تنويه: بينما موقع آرام بريس يركز في مقالاته على حرب المصطلحات ولا يقبل بالمصطلحات الغربية الاستعمارية التي هي جزء من الاستعمار الثقافي وغسيل الأدمغة والايحاء وسنستمر على نهجنا هذا لا نتبدل ولا نتغير .. فاننا نعتذر هنا للأخوة القراء عن حرفية النص الواردة في هذه الحلقات فقد تعمدناه من أجل المصداقية في الترجمة ..كما وجب التنويه أننا نرمي من سرد تفاصيل هذه الوثائق الأمريكية بحرفيتها أخذ العلم بما يخطط العدو من أجل العمل كأفراد وقيادات ومخططين استراتيجيين في دول محور المقاومة على احباطها وافشالها وكذلك نسعى من نشرها الى حفز الهمم لدى الطبقة الواعية المثقفة من أبناء شعبنا ممن وقف بكل جرأة ووطنية وبسالة الى جانب الوطن وكذلك نضعها بين أيدي كل من اصطف معارضا منذ بدايات الأحداث وما زال .. فقد آن الأوان أن يعي خطورة المرحلة ويقف في المكان الصحيح ونحن كلنا ثقة على قدرة شعبنا على اعداد الخطط المعاكسة في المواجهة التي تفشل هذه المخططات القذرة المرسومة بعناية فائقة لسورية والعراق والمنطقة لتكون تحت أقدام جنودنا البواسل ورفاقهم من رجالات الوعد الصادق .. مع تحيات موقع آرام بريس
ذكرنا في الحلقة الأولى ظروف نشأة مركز الأمن الجديد في الولايات المتحدة وكيف صعد بسرعة خلال سنوات قليلة ليحتل الصدارة بين مراكز الأبحاث ويجد الأذن الصاغية لدى الادارة الأمريكية الحالية في توصياته الناتجة عن دراساته ذات الطابع العسكري والاستراتيجي . وذكرنا أيضا في الحلقة الثانية نبذة عن المؤلفين ثم الملخص التنفيذي كاملا لهذه التوصيات علما أنها صدرت قبل اربعة أسابيع اي في شهر حزيران يونيو الماضي .. تركز الحلقة الثالثة على الفصل الأول من هذا التقرير ويحمل الفصل عنوان نهج جديد : وهو نهج يقترحه الباحثون في مركز الأمن الجديد (وهم يمثلون اللوبي العسكري الصناعي في الولايات المتحدة ويجدون أذن صاغية في الادارة الأمريكية ) على ادارة أوباما الحالية بعد ايضاح نقاط ضعف النهج الحالي لادارته في ما يخص ادارة الصراع في كل من سورية والعراق ويضعون هذا النهج أيضا على طاولة مكتب الرئيس الأمريكي المقبل للتنفيذ على مرحلتين اي في فترة ولاية الرئيس المقبل الأولى والثانية .. فما هو النهج الجديد المقترح تنفيذه؟.. هو باختصار دعم ما يسمى المعارضة المعتدلة في غرب سورية شمالا وجنوبا وطلب دعم سعودي تركي قوي هناك للمعارضة المسلحة مع التلويح باستعمال القوة بتوجيه ضربات أمريكية لقوات الجيش العربي السوري واسقاط طائراته ان قصف قوات ما يسميه الأمريكي مسلحين معتدلين وتنفيذ التهديد .. مما يعني تقسيم سورية الى دويلات بينما يعني النهج الجديد في العراق الالتفاف على حكومة بغداد ودعم قوات سنية محلية تختارها المخابرات المركزية الأمريكية وتسليمها مناطق داعش بعد تحريرها لينتهي ذلك بتقسيم البلدين العريقين سورية والعراق الى كانتونات طائفية تابعونا علما أن الترجمة هي حرفية لكامل الفصل
الفصل الأول - نهج جديد
نظرا لتعقيد الوضع في سورية والعراق، فان التحدي الأول في تطوير استراتيجية فعالة لمكافحة ISIS يتمثل في وضع إطار استراتيجي متماسك.
يبدأ هذا الفصل بتلخيص موجز للسياسة الحالية والتحديات المرتبطة بها ، ثم يصف التقييمات الرئيسية والافتراضات حول التحدي الذي يمثله ISIS، ومن ذلك يتم استنباط نهج شامل.
النهج الحالي ومحدوديته : بعد انقضاء خمسة عشر عاما على أحداث الحادي عشر من ايلول 11/9، عانى تنظيم القاعدة من خسائر فادحة ، ولكن التهديد الذي يمثله التطرف الإسلامي تحول وانتشر الى الويات المتحدة بطرق لا تزال خطيرة ، أن صعود ISIS و ظهورها كنواة دولة proto-state في قلب الشرق الأوسط يمثل خطرا واضحا وقائما على الشعب الأمريكي وكذلك على الشركاء ومصالحهم .
