تصدرت الجامعات الأمريكية والغربية عموما مؤشر شنغهاي الخاص بتصنيف الجامعات عالمياً.
والتقرير الصادر هذا الأسبوع يبرز مدى الهيمنة الأمريكية والأنجلوسكسونية مقابل ثقافات أخرى مثل الصينية والروسية والناطقة بالإسبانية، وعاد العرب لتسجيل مراكز غير مشرفة نهائياً، وأصبح المؤشر الذي تصدره جامعة جياو تونغ، المرجع الرئيسي في العالم بشأن التصنيف الأكاديمي. ويعتمد على عوامل متعددة منها عدد الحائزين على نوبل من جامعة واحدة، وعدد المدرسين الذين حصلوا على جوائز عالمية في شتى العلوم وكم مرة يتم الإحالة على أبحاث جامعة معينة ونسبة المقالات المنشورة في المجلات العلمية المحكمة ضمن عوامل أخرى، وفق صحيفة القدس العربي.
وكشف التقرير الأخير قوة الجامعات الأمريكية، فقد جاءت ثماني منها ضمن العشر الأوائل و16 ضمن العشرين الأولى و48 ضمن المائة الأولى.
في هذا الصدد، تؤكد جامعة هارفارد في بوسطن قوتها الأكاديمية باحتلالها مجددا المركز الأول عالميا، متبوعة بجامعة ستانفورد في سان فرانسيسكو المركز الثاني وتحولت جامعة بيرلكي إلى الجامعة الثالثة عالميا، وقفزت كامبريدج البريطانية إلى المركز الرابع بينما تقهقر معهد ماساشويتس إلى المركز الخامس وبعده برينستون سادسا وأكسفورد البريطانية سابعة ومعهد كاليفورنيا ثامنا وجامعة كولومبيا في نيويورك تاسعا وجاءت جامعة شيكاغو عاشرة في العالم. وتبرز الهيمنة الأكاديمية الأمريكية كذلك في وجود 48 جامعة من هذا البلد ضمن المائة الأولى، بينما عادت الـ52 الأخرى إلى جامعات من بريطانيا وفرنسا وسويسرا واليابان وكندا وأستراليا وألمانيا.
ويبرز هذا التصنيف استمرار الهيمنة الأمريكية وقوة الغرب على باقي العالم وفي ما يتعلق بالعالم العربي، لم تحضر أي جامعة عربية ضمن المائة الأولى، لكن حضرت جامعتان سعوديتان وهما جامعة الملك عبد العزيز وجامعة الملك سعود ضمن التصنيف الواقع ما بين المائة والمائتين وحضرت جامعتان سعوديتان أخريان في التصنيف حتى 500. وما بين 200 الى 500 توجد معظم جامعات الثقافات والدول وخاصة تلك التي تصنف الآن بالصاعدة من جنوب إفريقيا والبرازيل وتركيا وسنغافورة.
والغياب العربي ملحوظ بشقه الخليجي الغني والشق الباقي المحدود الدخل. ونجحت الدول الخليجية في إقامة مهرجانات فنية ورياضية كبرى ولكنها عجزت عن الرفع من مستوى جامعاتها لأنها لم تستقطب باحثين مرموقين وتفتقر أحيانا لأرضية انطلاق صحيحة. في الوقت ذاته، يعود عجز الجامعات المغاربية وخاصة المغربية والجزائرية إلى مواردها الضعيفة والى فشلها في الحفاظ على الباحثين الذين عادة ما يقصدون فرنسا وكندا ومؤخرا الولايات المتحدة للبحث عن آفاق أحسن....الى هنا ينتهي الخبر
اما تعليقي عليه.. فهو أنه كثيرا ما تراودني وببالغ الحزن والأسى فكرة هجرة العقول .. افضل عقول السوريين والكلام ينطبق على المصريين أيضا. ومن قبل الحرب الحالية على سورية بعقود. معظم هذه العقول هي في الولايات المتحدة بالدرجة الاولى وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وكندا بالدرجة الثانية.. السبب الحقيقي هو المسؤولين والمتنفذين الفاسدين والرجعيين المندسين في مفاصبل دولة البعث وما قبل البعث مما يبرز حقيقة واقعية وهي هيمنة الفكر الرجعي والتعليم الديني على الحياة الاجتماعية السورية وذلك على حساب التقدم العلمي وانشاء مراكز الابحاث العلمية لكل الاختصاصات ومن نتائج سيطرة الفكر الديني والرجعي وتحالف هذا الفكر مع الفاسدين والمندسين الرجعيين نجد انه يوجد في سوريا ما يقارب من 400 ألف داعي وداعية للدين و 30 ألف مسجد ودار عبادة ومئات المدارس والمعاهد الشرعية التي تستنزف الكثير من ميزانية الدولة مقابل وجود مشفى واحد لعلاج السرطان في سوريا وهو مشفى البيروني ومقابل عدم وجود اي مركز للبحث العلمي والطبي والكيميائي والفيزيائي في الجامعات العامة وكذلك الجامعات الخاصة التي اصبحت تجارية بامتياز
لقد قدمت الدولة وخاصة في عهد البعث التعليم بمختلف مستوياته واللقاح والرعاية الصحية مجانا او بما يشبه المجان ولكن عندما ينهي الطالب دراسته الجامعية ويكون من المتفوقين تتخلى عنه الدولة ببساطة اي تسمح له بالهجرة بل وتدفعه دفعا الى الهجرة بتصرفات رعناء غير محسوبة النتائج الى الهجرة وان سافر بغرض التحصيل العلمي العالي نجد استنكافه عن العودة بعد اكمال تحصيله وذلك بسبب غياب المغريات والتهميش له ولمستواه العلمي الذي يدرك جيدا انه سيعاني منه عند عودته.. أو بغياب الروح الوطنية الحقيقية لديه .. وكل تلك العوامل بما فيها تنمية روحه الوطنية هي من مسؤولية الدولة والمدرسة والاسرة على حد سواء وهذا كله نتيجة تكامل مصالح الفاسدين مع مصالح الرجعيين المندسين في مفاصل الدولة وصنع القرار.
