وضع هذه الخيارات الرئيس بشار الاسد أمام السوريين
وهناك من يجيب إن من وضعها هو الواقع الذي عشناه ونعيشه وشاهدناه ونشاهده من حولنا في المنطقة وعناد البعض وتعنُّته بعدم قبول الحوار والإستقواء العلني ، بل المطالبة العلنية بالتدخل الأجنبي وهذا الأجنبي لا يريد للشعب السوري أكل العنب وإنما يريد ذبح البلد ومُبرِّره أن من أبناء سورية هُم من طالب بذلك وهو يعتبرها فرصة تاريخية له لتدمير سورية (كرمى لعيون العدو الاسرائيلي) كما العراق وليبيا ، فآخر ما يهم هذا الأجنبي هو الدم العربي وحريته وكرامته !!
وهناك ايضا من سيقول : هذه خيارات تعني إما النظام أو الخراب ؟؟ وهناك ايضاً من يجيب أن هذا ليس صحيح لأنه بعد اكمال الاصلاح فليس النظام هو من سيقرر مستقبله بمفرده ، وانما الشعب هو من سيقرر ذلك من خلال صناديق الاقتراع ... واود هنا وفي هذا المفصل ان أخاطب كل سوري في الداخل والخارج ، معارض او موالي ، ان يضع يده على ضميره الوطني والوجداني وينظر في عيون أطفاله وعيون أطفال العراق ويتأمل في أي من هذه الخيارات ننتقل بسوريا الى بر الأمن والأمان ونصون وحدتها ومستقبلها ووحدة ابنائها ونحمي سورية التاريخ ،سورية تدمر وإيبلا وأفاميا وأوغاريت ... هل هو الخيار العراقي أم الليبي او اللبناني أم الخيار الذي طرحه الرئيس بشار الأسد ؟؟؟
وثانية أقول أن سوريا حالة مختلفة للأسباب التي سبق وأشرتُ إليها وفي مقدمتها دعم الشعب لمشروع الإصلاح ورفضه أي تدخل أجنبي ، بل له توصيفه لمن يطالبون بذلك (وهذه الغالبية من الشعب يجب بالمعايير الديمقراطية ان نحترم رأيها ) ولأن الرئيس الاسد لم يُغلِق أي باب أمام الحوار أو الاصلاح او الاعتراف بالمطالب الصحيحة والمحقة .... فكل الطرق والمفارق مفتوحة للإنتقال الديمقراطي والسلمي والحضاري نحو الجمهورية الثالثة ، والجميع يتباهى انه حضاري ، فلنترجم ذلك على ارض الواقع والممارسة وليجلس الجميع مع بعض للتحاور بشكل حضاري ثم الاحتكام الى صناديق الاقتراع بأسلوب حضاري ، وهكذا نبني سوريا المستقبل والحضارة... سوريا لجميع ابنائها.... سوريا التي يتحمل الشعب كله فيها المسؤولية من خلال الإختيار الديمقراطي والحر لكل من سيمثله ويتبوأ موقع المسؤولية ....سورية حرية التعبير ورفع الصوت في وجه كل مسؤول يصاب بالنرجسية وعشق الذات متوهما أنه لا يُشَق له غبارا ، سوريا التي لامكانة فيها لمسؤول غير مسؤول ويتسم بالتعالي والغرور ويشيد الحواجز بينه وبين الناس ويقود مؤسسته من خلال الهمس والوشايات والكيديات والتقارير، ولا يتواصل مع احد أو يُصغي لأحد ولا يُقيم وزنا لأي مفهوم وثقافة مؤسساتية ... سوريا المعاريير الموضوعية والمنطقية البعيدة عن الأمزجة والمحسوبية والمصالح والعلاقات الخاصة , ،سوريا التي لن نجد فيها ثقافة من يعتبر المؤسسة ملكاً له وحقه ان يفعل بها مايشاء ويتصرف كيفما يشاء بحسب أهوائه دون أية معايير.. سوريا التي لامكان بها لمسؤول يُفَصّل أنظمة على مقاس مُحدد لتظبيط وضع أحد دون الاخرين .... سوريا التي لانجد بها مسؤول يتعامل بإزدواجية وثلاثية و ... المعايير .. سوريا التي يحتل بها الانسان المناسب مكانه المناسب ويُطَبق فيها مبدأ تكافؤ الفرص للجميع ليأخذوا دورهم ولا يقفوا فقط مُتفرجين على من يتنقل بين المنصب والآخر ... سورية التي يتقدم فيها أهل الكفاءة والمؤهلات العلمية العالية الى الصفوف الاولى ...سوريا التي ينضوي فيها الجميع تحت القوانين والأنظمة والتعليمات ، فلا امتيازات او تمييز لأي كان على حساب الأنظمة والمعايير .... سوريا التي يعمل فيها كل مسؤول للمصلحة العامة قبل الخاصة ... سوريا التي يُقدّر ويُحترم فيها كل نظيف اليد ممن يقف في وجه الفاسدين والمزورين والمزيفين والسماسرة وعديمي الشعور بالمسؤولية وأن يُشَد على يده ... سوريا التي يستطيع فيها ابناء اي مؤسسة الاعتراض على اي مسؤول ان كان لايعمل بموضوعية وبمعايير شفافة ومنطقية وصحيحة وسليمة وتنطبق على الجميع .... سوريا التي لن يكون فيها الشخص المؤهل هو الشاطر بالتملق والتمسح والنفاق والإنتهاز أو المدعوم من هنا وهناك !!!....
نعم هذه سوريا التي نتطلع اليها بعد تحقيق الإصلاحات ، فليتكاتف الجميع من معارضين وموالين لتجسيد هذا الطموح الجميل ونجعل من سوريا شوكة في عيون العَدُويّن والحاقدين والحاسدين ، ومثلا يُحتذى به ويُفاخِر به كل سوري أمام العالم بأجمعه ونبتعد عن العصبية والكيدية والأحقاد والكراهية والثأر والإنتقام وتصفية الحسابات ، فهذه لاتبني أوطانا بل تُحطم أكبر وأقوى الأوطان .... فنحن أمام وطن ننتقل به كلية من مرحلة الى أخرى جديدة ، ولسنا أمام الإنتقال من منزل لآخر !!! وعندما يتعلق الأمر بالوطن فليس هناك من خاسر ورابح بالنهاية ، وإنما الكل خاسرين أو الكل رابحين والوطن إما أن يكون الرابح الأكبر أو الضحية الأكبر !!! الوطن أمانة في أعناق الجميع يُسلّمها جيلٌ لجيلٍ يليه فلنحافظ على الأمانة ونَتَمثّل قول الإمام زين العابدين بن الحسين (ع) بأداء الأمانة وهو القائل : " فوالذي بعث محمداً بالحق نبياً لو أن قاتل الحسين عليه السلام إئتَمَنني على السيف الذي قتَلَهُ به لأدّيتُه له. " !!! وهكذا تكون الأمانة وهل هناك من أمانة أسمى وأغلى من أمانة الوطن فكيف نُسَلمها للأجنبي .