بداية ابدأ بمقطع من اغنية الفنان ايمان البحر درويش قل يا قلم قل, اياك ان تخاف لحظة ندم, اصرخ ولم الناس, وافتح لنا الكراس (الدفتر), صفحة امام عيننا تقرا ضمائرنا, قل يا قلم قل. كما نود التنويه اننا في هذا المقال لا نتهم احد ولكننا نلقي الضوء على اسليب ملتوية يتبعها بعض التجار الذين يحصلون على موافقات لتمويل مستورداتهم من المصرف المركزي السوري, وبشكل خاص ما يتعلق باستيراد المواد الاستراتيجية التي لها علاقة بحياة المواطن اليومية ويعرفها الجميع ولن ندخل في تفاصيل تعدادها.
تعريف التاجر....... كلمة تاجر تتالف من 4 حروف حرف التاء يعني تائب وحرف الالف يعني امين وحرف الجيم يبعني الجريئ وحرف الراء يعني رحيم, ومن المعروف سابقا ان نسبة جيدة من التجار كانوا يملكون ويتمتعون بهذه الصفات, ومعلوم لدينا سابقا وحاليا ان التجار يقومون بعمليات التصدير والاستيراد, ولا بد من الاشارة الى انه مع بداية سياسة الانفتاح الاقتصادي للدولة السورية, والتي بدأت فعليا في عام 2003, ودخول الاستثمارات الى البلد, وخاصة الاستثمارات المالية من بنوك ومصارف خاصة تقليدية واسلامية وشركات تامين وشركات صرافة وتحويل اموال, وجدنا ان نسبة كبيرة من التجار والصناعيين والتجار الصناعيين او ابنائهم استثمروا في هذه المجالات واشتروا حصصا سهمية كبيرة لاستثمار فائض اموالهم التجارية وخاصة في مجال البنوك وشركات الصرافة وتحويل الاموال وشركات الخدمات المالية, من اجل الحصول على ارباح فائض اموالهم التجارية بعمليات بيع وشراء الاسهم, تماما كما استثمروا في بورصات الاغذية العالمية وعلى راسها بورصة القمح والسكر والارز وصولا الى بورصة النفط والمشتقات النفطية العالمية.
ومعروف لدى الجميع انه ومنذ بداية الحرب على سورية وفي سورية, وبسبب ظروف الحصار المفروضة على الدولة السورية في كل المجالات, كان للتجار دور هام في تلبية النداء الوطني اذا صح التعبير من اجل توفير الحاجات الاساسية للشعب السوري من مواد غذائية وادوية ومشتقات نفطية واقماح ودقيق للخبز وغيرها من المواد, ولكن يتبادر الى ذهن اي مواطن سؤال مهم وهو هل التاجر وخاصة المستورد يعمل فقط لمصلحة الوطن ام ان مصلحته مشتركة مع الوطن, طبعا ان مصلحة التاجر متشابكة مع المصلحة الوطنية العامة وفي كل الظروف لضمان هامش معين من الربح, ولكن هامش الربح تجاوز في في وقتنا الحالي وفي احيان كثيرة نسبة ال 50 وال 60% بل وصل في بعض الاحيان الى اكثر من 100%.
في ظروف الحرب والحصار المفروض على الدولة السورية نجد ان ارباح التجار بلغت حدودا كبيرة وكلها على حساب لقمة عيش المواطن الفقير البسيط المعتر, وهنا تجدر الاشارة الى ان نسبة الفقر والعوز في زمن هذه الحرب القذرة على بلدنا الحبيبة بلغت نحو 85% من مجموع الشعب السوري. ونجد دائما تبريرا من التجار ان غلاء الاسعار وخاصة غلاء اسعار المواد التي تمس حياة المواطن اليومية من ماكل وملبس ودواء يعود الى سعر صرف الدولار وانهم يضطرون لشراء الدولار من السوق السوداء من اجل الاستيراد, ولكن ما يدعو للسخرية ان الاسعار تبقى مرتفعة سواء ارتفع سعر الدولار واليورو او انخفض حسب تسعيرة المصرف المركزي السوري او حسب تسعيرة السوق السوداء.
تمويل المستوردات في زمن الحرب
يقوم المصرف المركزي السوري بتمويل المستوردات التي يرغب التجار المستوردون باستيرادها وفق معايير تعتمد على حصول التاجر على اجازة استيراد من وزارة الاقتصاد لاستيراد سلع معينة, وهذا امر لا غبار عليه, ولكن ما يثير الشكوك وخاصة فيما يتعلق باستيراد السلع الاستراتيجية, هو ان التاجر المستورد لا يقوم بالاستيراد من حساب ارصدته الخاصة بالعملة الصعبة والموجودة في المصارف الخاصة داخل سورية وخارجها, لكنه يقوم بالاستيراد مستخدما اموال الدولة السورية ممثلة بالمصرف المركزي السوري لاستيراد سلع استراتيجية معينة بموجب عقود بالتراضي مع مؤسسات الدولة, اي ان التاجر يحصل على اعتماد مصرفي مستندي معزز غير قابل للعزل والالغاء من المركزي السوري لتمويل عقد الاستيراد.