تسيطر ISIS على رقعة واسعة من الأراضي في شرق سوريا وغرب العراق مؤمنة الملاذ الآمن الذي يمكن للإرهابيين أن ينطلقوا منه او يقوموا بالهام هجمات خارجية . ان وجود الخلافة الإسلامية الوليدة تسمح ل ISIS بالمطالبة بعباءة قيادة التطرف الاسلامي العالمي واستقطاب المجندين الجدد للانضمام الى الحركة .
(الحرب الأهلية) في غرب سوريا والتي تمتد من درعا إلى حلب تسببت في مقتل 300 الى 500 ألف شخص ، هجرت أكثر من 11 مليون منهم 5 مليون لاجئين خارج سورية ، وتسببت في أضرار في اقتصاد البلاد والبنية التحتية تقدر ب 200 مليار دولار .
وبينما ISIS كانت أقل الأطراف المحورية في هذا الصراع فان الحرب قد خلقت فراغا أمنيا وفراغا في الحكم كان حاسما اذ أنه مكّن داعش من الاستيلاء على الأراضي والاحتفاظ بها .
أصبح الصراع حربا بالوكالة ، حيث: روسيا، إيران، تركيا، العربية السعودية، الأردن، الولايات المتحدة، وغيرهم الكل يسلّح ويدعم جهات فاعلة مختلفة ، وروسيا تطلق التدخل العسكري المباشر في سبتمبر 2015 .
هذه الحرب قد تسبّبت بواحدة من أسوأ أزمات اللاجئين في العصر الحديث ، وقد ولّدت ضغطا هائلا على تركيا، الاردن، لبنان، والاتحاد الأوروبي وأوجدت الأرضية لمجموعات متطرفة عديدة ، بالإضافة إلى نشوء ISIS .
استعادة الأراضي التي تسيطر عليها داعش:
استجابة لهذه التحديات، أعلن الرئيس أوباما في سبتمبر 2014 عن خطة لتفكيك داعش - وتدميرها في نهاية المطاف .وقد أحرز نهج الادارة حتى الآن مكاسب تمثلت في تقهقر “ISIS " عن 40 في المئة من الأراضي التي تخضع لسيطرتها ، وخاصة في المناطق الكردية في شمال شرق سوريا، كما بدأت استعادة الأراضي من ISIS في غرب العراق - وعلى الأخص في الرمادي، ولكن أيضا في سنجار وHit .
وقد استند النهج الحالي على تسليح وتقديم المشورة للقوات المحلية وتزويدها بالدعم الجوي بهدف استعادة السيطرة على الأراضي، في حين أن استهدفت قوات العمليات الخاصة الأمريكية ، والقوة الجوية بشكل مباشر قيادات ISIS، قوافل النفط، مخازن المالية، ومواقع أخرى .
ولكن بقي النهج الحالي، محدوداً في عدة اتجاهات مهمة ، الأهم من ذلك، أنه اعتمد بشكل كبير على القوات البرية التي هي في سوادها الأعظم كردية وشيعية: (مقاتلي البشمركة الكردية العراقية، وحدات الحماية الشعبية (YPG)، والتي تتأثر بشدة بايديولوجيا حزب العمال الكردستاني (PKK)، وقوات الأمن العراقي الشيعية بالدرجة الأولى) . لقد كانت هذه القوات فعالة للغاية في استعادة السيطرة على الأراضي الكردية والشيعية من ISIS، أو الأراضي التي يمكن أن تستخدم كقاعدة لإطلاق هجوم كبير على المناطق الكردية والشيعية . ومع ذلك، من المرجح أن تكون أقل دفعا بكثير في قلب المنطقة السنية التي هي جوهر الأراضي التي تسيطر عليها ISIS : وتضم مدن الرقة، دير الزور، والموصل. وعلاوة على ذلك، فمن غير المرجح أن يقبل السكان المحليون بهذه القوات خوفا من عمليات القتل الانتقامية أو التطهيرالعرقية .
وحتى لو استعادت هذه القوات المناطق السنية، فانه اذا لم يكن هناك قوة أمن محلية سنية فعالة للسيطرة عليها بعد ذلك، فإن النتيجة المحتملة هوأن تتم ممارسة سياسة الالغاء مع السكان السنة وعودة ظهور ISIS أو بدائل متطرفة أخرى .
