في كل مرة تتواجه فيها الحكومة مع الإعلاميين يظن الإعلاميون أنهم أصحاب الحق في الانتقاد وتسجيل الملاحظات على الأداء الحكومي، إلا أن مشكلة الفائض في الإذاعة والتلفزيون، والتي أدت إلى تعدد اللقاءات بين الطرفين وتداخل الموضوعات ببعضها بعضا أعطى الحكومة هذه المرة المبادرة لتكون أكثر قوة في الحديث عن الأداء الإعلامي ومطالبته بطموحات جديدة للعمل وبأداء أفضل !
لماذا هذه الحالة التي استجدت في العلاقة بين الحكومة والإعلام، بالانشغال بمشكلة الفائض عن مشكلة الأداء الإعلامي وتجاوز الترهل، ولماذا الابتعاد عن جوهر التراجع في الإنتاج الدرامي العام للحديث عن مسائل إجرائية ؟!
لقد كشف الحديث الذي جرى أمس بين السيد عماد خميس رئيس الحكومة، وحشد كبير من وسائل الإعلام عن وجود مراوحة في القضايا التي جرى الحديث عنها في المرات السابقة، ومرد هذه المراوحة يعود إلى ظهور مشكلات لاعلاقة لها بتطوير الأداء الإعلامي وتجاوز الترهل فيه والمراوحة فيها، فيما تأجلت مسألة الحديث عن تفعيل الإعلام ودوره الوطني والاقتصادي والاجتماعي وحتى الترفيهي.. وهذا يعني أن كل النقاش الذي تم سيعاد ويكثف بنقطة واحدة : ما الذي سيحصل في الفائض؟ والجواب نفسه قدمه رئيس الحكومة : لاتراجع ، ولكن ..
يقول كثيرون إن الانقطاعات الدائمة في التيار الكهربائي خففت من حدة الانتقادات للأداء الإعلامي، فما يجري في هذا الأداء لا يشير إلى تحسن ذي معنى ولا إلى تغيير في آليات الخطاب، ولا حتى إلى تحديث في الأساليب ..
ولكي نكون واضحين طرحت هذه المسائل بملامسة من خلال المصارحة مع رئيس الحكومة وتتعلق المصارحة بالتردد في إنتاج برامج جديدة، والتردد في وضع توظيفات مهمة في الإنتاج الدرامي الذي لم يشارك مديره في التلفزيون في الاجتماع لأنه لم يدع،أجاب في اتصال هاتفي، فيما لم نوفق في الاتصال مع السيدة ديانا جبور المدير العام لمؤسسة الإنتاج الدرامي ..
فقد اجتمع في وزارة الإعلام مديرو المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة مع رئيس الحكومة، الذي قام بتحميل نقاط جديدة وعديدة للإعلاميين الموجودين من ناحية الشكل والمضمون ..
من ناحية الشكل .. جرى الحديث عن الابتعاد عن المحسوبيات في تعيين الموظفين واعتماد نظام المسابقات للتعيين , وتمت المطالبة بعملية تقييم للكوادر الإدرية الموجودة في مختلف المستويات وعادت الحكومة إلى قاعدة وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وهي قاعدة تمت الدعوة إليها قبل عشرات السنين، دون فائدة !
هذه المرة، فهم بعضهم منها تغييرات قادمة في المواقع الإدارية، ثم نفت مثل هذا الإجراء أوساط مطلعة، ولكن السؤال ظل ماثلا : هل نحن قادمون على عاصفة من التغييرات، ومن ستطال هذه العاصفة، وما أثرها على الأداء الإعلامي بشكل عام ؟!
ومن ناحية المضمون تذكرت الحكومة ووزارة الاعلام أخيراً ضرورة مراقبة مضمون الرسالة الإعلامية المقدمة فدعت إلى تشكيل فريق عمل يضم خبراء ومعنيين للعمل على إعادة النظر بكل ما يعرض على القنوات التلفزيونية من برامج ومسلسلات وأخبار ولقاءات ، وتقييمها فيما إذا كانت تحقق البعد الوطني..
فمن هم هؤلاء الخبراء، وهل سيتذكر من سيكلفهم القاعدة التاريخية عن الرجل المناسب والمكان المناسب؟!
