في الوقت الذي كان فيه الاتفاق النووي الايراني ووعود الولايات المتحدة والغرب المتصهين برفع الحظر عن طهران حسب بنود الاتفاق .. ينعكسان ايجابا على الرأي العام في طهران وعلى الساحة السياسية بشكل طغى فيه التيار الاصلاحي الأقل عداء للولايات المتحدة والغرب والمنخرط بالتسويات معهم على حساب قضايا اقليمية لا يعتقد هو بأنها تمس بالأمن القومي الايراني في الصميم ونقصد هنا قضايا كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن حيث انخفضت الوتيرة الايرانية الثورية المعهودة في تحذيرات واضحة اللهجة ضد تدخلات الغرب وعملائه في شؤون العراق وسورية ولبنان على مستوى القيادة السياسية المتمثلة بالرئيس الايراني وفريقه والتي عهدناها غير مرة في شخص الرئيس السابق أحمدي نجاد لتقتصر تلك التصريحات المحذرة للغرب وعملائه الاقليميين من التمادي .. في أن الجمهورية الاسلامية لن تقف مكتوفة الايدي على قادة الحرس الثوري وبعض القادة العسكريين المحسوبين على التيار العقائدي اضافة الى محسن رضائي أمين تشخيص مصلحة النظام
في هذا الوقت .. الحساس جدا بالنسبة لسورية ولحزب الله اللذين يتصديان لقوى تكفيرية مدعومة من الغرب وعملائه الاقليميين هدفها استعمال هذه القوى في اضعاف او اسقاط النظام في دمشق واضعاف حزب الله كان دخول الروسي على الخط عاملا مساعدا في ترجيح الكفة نحو استعادة زمام المبادرة لتكون في صالح القوات المسلحة السورية و حلفائها على الأرض مستفيدة من الضربات الروسية المركزة التي كان لها دور فاعل في اضعاف التكفيريين واجبارهم على التراجع لتتحرر مناطق واسعة من ريف حلب واللاذقية وحماة وحمص ودرعا من قبضة التنظيمات الارهابية
لن ندخل هنا في حيثيات القرار الروسي بانسحاب القوة الرئيسية الروسية من سورية وأسبابه .. هل كان جزءا خفيا من الاتفاق مع الأمريكيين على تسوية سياسية ظهر جزؤها الأول فقط للعلن بشكل اتفاق لوقف اطلاق النار ويظهر جزؤها الخفي الآن في انسحاب القوات الروسية .. أم كان نتيجة ضغوط اقتصادية مورست من الغرب على الرئيس بوتين .. أم أن الانسحاب له غاية تكتيكية هو المساعدة او اجبار الأطراف المتفاوضة على الاتفاق على صيغة توافقية لحل سياسي سلمي
في كل الأحوال .. ومهما تكن الأسباب فانه يجب سد الفراغ .. ومن الواضح أن الأمريكي مخادع وسبق أن خدع الروسي في ليبيا
ولأن المعركة في سورية هي ليست بين سوريين وانما هي حرب متعددة الجنسيات على سورية تشارك فيها وتدعمها قوى اقليمية وغربية وصهيونية غايتها اضعاف سورية أو تفتيتها أو الهيمنة على قرارها المستقل
فان حجم المؤامرة وتعدد الأطراف الداخلة فيها يجعل من المتعذر ان تستمر هذه البلد في الصمود مهما بلغ حجم الدعم الذي يقدمه حلفاؤه له .. خاصة وأن الأطراف المتآمرة لن تقف عند حدود معينة في تآمرها لاسقاط الدولة السورية من سيناريوهات محتملة ستستفيد حتما من الفراغ الروسي من احتمال اشعال في لبنان وجر حزب الله الى مواجهة مع التكفيريين أو مع العدو الصهيوني على حدوده ليصعب عليه متابعة مهامه القتالية في سورية فيتم الاستفراد بالأخيرة .. أو في احتمال دخول قوات برية اقليمية معادية بحجة محاربة داعش أو بحجة فشل المفاوضات وتحميل الدولة السورية مسؤولية ذلك الفشل .. ومثله احتمال توجيه ضربات جوية من قبل القوات الجوية للتحالف منعزلة او مشاركة للهجوم البري المعادي..
وبينما يثبت للتيار الاصلاحي في الجمهورية الاسلامية ما يعرفه رجال ثورتها من أن موجة التهدئة مع الغرب واثبات ان ايران لا تسعى للقنبلة النووية لا يغير شيئا في سياسة الغرب تجاه ايران الثورة فالمطلوب هو رأس الثورة وعقيدة الثورة والثوريين والمطلوب هو درع الثورة الايرانية العسكري الصاروخي وليس نووي الجمهورية الاسلامية فقط.. وهو ما أثبتته المحاولة الأمريكية اليوم في مجلس الأمن لفرض عقوبات جديدة على ايران _ بدلا من رفع عقوبات _ بحجة مناوراتها الصاروخية علما أن تلك المناورات لا علاقة لها ببنود الاتفاق النووي مع الغرب ولا تخرق تلك البنود في شيء
يعلم العقائديون في الحرس الثوري وأمين تشخيص مصلحة النظام ومن ورائهم المرشد أن كل التحركات الاقليمية في المنطقة من استهداف للدولة السورية من خلال التكفيريين او من خلال تركيا او السعودية أو الغرب وكذلك استهداف حزب الله وكذلك استهداف العراق من قبل نفس تلك القوى انما مقدمة للوصول الى طهران للقضاء على ثورتها .. فالحزام الأمني الذي يحمي الثورة الاسلامية في ايران يمر اذن من دمشق وبيروت وبغداد وصنعاء .. ومن هنا .. فان وجود قوات الحرس الثوري وبالأعداد الكافية وبطلب رسمي من القيادة السورية يعتبر أمرا حاسما وضروريا للمساعدة مع رفاق الخندق في استعادة ما تبقى من حلب وريفها وأرياف حماة وحمص الى تدمر ومنها الى الرقة وأرياف الحسكة ودير الزور متزامنا مع انذار واضح للسعودي والتركي من أي استغلال للانسحاب الروسي في أن أي تدخل بري سيقود الى مواجهة عسكرية شاملة مع الجمهورية الاسلامية .. أما مسألة التخوف من تعرض قوات الحرس الثوري في سورية لقصف قوات التحالف فيمكن لجمه بانذار مسبق ان تلك القوات وجدت لمحاربة داعش والنصرة وأن أي قصف لها سيكون الرد عليه بالصواريخ في قلب تل أبيب ..
الدفاع عن طهران يمر من دمشق ومن بيروت .. يدرك العقائديون في الثورة الاسلامية هذه الحقائق ,,
الكرة الآن في ملعب طهران .. فهل يتخذ الايرانيون قرار المواجهة الحاسم
فقد بلغ السيل الزبى..