في العراق، استندت الاستراتيجية الحالية في المقام الأول على العمل من خلال الحكومة المركزية العراقية على تدريب قوات لاستعادة الأراضي، بما في ذلك إمكانية أن توفر قوة حرس محلية سنية الأمن المحلي في الأراضي التي يتم استردادها من ISIS .ولكن المنافسة الشيعية الداخلية، جنبا إلى جنب مع الطائفية المتجذرة في النظام السياسي العراقي، تقودان الحكومة العراقية أساسا الى تخريب أية جهود لبناء قوة من السنة.
ومن غير الواضح أن حكومة بغداد ستكون في يوم ما على استعداد لدعم مثل هذه السياسة، كما أن الحكومة العراقية تسعى جاهدة الى الحد من حجم القوة الأمريكية في الحملة ضد ISIS.
منذ بدء حملة مكافحة ISIS في سبتمبر من عام 2014، فان الدعم العسكري الأمريكي تم تحديده للغاية وتم رفع مستواه فقط بشكل بطيء ، الأمر الذي أدى إلى ملاحظة أن جهود الولايات المتحدة : زاحفة بالتدريج .
ان عدم وجود مستشارين للولايات المتحدة في المعارك مرابطين مع الوحدات القتالية للشركاء في الخطوط الأمامية ، على سبيل المثال ، قد أدى الى تقدم أبطأ مما هو ضروري في سير المعارك .
علاوة على ذلك، فان عدم وجود تفويض من السلطات الأمريكية للعمليات العسكرية في شرق سوريا، و تحديد سقف للعدد الإجمالي للعاملين في العراق وسورية، كل ذلك يحد من فعالية العمليات العسكرية الأمريكية ضد ISIS .
منذ بدء حملة مكافحة ISIS في سبتمبر من عام 2014، فان الدعم العسكري الأمريكي تم تحديده للغاية وتم رفع مستواه فقط بشكل بطيء ، الأمر الذي أدى إلى ملاحظة جهود الولايات المتحدة بانها زاحفة بالتدريج .
ردا على الحرب الأهلية السورية : قاد وزير الخارجية كيري جهودا دولية أدت في فبراير 2016 إلى وقف الأعمال العدائية التي خفضت إلى حد كبير من عدد الضحايا المدنيين في أجزاء من البلاد. ومع ذلك لا يزال القتال مستمرا بلا هوادة في مناطق أخرى، تتضمن بعضها المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية الأكبرمثل حلب ودمشق . وقد دعمت الولايات المتحدة وسلّحت بعض الجماعات المناهضة للأسد في غرب سوريا – أبرزها الجبهة الجنوبية، (التي تسيطر على مساحات من الأراضي بالقرب من الحدود السورية الأردنية والسورية-الإسرائيلية) - ومجموعات صغيرة مختارة في جميع أنحاء شمال غرب سورية . لكن التركيز الأساسي الاجمالي العام لجهود الولايات المتحدة كان مركزا أكثر بكثيرعلى مناطق سيطرة داعش .
هذا النهج فيه عدد من المشاكل.
* عدم اعطاء الأولوية للحرب الأهلية السورية، والتركيز في المقام الأول على نواة الدولة: Proto-State ISIS وهذا يتجاهل حقيقة أن الصراع في سورية يخلق الظروف التي سيستمر بسببها ISIS . فإذا تم القضاء على نواة الدولة Proto-State في شرق سورية و غرب العراق فانه سيبقى هناك الفراغ الأمني والملاذات الآمنة للمتطرفين (مثل ISIS أو من على نمطها الايديولوجي كالقاعدة) الذين سيستفيدون من الوضع المنفلت للسيطرة على الأراضي و ليمثلوا تهديدا مستمرا .
* وعلاوة على ذلك، فإن العديد من الجهات الفاعلة الخارجية الرئيسية - بما في ذلك تركيا والمملكة العربية السعودية، وروسيا – تعطي الأولوية لنتائج الحرب الأهلية السورية على هزيمة ISIS او أنها ترى التحديات بنفس القدر من الأهمية. اذا كانت واشنطن تسعى الى تعاون هؤلاء في قتال ISIS – وهو شرط مسبق ولازم لهزيمتها – فإنه ستحتاج الى وضع حد للحرب الاهلية.
* عيب آخر في السياسة الأميركية الحالية في سورية هو أنها لا تتطابق مع الظروف على الأرض،والتي هي ظروف غير ناضجة لتسوية حسب تصور النهج الأمريكي لها . يفاوض نظام الأسد وداعموه من موقع قوة ، ويؤمنون أن استمرار الصراع لن يؤدي الا الى تعزيز سيطرتهم أكثر . وفي الوقت نفسه ، فإن المعارضة وبعض من داعميها الخارجيين هم ثابتون في معارضتهم الحازمة لأي اتفاق يمكن أن يترك الأسد في السلطة.
