الاعلامي عماد قلعجي..... شركة اسمنت عدرا واعادة الاعمار
تكبدت الصناعة السورية خسائر متعددة بسبب الحرب وزادت العقوبات الاقتصادية العقبات أمام عملية استعادة البنى التحتية مما ساهم بتباطؤ عجلة الاقتصاد السوري بشكل عام .
معطيات أسهمت في تأجيل عملية التعافي الاقتصادي المتمثل بحركة إعادة الإعمار بصيغتها الخجولة , بسبب الاعتماد على الموارد المحلية المستنزفة أساساً، خاصة مع تصاعد سياسة العقوبات والحصار كأحد أهم أوراق الضغط الدولي على الدولة السورية.
فإذا انطلقنا من أن صناعاتنا الثقيلة (حديد التسليح - الكابلات الكهربائية -الاسمنت - مواد الاكساء الداخلي والخارجي) لاعب أساسي في إعادة إحياء المناطق المتضررة – صناعيةً كانت أو سكنية – وجب تسليط الضوء على هذه الصناعة و مدى قدرتها على تلبية حاجات السوق المحلي للمرحلة القادمة.
هنا تبرز صناعة الاسمنت بسبب اعتمادها بالدرجة الأولى على مواد محلية, ويشكل القرب من مناطق استخراج هذه المواد عاملاً حاسماً في تموضع هذه الصناعة و استمراريتها, و إذا أردنا أن نسلط الضوء على هذه الصناعة في سوريا نجد أن لها عدة مصانع موزعة جغرافياً ؛ تعتبر شركة اسمنت عدرا هي الأقرب للعاصمة دمشق و لكن هل بالفعل تلبي هذه الشركة احتياجات العاصمة و ريفها كونها المستهلك الأكبر لمادة الاسمنت بسبب التوسع العمراني الهائل حتى قبل بداية الأزمة .
تاريخياً تأسست الشركة 1974 وبدأت بالعمل فعلياً عام 1977 بخطين الاول و الثاني و تم إضافة خط ثالث 1983 بطاقة إنتاجية تصميمية لكل خط 1000 طن, حالياً أعادت الشركة تأهيل الفرنين الأول والثاني بطاقة بين 700- 800 طن يومياً و تقوم بتحضيرلإعادة تأهيل الخط الثالث عبر طرح عدة مناقصات للقطع التبديل .
حصة الشركة من السوق
لماذا لا يوجد انتاج للإسمنت الأبيض في سوريا ؟
تبلغ حصة الشركة 20% من سوق الاسمنت البورتلاندي العادي مقارنة بشركة اسمنت حماة التي تنتج ثلاثة أنواع إضافية هي السريع والآباري والمقاوم , يذكر أنه لا يوجد انتاج للإسمنت الأبيض في سوريا لأن المادة الأولية غير متوفرة و طريقة التبريد بالأفران تختلف عن تلك المطبقة في الشركات المحلية .
الطاقة الانتاجية
تعتبر الطاقة الانتاجية اليومية لشركة اسمنت عدرا 3000 طن / يومياً - 2500 طن بشكل أكياس و500 طن فرط - منخفضة مقارنةً بإنتاج شركة اسمنت حماة البالغة 5000 طن و شركة اسمنت طرطوس 5000 طن و شركة اسمنت البادية 5000 طن يومياً.
تتبع هذه الشركات عدا اسمنت البادية للمؤسسة العامة لصناعة الاسمنت و مواد البناء ( كقطاع عام ) و تصنع مجتمعةً من نسبته 75 % من الناتج المحلي لمادة الاسمنت حسب المواصفة القياسية السورية .
" لا تقوم الشركة بتوزيع إنتاجها بشكل مباشر بل عبر مؤسسة عمران حسب الاتفاق بين وزارة التجارة الداخلية ووزارة الصناعة الموقع بتاريخ 16/ 11 / 2020"
معوقات عمل الشركة
عن الانخفاض النسبي للإنتاج تحدث مدير عام شركة اسمنت عدرا المهندس هادي المحمد عن وجود عدة عوامل تؤثر على العملية الإنتاج
أولها الجانب البشري المتمثل بقلة الأيدي العاملة بسبب :
- عدم وجود بدلاء لأغلب الخبرات التي بقيت بالشركة منذ التأسيس بسبب التقاعد .
- ضعف الرواتب أدى لإنجذاب العاملين للقطاع الخاص .
- تسرب العمال خارج القطر
- وجود الكثير من الشباب في الخدمة الاحتياطية .
- صعوبة العمل نفسه بسبب ظروف العمل القاسية جسدياً و صحياً
مما أدى لانخفاض الملاك العددي للشركة من 1500 إلى 580 عامل موظف بكامل المديريات الفنية الانتاجية والادارية.
و ثانيها جانب فني : يشمل الصيانة واعتمادات تحديث خطوط الإنتاج و البنية التحتية القديمة للشركة, يضاف إليها الحصار الذي حال دون تأمين قطع الصيانة كون الشركات المصنعة لقطع التبديل هي شركات أوربية , فمثلاً في عام 2015 تعثر تنفيذ عقد وقع مع مجموعة فرعون لتطوير ولإعادة تأهيل خطوط الانتاج و حتى الآن لم ينفذ العقد ومازال يبحث من قبل هيئة تحكيم .
بالإضافة لمشكلة الطاقة : فاستبدال الغاز كمادة محركة أساسية للأفران بالفيول رفع تكاليف الإنتاج بسبب سعره المرتفع ناهيك عن تكلفة التحويل نفسها مع ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج من قطع التبديل وكرات طاحنة واستخراج و نقل المواد الأولية و مواد التغليف, مع تأكيد على أن تجاوز موضوع المديونية العالية لشركة عمران ساهم بشكل غير مباشر في تحسين الإنتاج من خلال ضمان تدفق الموارد للشركة .
ختاماً يمكننا القول أن الظروف الاستثنائية لعمل شركات الاسمنت بشكل عام, و شركة اسمنت عدرا بشكل خاص أثرت بشكل كبير على هذا القطاع الذي يعتبر جوهر عملية إعادة إحياء حركة البناء و اعادة الاعمار , فلا يمكننا الحديث عن عملية الإعمار من دون الحديث عن إعادة تأهيل قطاع أساسي يسد حالياً ما مجموعه 18 ألف طن يوميا من احتياجات السوق المحلي - الذي يعمل بالحد الأدنى - ب منتج ذو مواصفة ممتازة تشهد أسعاره ارتفاعات مستمرة !