يديعوت احرونوت» أنّ «دخول سوريا بالنسبة لي هو كالدخول إلى تل ابيب»، في اشارة منه الى سهولة التواصل والتواجد المادي والتجوال في المناطق التي تسيطر عليها «الثورة السورية» بحسب تعبيره. وكشف كاهانا أنّه «تبرع» بمئة ألف دولار من أمواله الخاصة لـ«الجيش الحر»، وأن الاموال التي يجبيها من تبرعات لـ«رجال أعمال إسرائيليين»، وأيضاً من تبرعات خاصة يتلقاها من منظمات يهودية أميركية وإسرائيلية وأماكن العبادة اليهودية في الولايات المتحدة، مخصصة لمساعدة «الثورة السورية»، وقال «انا مكلف بنقل هذه التبرعات الى جهات ليبرالية في سوريا من الخيرين والاصدقاء