وأخيرا، فان الجماعات المتطرفة - وأبرزها تنظيم جبهة النصرة التابع للقاعدة وحليفتها الوثيقة حركة أحرارالشام الإسلامية – تشكلان بالمقارنة القوات المقاتلة والمسيطرة الأكثر فعالية في شمال غرب سورية وتشكلان ملاذا آمنا لمقاتلي الحركة الجهادية العالمية بينما تشعر العناصر الأكثر اعتدالا في المعارضة بأنه ليس لديها الكثير من الخيارات فتضطر الى التحول باتجاه تحالفات مع هذه القوى المتطرفة لمحاربة الأسد .
التقييمات الرئيسية:
تشكل نواة الدولةProto-State (ISIS) مركزا للجذب . وطالما أن ISIS تحتفظ بملاذ آمن فانها بامكانها التمتع بقاعدة انطلاق للتخطيط لهجمات ضد الو لايات المتحدة وحلفائها، وتقدم نفسها على أنها طليعة الحركة الجهادية العالمية للسنة . يعتبر تمسك ISIS بالارض ضروريا من أجل القدرة على مهاجمة الولايات المتحدة وشركائها. لقد تم تنفيذ هجمات باريس وبروكسل الأخير من قبل أعضاء في ISIS تلقوا التدريب والتلقين في سوريا وبدؤوا بالتخطيط للهجمات هناك قبل عودتهم الى أوروبا . تعتمد ISIS - في شرعيتها وطاقتها على التجنيد- على قدرتها على المطالبة بوجود خلافة إقليمية. تستخدم ISIS المطالبة بالخلافة وظهورها عنصرا أساسيا في رسالتها الى الحركة الجهادية العالمية . تجعل ISIS من القضية أنها حركة تصحيح تصنع عهدا جديدا في الاسلام حيث انها تتوجه نحو اعادة تنصيب حكومة اسلامية حقيقية لمحمد وأنصاره المعاصرين وورثته الحاليين . طالما ISIS مستمرة في الاحتفاظ بالأراضي وطالما أنها تحكم ، فان هذه الرسالة تحمل مناشدة للمجندين المحتملين . توفر نواة الدولة Proto- State ل ISIS أيضا الموارد وتتضمن الضرائب وايرادات النفط. ولذلك، فإن أي نهج يسعى لهزيمة ISIS عليه العمل على الغاء سيطرتها على الأراضي.
ستتمكن ISIS (نواة الدولة: Proto State ( من البقاء على قيد الحياة طالما العراق وسوريا واقعين تحت نيران الحروب الأهلية والصراع السياسي الطائفي. يشكل صعود ISIS العرض الأكثر خطورة لحالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط. لكن المصدر الحقيقي للفيروس الذي يصيب المنطقة هو الفراغ الأمني والفراغ في السلطة الناجمان عن انهيار الدولة وعن الحرب الأهلية. لقد أعطت (الحرب الأهلية ) في سوريا تنظيم القاعدة في العراق (AQI) - المجروح بعمق- فرصة العثور على قوة جديدة وقضية جديدة وتأججت في نهاية المطاف في العراق المحكوم من الشوفينية الشيعية. طالما استمرت الحرب الأهلية في سوريا والعراق فان ISIS أو تنظيم متطرف آخر بديل سوف يكون قادرا على إقامة ملاذات آمنة، جذب المقاتلين الأجانب، والاستمرار في تهديد الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها . لذلك، فان أية استراتيجية تضعها الولايات المتحدة يجب أن تسعى إلى وضع حد لهذه الحروب.
الصراعات في العراق وسوريا لديها ديناميكية مختلفة في مناطق مختلفة من كلا البلدين، وبالتالي لا يمكن أن تتم معالجتها الا من خلال استراتيجية تأخذ اختلاف هذه الديناميكيات في عين الاعتبار. يجب على الاستراتيجية الناجحة أن تجمع في وقت واحد المسرحين المنفصلين للصراع اللذين ظهرا في العراق وسوريا:
1 - ISIS التي تسيطر على أراضي شرق سوريا وغرب العراق . و 2- الحرب الأهلية السورية في الجزء الغربي من سوريا بين درعا وحلب.
