السّادة المصرّين على قبول كلّ ما في صحيح البخاريّ لأنّنا نعمل بتأصيل وعلم، أرجو أن تجيبوا عن السّؤال التّالي ....
كيف تثبتُ عند الإمام البخاريّ، وهو شيخ الرّواة، صحّة أمرين متناقضين؟ ثمّ يرويهما في صحيحه بثقة مطلقة!!!.....مثلاً:
1ـ بينما يروي عن الصّعب بن جثامة أنّ النّبيّ محمد، أباح قتلَ أطفال ونساء المشركين في الحروب، ثمّ برّر عليه السّلام ذلك بأنّهم (منهم) وأنّهم لا حماية لهم… فإنّه يروي بعد ذلك مباشرة أنّ النّبيّ محمد وجد في إحدى المعارك امرأة مقتولة، فأنكر قتل النّساء والصّبيان.
2ـ في باب “الصّلاة في الكعبة”؛ ثبتَ لدى الإمام البخاريّ أنّ النّبيّ محمد قد صلّى فيها. ثمّ في الباب التّالي له مباشرة، ثبتَ لديه أنّ النّبيّ لم يدخل الكعبة ولم يصلّ فيها.وغير ذلك كثير.
طبعاً الاختلاف هنا ـ وهو اختلاف مُدرَك، يرجع إلى أنّ الصّحابيّ الذي قال إنّ النّبيّ دخل الكعبة وصلّى فيها، رأى ذلك بعينهِ فهو صادق؛ وكذلك الذي قال إنّه لم يدخل هو صادق، وذلك لأنّه لم يره، خاصّة وأنّه أكّد على أنّ النّبيّ كان يستره النّاس. من جهتي أقول: هذا ليس مشكلاً، ولكنّ المشكل هو أنّه على الرّغم من أنّ عمل الإمام البخاريّ لم يكن إلّا جمعاً لحوادث؛ وأنّه لا يستند إلى أيّة قاعدة علميّة سوى قيل عن قال، وسوى شرطية (لقاء وسماع الرّاوي “الثقة العدل” بمن وعمّن روى عنه ومثله)، وأنّه أثبت العديد من المتناقضات؛ بل والمناقضات للقرآن الكريم…. إلّا أنّ المشايخ يصرّون على عصمة الرّجل والأخذ بكلّ حرف نقله بدعوى أنّ كتابه أصحّ كتاب بعد القرآن!.
مشايخنا جعلوا القرآن بعد صحيح البخاري!!
وعلى فرض صحّة كلامهم هذا والمرتبة التي منحوها لكتابه إلّا أنّهم عكسوه؛ فجعلوا القرآن أصحّ كتاب بعد صحيح البخاريّ!! بدليل أنّه إذا روى البخاريّ كلاماً يخالف القرآن، أخذوا بكلام البخاريّ وتركوا القرآن بل وأمرونا بذلك!!. فإذا قال القرآن الكريم: “لا إكراه في الدين”، وقال البخاري إن الله أمر النبي محمد بقتال الناس لإدخالهم في الإسلام، يتركون كلام الله ويدافعون عن البخاري ويطبقون كلامه.
أقول: لاشكّ في أنّ جهد الرّجل مشكور، لكنّ الحاصد على الرّغم من عرقه وتعبه وجهده؛ وأنّنا نقول له شكراً ونعطيه أجراً.. لكنّنا لا نقبل أن نأكل قمحه مع حصيات دخلن كيسه الكبير في لحظة غفلة منه. معاً ننظّف طريق الرّبّ.
مركز فيريل للدراسات 18.08.2017 الشيخ محمد وليد فليون. باحثٌ في حوار الأديان وفقه المرأة.