بالعودة الى الدراسة المنشورة أعلاه .. لنفكر قليلا ما هو سر تفوق الولايات المتحدة... انه بالدرجة الاولى هو بجذبها للعقول .. لو تمت متابعة دقيقة للجامعات ال 16 من 20 او ال 48 من 100 التي هي امريكية على مستوى العالم لوجدنا ان من قام بالابحاث او حصل على جائزة نوبل هو ليس امريكي المولد في معظم الاحيان ولكنه بالنهاية امريكي .. ونجد ان هذا الطالب مذ كان قي مراحل التحصيل الاولى من حياته عندما كان في الاعدادية او الثانوية في بلده الاصلي..نجده كان يعتبر الولايات المتحدة حلمه الكبير.. فالعرب عندما تصدروا الحضارة في العلوم في القرون الوسطى كان سرهم انهم عملوا على احتضان واجتذاب كل العقول بما فيها غير العربية وفعلا كانت معظم العقول التي ساهمت في اثراء الحضارة العربية الاسلامية من اصول غير عربية .. لقد ازدهرت الحضارة العربية في القرون الوسطى ايها السادة لذكائها في استقطاب كل العقول من كل البلدان التي كانت تحت سيطرة تلك الدولة الشاسعة الامتداد من اسبانيا غربا الى الصين والهند والفلبين شرقا ... فمتى يدرك العرب كدول اهمية اجتذاب وأهمية استيراد العقول بدل التفنن في تهجيرها وتصديرها ؟؟!! لو تمعنا في سورية الآن في 2017 وهي تلملم جراحها وتكاد تخرج من الحرب عليها منتصرة بدماء وجهود المخلصين من أبنائها وبصلابة وحكمة القائد بشار الاسد .. لوجدنا أن اكبر واخطر خسارة تعرضت لها وستؤثر على المدى البعيد لعقود هي ليست في الممتلكات وليست في الارواح..
كل هذه الأرواح غالية علينا ولا تقدر بثمن وكذلك التكلفة المادية كانت باهظة وباهظة جدا ولكن على المدى المنظور والبعيد هذا كله قابل للتعويض على مستوى شعب حي وعلى مستوى الوطن والاأمة السورية ولكن الذي سيترك آثاره على المدى البعيد و يجب وضع الخطط لتداركه من الآن هو هجرة العقول مما يعني اننا لعشرات السنين القادمة سنكون في وضع أسوأ مما كنا عليه قبل هذه السنوات السبع من الناحية العلمية وتدهور مستوى التعلم والتدريس وذلك لكل المراحل التعليم الاساسي والثانوي وصولا الى المستوى الجامعي والاكاديمي العالي وهنا نجد انه على عاتق الدولة - دولة البعث- التصدي جديا لهذه الكارثة فهي الأخطر وربما تكون هي الهدف الأخطر من الحرب على سورية أي تفريغ المنطقة من سكانها وتهجير اصحاب الخبرات والعقول النيرة من أبنائها..فيا دولة البعث علينا ان نعمل مجددا على انبعاث الامة السورية من جديد فالنصر على الارهاب المسلح وحده لن يكون كافيا ولن يكتمل النصر على الارهاب المسلح الا اذا انتصرنا على الفكر الرجعي والمتحالف مع المفسدين والفاسدين في مفاصل الدولة هذا النصر لن يتحقق الا بنهضة علمانية وعلمية شاملة تستقطب المبدعين والمخترعين وتعمل على انشاء مراكز بحث علمي لكل الاختصاصات وان يتم تعيين الشخص المناسب في المكان المناسب حسب تحصيله العلمي وعدد سنوات الخبرة في اختصاصه لا ان يكون مسؤول ومدير مركز تطوير المناهج الدراسية في وزارة التربية والتعليم حاصلا على شهادة الطب البيطري وهنا نجد في ذلك مهزلة كبرى.