كما يجب أن ننظر أيضا الى سوريا والى غرب العراق كعدد من المناطق المختلفة وتتضمن:
(1 ) ISIS التي تسيطر على أراضي غرب العراق
(2) ISIS التي تسيطر على أراضي شرق سوريا
(3) الأكراد الذين يسيطرون على معظم شمال شرق سورية
(4) شمال غرب سورية
(5) الدويلة التي يقودها العلويون في دمشق والجزء المركزي من سورية
(6) جنوب غرب سورية
كل منطقة من هذه المناطق تتطلب نهجا منفصلا من أجل تطوير هيكليات محلية للأمن وللحكم في كل منها تكون مقبولة من السكان المحليين وبالتالي تكون قابلة للاستمرار والبقاء بشكل دائم.
سوف يستمر القتال في مناطق سيطرة داعش في غرب العراق وشرق سورية حتى يتم تشكيل شبه مزيج من قوات( أمن محلية ومليشيات ذات بنية طائفية بحيث تكون مقبولة للسكان) تكون قادرة على تحرير الأرض والتمسك بها وعلى حكم تلك المناطق .
لقد تعلمت الولايات المتحدة بالفعل هذا الدرس بعد نجاحها في تهميش تنظيم القاعدة في العراق AQI في عام 2007 و 2008 إلا أننا نراه يعاود في الظهور مرة اخرى على شكل ISIS بسبب فشل الحكومة المركزية التي يقودها الشيعة في العراق في التصدي لمظالم السكان المحليين السنة .
إذا تمت استعادة غالبية الأراضي التي تسيطر عليها ( ISIS بواسطة المليشيات الشيعية الطائفية ، وبواسطة نظام الأسد الذي يسيطر عليه العلويون ، وبواسطة القوات الكردية السورية والعراقية) : فان هناك خطر كبير من عودة ظهور ISIS " " إما في شكلها الحالي أو كمنظمة خليفة لها .
وعلى المدى الطويل تعتبر التسويات السياسية الشاملة بين الطوائف الكبرى والمجموعات العرقية في العراق وسوريا أمرا ضروريا للغاية . ولكن من غيرالمرجح حدوثها في المدى القريب، مما سيجعل الضرورة الأولى هو استعادة الأراضي من ISIS مع الجهات السنية التي لا تشكل تهديدا للمجتمع الدولي والمقبولة من قبل السكان المحليين.
زعيم ISIS أبو بكر البغدادي يعلن عن تشكيل الخلافة في الموصل، العراق، في يوليو عام 2014. تستخدم ISIS مطالبتها بالخلافة
كأداة رئيسية لتجنيد الجهاديين على ستوى العالم، وذلك انها وضعت نفسها في مصاف الحركة التي تصنع عهدا جديدا في التاريخ الاسلامي . (ولاية نينوى / تويتر).
لا يمكن لاي من نظام الأسد أو المعارضة السيطرة التامة ولأجل غير مسمّى على غرب سورية ولن تنفق أية قوة خارجية الموارد لتحقيق النصر التام لأحد الجانبين .
صحيح أنه بدعم من التدخل الروسي ، عزز نظام الأسد قبضته على الدويلة الإقليمية في غرب سوريا، لا سيما في اللاذقية، طرطوس، حمص، ومحيط دمشق ، ثم بدأ بتوسيع هذه القاعدة الإقليمية شرقا نحو تدمر. ولكن بعد خمس سنوات من القتال لم يكن لدي النظام القوة البشرية أو القدرة العسكرية لاستعادة السيطرة على كل سورية .
وبالمثل، قوى المعارضة أيضا لم تكن قادرة على تحقيق مكاسب كبيرة في الأراضي التي ليس سكانها ديموغرافيا من المسلمين السنة .
هناك أيضا محدودية في استعداد روسيا لمساعدة النظام على استعادة سيطرته على كل الأراضي التي سقطت تحت حكم المتمردين في جميع أنحاء البلاد، كما يتضح من إعلانها أنها تشرع في سحب بعض من قواتها. بالرغم من العمليات العسكرية الكبرى المدعومة من روسيا في محيط مدينة حلب - أكبر مدينة في سورية- وبرغم امكانية هجوم في شرق سورية ضد عاصمة “ ISIS "المفترضة في الرقة، فان هناك حدود لقدرة روسيا على التدخل بطريقة من شأنها استعادة سيطرة النظام على جميع الأراضي السورية .
كما أنه لا يوجد أي دعم سياسي أو مصلحة للولايات المتحدة في شن عملية برية واسعة النطاق لوضع كل سورية تحت سلطة واحدة. لذلك، فان أي حل على المدى الطويل للحرب الأهلية في غرب سوريا لن يكون نصرا تاما من قبل جانب واحد ، ولكن بدلا من ذلك فانه سيكون بالتوصل إلى تسوية سياسية حيث يؤول الكثير من مسؤولية الأمن الى جهات محلية فاعلة على حساب قوة الحكومة المركزية. وليست المعارضة ولا نظام الأسد هم في وضع حالي من المحتمل فيه انفتاح أي منهما على الحل السياسي .