ماذا يحصل بعد حصول المستورد على الاعتماد المستندي من المركزي السوري:
هنا يقوم التاجر المستورد عند توقيع العقد بالتراضي مع مؤسسات الدولة بتقديم كفالة حسن تنفيذ بنسبة معينة من القيمة الاجمالية لقيمة العقد, ويحصل على الاعتماد المستندي لعملية الاستيراد, من المعلوم ان عملية الاستيراد لن تتم في ليلة وضحاها وربما تحتاج لمدة قد تصل الى 3 شهور لتنفيذها, وهنا تكون فرصة التاجر المستورد بان يقوم وبضمان الاعتماد المستندي الصادر عن المركزي السوري لتمويل عقد الاستيراد بالحصول على تسهيلات مصرفية او قرض قصير الاجل بالعملة الصعبة من اي مصرف يكون له فيه حساب مصرفي شخصي او حساب مصرفي لشركته ويعمل على التجارة والمضاربة بالدولار والعملة الصعبة في السوق السوداء, مما يؤدي الى ارتفاع سعر الصرف مقابل الليرة وخلال مدة تنفيذ العقد وعندما تصل السلعة المستوردة الى سورية يكون ايضا سعرها قد ارتفع بسبب المضاربة. مما يعني (منشار ياكل بالصعود والنزول) وهنا تزيد ارباح التجار المستوردين عدة اضعاف.
هل هناك طريقة اخرى؟؟..... نعم هناك طريقة اخرى....
ذكرنا في فقرة سابقة ان العديد من التجار لديهم حصص سهمية كبيرة في البنوك وشركات الصرافة وتحويل الاموال, ولكن سنتحدث عن البنوك الخاصة فقط, يقوم التاجر سواء كان مستوردا ام مصدرا بالحصول على قروض قصيرة الاجل وبالعملة الصعبة بحجة عمليات الاستيراد والتصدير وبضمان حصته السهمية او جزء منها اذا كان يغطي قيمة القرض قصير الاجل, وبنفس الاسلوب السابق وريثما تصل السلعة الى السوق يقوم التاجر بضخ المبلغ الذي حصل عليه على شكل قرض قصير الاجل من مصرفه بضمان حصته السهمية في السوق السوداء ويتلاعب بالدولار. وهنا تجدر الاشارة الى انه اذا قام 10 تجار من بين كل 500 تاجر بهذا العمل فاننا سنصل الى سعر الصرف الذي وصل الى 600 ليرة في السوق السوداء, وربما اكثر من ذلك بكثير.
زمن السماسرة انتهى.....
نقول هنا ان الدولة السورية وبموجب توقيع العديد من اتفاقيات التعاون الثنائي المشترك مع الدول الحليفة ايران وروسيا الاتحادية, ونخص هنا روسيا الاتحادية ومن خلفها جمهورية القرم وبيلاروسيا ودانيتسك, فانه يجب العمل على انهاء دور السماسرة المستوردين للعديد من السلع وخاصة السلع الاستراتيجية, وان يتم ابرام عقود استيراد السلع الاستراتيجية (دواء وغذاء ونفط ومشتقاته) مباشرة بين الدولة السورية والشركات الروسية وخاصة الشركات الحكومية بشكل مباشر وبضمانات المصرف المركزي السوري, على ان تضمن الاتفاقيات وصول هذه السلع الى ميناء الوصول في سورية بسفن روسية وخضوعها للتحاليل المطلوبة والمتعارف عليها والتي تضمن جودة السلع ومواصفاتها حسب العقود المبرمة.
ماذا عن الحلول الاخرى؟؟؟
هناك حلول اخرى تضمن تعزيز دور الدولة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية السورية وهي ان يكون هناك عدة تسعيرات للدولار في السوق يقرها المصرف المركزي السوري
بحيث يكون هناك سعر لدولار الاستيراد وسعر لدولار التصدير وسعر لصرف الدولار داخل سورية والذي يقوم المغترب او اي زائر الى سورية بجلبه معه وسعر لدولار الحوالات بحيث تكون اسعار تشجيعية مع مطالبة المصدرين بتعهد اعادة قطع التصدير.
ختاما نعيد ونؤكد اننا في هذا المقال لا نتهم ولن نسمح لانفسنا باتهام احد, ولن نطلب منع الاخوة التجار من الاستيراد والتصدير, ولكن قدمنا اضاءة على ما يقوم به بعض ضعاف النفوس واصحاب المصالح الضيقة لزيادة ارباحهم بطريقة غير مشروعة على حساب لقمة الفقراء ودموعهم وعلى حساب دماء شهداء وجرحى الجيش والقوات الرديفة, الذين لولاهم لما استطاع اي تاجر او رجل اعمال ان يقوم بتجارته وعمله. ونطالب من خلال مقالنا هذا ان يتم تعزيز دور مؤسسات الدولة ودخولها كمنافس قوي في السوق لكسر احتكار بعض التجار, وفي حال تم العمل بهذا فان الفائدة ستعود على الجميع وبدون استثناء وخاصة على الفقراء واصحاب الدخل المحدود, مما يعزز الامن الاجتماعي والاقتصادي للدولة وللمواطن السوري
للحديث بقية اذا كان في عمري بقية/ هبة قاسم...... يتبع تجارة العقارات والاستثمارات العقارية والدولار
الرحمة والنور لارواح الشهداء الأطهار