كذلك حضرت الدراما ومشكلات الإنتاج على طاولة النقاش الإعلامي و لأهميتها في التأثير بمختلف شرائح المجتمع مع الدعوة لمراجعة آلية الإنتاج الدرامي في سورية والجهات الممولة له ، وخلق حالة حوار متطورة مع جميع الفرقاء المعنين بالإنتاج الدرامي من مخرجين ومنتجين وكتاب وتصويب الأخطاء إلى جانب لقاء الشركاء بالعمل من نقابة الفنانين لشرح آلية العمل والاستئناس بجميع الآراء في سبيل الوصول إلى قرارات سليمة وبالتالي مخرجات عمل أفضل..
وهناك جواب حكومي على موضوع أثير من قبل هو التأكيد على ضرورة التركيز على مشاركة الفنانين الوطنيين في الأعمال الدرامية وتفضيلهم عن أولئك الذي عملوا ضد وطنهم ..
لم نوفق في الاتصال مع السيدة ديانا جبور المدير العام لمؤسسة الإنتاج الدرامي التلفزيوني , وهذا ما دفعنا للاتصال بمدير الإنتاج الدرامي في الهيئة تميم ضويحي للاستفسار عن التقاطعات في أداء مديريته مع المؤسسة العامة للإنتاج الدرامي، وعما إذا كان هناك خطوات قادمة، فأخبرنا أنه لم يدع للاجتماع(!!) ، وأنه لم يبلغ بأي تفاصيل تتعلق بالإنتاج الدرامي في الهيئة الذي يعتبر مسؤولا عنه (!!) .
وبالنسبة لقضية الفائض فيبدو أن الحكومة ستعمل عن تصويب الأخطاء التي ارتكبت، ولم تعلن اللجنة المختصة حتى اللحظة من ارتكبها, في ضوء الوقائع والوثائق التي أثبتتها قوائم المنقولين حيث سيعاد الإعلاميون (الحاصلون على شهادة الإعلام ) وسيتم النظر في بعض الحالات الخاصة .. كالذين أمضوا وقتا طويلا في الخدمة في التلفزيون .
أما المفاجأة في الاجتماع فكانت في التركيز على ضرورة إعادة تفعيل الصحافة الورقية لدورها في تكوين الرأي العام و لكونها تشكل قطاعا اقتصاديا هاما وأبدت الحكومة استعدادا لمناقشة أي رؤى جديدة تخدم المشروع الاستثماري في المكتوب.
في مداخلاتهم.. طالب الإعلاميون بضرورة تسهيل حصول الإعلاميين على المعلومة وتفعيل المكاتب الصحفية لدى مؤسسات الدولة (( وكأن كل المطالبات السابقة لم تجد))!.
وعلى ما يبدو فإن أجواء الاجتماع الساخنة انتقلت إلى صفحات الفيسبوك فنشر مدير سوريانا وضاح الخاطر على صفحته تعليقا يقول : (لم يكن لديّ -في أيٍّ من اللحظات- إشكالٌ مع من ينطق بقناعته، حتى وإن خالفت قناعتي بالمطلق.
لكنني أشعر بأسىً كبيرٍ، عندما أسمع كلاماً يخالف ما يصرح به الشخص ذاته، في غير مكان، وغير حاضرين.. والسلام كل السلام، من الصابرين.
الوطنية شو تعريفا بالضبط؟)
ليجيبه مدير الإذاعة نايف عبيدات بطريقة غير مباشرة من خلال تاغ للإعلامي علاء مهنا على صفحته الرئيس الأسد قال ذات مرة تحت قبة البرلمان: من يعرف لنا السيادة سنرفع له القبعة. الأمر ذاته يسري الآن عن معنى الوطنية.. فبعض المسؤولين يطالبون بالتقييم وإسناد الوظائف تبعا لها…. ولمعايير ثانية تتعلق بالمهنية… ولذلك نرجو ألا يبحث أحد عن التعريف.. فالوطنية ممارسة وليست مصطلح)
كذلك هاجم المخرج مهران صالح على صفحته مديرة صوت الشباب كاشفا عن موقفها أمام رئيس الحكومة، فكتب: (سلوى الصاري الفاسدة المترهلة: استطيع ان اشغل الاذاعة ب 5 اشخاص فقط لا غير)..
كل هذه المعطيات تشير إلى سخونة الحوار الحكومي مع الإعلام ، وصعوبة تحقيق نتائج سريعة على صعيد واحد من أهم مؤسسات الدولة العاملة.