لقد خفض الاتفاق على وقف الأعمال العدائية - بوساطة كل من الولايات المتحدة وروسيا- خفض بشكل كبير أعداد الضحايا المدنيين وكان من المستغرب أن يصمد . وبينما هو بالاسم نافذ المفعول ، فانه مع ذلك يبقى هشاً ، فهناك مؤشرات ضئيلة على استعداد أي من النظام أو المعارضة لترك السلاح بشكل نهائي والاتفاق على عملية انتقال سياسي نظرا لاتساع هوة الخلاف حول دور بشار الأسد في عملية كهذه.
في عدد من المناطق الهامة، بما في ذلك داخل حلب وفي محيطها وفي ضواحي دمشق ، فان وقف إطلاق النار هو فاشل في الواقع. ولذلك، فإنه يتوجب على استرايجية الولايات المتحدة أن تغير ميزان القوى على الأرض وذلك من أجل تغيير حسابات الأطراف وايصالهم الى النقطة التي يمكن التوصل فيها إلى اتفاق عن طريق التفاوض. ان أي حل طويل الأمد للحرب الأهلية في غرب سوريا يجب ألا يقضي بنصر تام لأحد الجانبين وانما باتفاق سياسي فيه الكثير من مسؤولية الأمن تؤول الى جهات فاعلة محلية على حساب قوة الحكومة المركزية السورية .
وسوف تسعى الجماعات المتطرفة الأخرى لملء الفراغ في الأراضي التي يتم اخلاؤها من ISIS . لذلك فإنه لا يكفي مجرد القضاء على Proto-State ISIS ، فعلى واشنطن أن تضمن أنه مع نهاية الصراع في كل من سورية والعراق ألا تكون منظمات متطرفة مسيطرة على الأرض بحيث يمكنها تهديد الولايات المتحدة.
في هذا الصدد، فان التهديد الأكثر احتمالا هو جبهة النصرة - فرع تنظيم القاعدة في سوريا - وحلفاءها في المعارضة السورية المسلحة.
أنشأت جبهة النصرة ملاذا آمنا لها في سورية في محافظة ادلب بالتعاون مع حلفائها المتطرفين إيديولوجيا في المعارضة السورية المسلحة، وأبرزها حركة أحرار الشام الاسلامية ، وغيرها من الجماعات، ( وفي الآونة الأخيرة عبر ائتلاف جيش الفتح) .
من خلال المساعدة والتحريض على صعود نواة الدولة State- Proto لتنظيم القاعدة في شمال غرب سورية وتوفير غطاء مجتمعي لشبكات المقاتلين الجهاديين العالمية ، فان منظمات مثل حركة أحرار الشام الإسلامية، تشكل تهديدا مثلها مثل القاعدة.
يجب أن تكون هناك استراتيجية شاملة تلغي من قدرة أي جماعة متطرفة في سوريا و العراق على اكتساب ملاذ آمن يمكنها منه رسم وتنفيذ هجمات إرهابية ضد الولايات المتحدة وشركائها.
ليس ممكنا ايجاد حل دائم للصراعات في سوريا و في العراق من دون اتفاق بين الجهات الخارجية الفاعلة التي هي مصدر للكثير من الصراع. تواصل المملكة العربية السعودية ، قطر ، وتركيا بتقديم الدعم إلى الجماعات المتطرفة السنة داخل سورية ، وبالرغم من أن التحسينات في موقف تركيا مؤخرا ، فان الأخيرة قد فشلت في ضبط حدودها على نحو فعال ، فاستمر دعم ISIS وجماعات أخرى داخل العراق.
صحيح أن التدخل الروسي وطد نظام حكم الأسد ، ولكنه قوض ايضا العديد من الجماعات المتمردة المعتدلة داخل سوريا الذين كان ممكنا أن يسيطروا على أراضي ويقوموا بتوفير الأمن لبنى حكم مقبولة.
ان زج ايران بمجموعات الميليشيات الشيعية وكذلك دعمها المستمر للحكومة السورية فانها بالواقع قد زادت من مستوى العنف داخل سورية ، وكذلك أججت أجندتها الطائفية في العراق مزيدا من الصراعات وأدت الى نفور العراقيين السنة الذين هم ضروريون لقتال ISIS .
نهج جديد :
بالنظر الى الوضع الذي شرحناه أعلاه فان الهدف العام من الاستراتيجية الأميركية يجب أن يكون بشكل رئيسي خفض - وعلى المدى البعيد القضاء التام على - قدرة ISIS على تنفيذ والهام هجمات ضد الولايات المتحدة وشركائها . وهذا يتطلب من الولايات المتحدة وشركائها تدمير نواة الدولة Proto- State في العراق وسوريا.
بنفس القدر من الأهمية ولكن سيكون أكثر صعوبة في التحقيق هو منع عودة ظهور Proto-State بديلة أو عودة ظهرر جماعات متطرفة بديلة التي يمكنها السيطرة مجددا على الاراضي في العراق وسوريا. ولا يمكن أن يتم تحقيق ذلك إلا من خلال تعزيز الأمن والحكم المحليين وانهاء الصراع بطريقة تعالج مظالم السكان السنة في العراق وسوريا. هذا النهج يتطلب بذل الجهد في أربع خطوط رئيسية ..على الولايات المتحدة أن تقوم ب :
- بناء جماعات معارضة إقليمية متماسكة من الأسفل الى الأعلى
- زيادة الدعم العسكري المباشر للولايات المتحدة لمجموعات المعارضة وعمليات أمريكية مباشرة مكافحة للشبكات موجهة ضد ISIS.
- استثمار زيادة النفوذ الامريكي على الارض إلى نفوذ دبلوماسي مع الجهات الفاعلة الخارجية الرئيسية.
- السعي إلى تسوية سياسية مقبولة من كل الفئات المتوافقة وتهميش من لا يمكن التصالح معهم.
في الأراضي التي تسيطر عليها ISIS ، فإن هذه الاستراتيجية الجديدة لا تنطوي على تحول جوهري في استراتيجية الولايات المتحدة الحالية، ولكن يتطلب الأمر فقط بعض التصحيحات الرئيسية في المسار . الأكثر أهمية ، أن يتم الاستعداد لاعتماد الولايات المتحدة أنماط متقدمة من العمل العسكري سيتم اتخاذها في هذه الأراضي . وتؤكد هذه الاستراتيجية أيضا
قبل كل شيء على أهمية تدريب قوات الأمن المحلية على استعادة الأراضي التي تسيطر عليها ISIS . هذا يتطلب صبراً و واستراتيجية قد تستغرق عدة سنوات ، ولكنها تركز على بناء القوة المسيطرة الصحيحة وذلك على نقيض استعادة الأراضي من قبل قوات ستكون في نهاية المطاف غير مقبولة بالسبة للسكان المحليين. وهو ما يعني الاعتراف بالمحدودية بالنسبة للمقاتلين الأكراد السوريين ووجوب توفير المزيد من الدعم للمقاتلين العرب يمكنهم من السيطرة على شرق سوريا. وهذا يعني أيضا بالنسبة للعراق أنه بينما يعتبر مهما محاولة العمل من خلال الحكومة المركزية العراقية التي يسيطر عليها الشيعة ، فانه إذا أصبح هذا يسبب محدودية أكثر من اللازم في بناء قوة سنية عراقية، ينبغي عندها على الولايات المتحدة أن تكون على استعداد للنظر في التحايل (الالتفاف)على بغداد أو على الأقل أن تزيد الضغوط عليها لحثها على التغيير في السلوك.
في غرب سوريا، هناك حاجة إلى تحول أكثر جوهرية. بدلا من التركيز أولا على التوصل إلى اتفاق سياسي، يجب على الولايات المتحدة أن تساعد على بناء الأمن وهياكل الحكم من أسفل إلى أعلى. ينبغي التأكيد على تسليح وتدريب المجموعات المحلية التي هي مقبولة لدى الولايات المتحدة بغض النظر عما إذا كانوا يقاتلون الأسد أو ISIS ، والغرض من تلك الجهود
ليس مجرد الحاق الهزيمة ب ISIS وانما لكون هذه المجموعات تهمش الجهات المتطرفة الفاعلة الأخرى وتهيئ لسيطرة طويلة الأمد مع وضع أمني جيد، الأمر الذي يلغي امكانية وجود ملاذات في المستقبل للارهابيين ويهمش نفوذ تنظيم القاعدة ووجودها. وينبغي أن يشمل النهج الجديد أيضا وجود إرادة أكبر لدى الولايات المتحدة الأمريكية نحو استخدام التهديدات العسكرية القسرية، وإذا لزم الأمر: القيام بإجراءات عسكرية محدودة لردع نظام الأسد وروسيا لمنعهم من مهاجمة هذه المجموعات من الجو، وبالتالي خلق مساحة أكبر بالنسبة لهؤلاء المجموعات كي تزدهر وتسيطر.
ينبغي فرض التزام أكبر في تشكيل هذا الجهد على الأرض من قبل شركاء الولايات المتحدة الذين وضعوا أولوية اسقاط الأسد على التهديد الذي يشكله داعش ، وخاصة المملكة العربية السعودية وتركيا.
المشيعون في موقع النصب التذكاري لضحايا 13 نوفمبر 2015، هجمات ISIS في باريس، التي أسفرت عن مقتل 130 شخصا. وينبغي أن يكون هدف الاستراتيجية الامريكية السعي للحد بشكل كبير( وعلى المدى الطويل- القضاء ) على قدرة ISIS "لتنفيذ وإلهام الهجمات ضد الولايات المتحدة وشركائها (Mstyslav Chernov/Wikimedia)
على الرئيس الأمريكي القادم أن يسخر هذه المناشدة والرغبة الجيدة المبدئية لإدارة جديدة ( تحبذ غالبا اطلاق جهد دبلوماسي في وقت مبكر) إقناع المملكة العربية السعودية وتركيا بتنسيق جهودهما مع الولايات المتحدة في التسليح بشكل أوسع في غرب سورية ، وكذلك المساهمة بشكل اكبر في قتال ISIS .
مع مرور الوقت، فان هذين النهجين المزدوجين بازاحة واستبدال ISIS في الشرق وضمان قدر أكبر من سيطرة المعتدلين في الغرب سوف يدحران نفوذ المتطرفين عبر سوريا والعراق وتهيئان الظروف المناسبة لحصيل التفاوض السياسي في كلا البلدين .
في العراق، قوات محلية سنية أقوى قادرة على ازاحة ISIS يمكنها أن تزيد النفوذ السني في المفاوضات مع بغداد . مع مرور الوقت هذه القوة السنية يمكنها أن تساعد في تسهيل ترتيبات تقاسم السلطة في العراق والتي هي تعكس هذا الوضع الأمني الجديد على الأرض.
في سوريا، مع زيادة نفوذ وسيطرة القوى المعتدلة في كل من الشمال الغربي والجنوب الغربي، فانه مع الوقت يمكن لتلك القوى العمل في اتجاه التوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة حيث تبقى خليفة حكومة الأسد (التي يقودها العلويون) تسيطر على منطقة الوسط في غرب سورية ، التي احتفظ بها النظام طوال فترة الحرب، في حين تسيطرالمجموعات المحلية - عاكسة المزيج العرقي والطائفي المحلي - على أراضيها في شمال غرب البلاد وفي الجنوب الغربي.
وهذا يمكن أن يكون مقبولا لروسيا، التي ستبقى محتفظة بحليف (يتمثل بخليفة حكومة الأسد التي يقودها العلويون في غرب سورية) ، يعطي الروس موطئ قدم عسكرية وقاعدة بحرية في المنطقة. في الوقت نفسه، فان هذا من شأنه الحد من تهديدات المتطرفين لروسيا من أجزاء أخرى من سورية.
وقد يكون مقبولا لإيران، التي ستبقى محتفظة بعلاقتها بخليفة حكومة الأسد التي يقودها العلويون ، مع ترك الباب مفتوحا لخطوط اتصاللها مع لبنان .
وأخيرا، من المهم أيضا أن نلاحظ أن السؤال الأكثر صعوبة في هذا النهج هو ما إذا كان ممكنا التوصل الى اتفاقات سياسية تبقى فيها سورية بكاملها والعراق بكامله . قد تكون مختلف الأطراف متباعدة جدا. في هذه الحالة سيكون من المستحيل الحفاظ على سلامة أراضي العراق وسوريا.
ان الحصيل النهائي المفضل هو بقاء سورية بكاملها والعراق بكامله ، لأن تفكك الدول في كثير من الأحيان هو تجربة عنيفة لها عواقب لا يمكن التنبؤ بها، خصوصا للجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى – وأبرزها تركيا، التي تعارض بشدة ، قيام دولة مستقلة يسيطر عليها الأكراد. ولكن حتى ولو تفككت العراق وسوريا فان الاستراتيجية الموصوفة في هذا التقرير تبقى سارية .
يجب أن يكون الهدف الرئيسي سد الفراغ الأمني والفراغ في الحكم اللذين أديا الى :Proto-State ISIS، والى ملاذ آمن لتنظيم القاعدة ، والى سقوط جماعي للضحايا المدنيين ، والى زعزعة الاستقرار بتدفق اللاجئين.
يشكل تمكين القوات المحلية التي هي مقبولة من السكان الحاجز المانع الأساسي الذي يحول دون حدوث ذلك .
.
خاص سيريا-إن (شبكة آرام الاخبارية)/ الاعلامية د. ليندا نجار