قال السكرتير الصّحفي للبيت الأبيض جوش ارنست في 4 شباط/فبراير إنّ تقييمًا استخباراتيًا أميركيًا أجري مؤخّرًا أظهر انخفاضًا في أعداد مقاتلي تنظيم داعش الرهابي في سوريا والعراق من 31,500 إلى 25,000، وهذا دليل على فعاليّة استراتيجيّة حكومة أوباما، فكثير من هؤلاء المقاتلين الأجانب يسعون وراء قاعدة جديدة في ليبيا وأماكن أخرى.
إنّ دور روسيا هو أحد التوجّهات التي يجب مراقبتها في ما يتعلّق بالمرحلة النّهائيّة في سوريا حيث يرسم التوجّه الرّوسي مرحلة جديدة في الحرب السّوريّة. وكما اشرت إليه الشّهر الماضي، يمكن أن تبدأ تلك المرحلة النّهائية في حلب التي نجدها حاليًا شبه مطوّقة من قوّات الحكومة السّوريّة المدعومة من روسيا وإيران وقد يكون من المحقّ أن نسأل كم من الفضل يجب أن يعزى إلى روسيا لا فقط في تراجع داعش الارهابي، بل أيضًا تنظيم جبهة النّصرة الارهابي المرتبط بالقاعدة وحلفائها. لكنّ الحصول على إجابة ربّما يكون صعبًا لسببين.
أوّلاً، إنّ الحملة الجوّيّة الرّوسيّة عديمة الاليه وعشوائيّة في معظم الأحيان، وإنّ التكلفة المدنيّة للحرب يمكن أن تحجب عن حقّ ما قد ندعوه مكاسب "استراتيجيّة".
ثانيًا، وأكثر ما يثير الحيرة والجدل، هو أنّ عددًا كبيرًا من التّقارير الصّحفيّة أشارت ببساطة إلى تلك المجموعات المسلّحة التي تتعرّض للهجوم السوري المدعوم من روسيا بأنّهم "ثوار"، ملمّحة إلى أنّها تنتمي جميعها إلى مجموعات المعارضة التي تدعمها الولايات المتّحدة وحلفاؤها الغربيّون.
هذا وقدّم سام داغر من صحيفة وول ستريت جورنال تقييمًا أكثر شموليّة في 5 شباط/ فبراير، قائلاً، "يبرز أمر مشترك واحد بين المدن والبلدات الست تقريبًا التي استهدفتها هجمات النّظام الجديدة: كلّها كانت تحت سيطرة مزيج من المجموعات المتمرّدة الإسلاميّة والمعتدلة المموّلة والمسلّحة من قبل السّعوديّة وتركيا. وما يعقّد الصّورة هو أنّ بعض هذه المجموعات، لا جميعها، تتعاون مع جبهة النّصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة. وهذا يغذّي مزاعم النّظام وحلفائه بأنّهم يحاربون الإرهاب".
هذه ليست إلا البداية حيث يُظهِر أيضًا تقرير صدر عن معهد دراسات الحرب في 5 شباط/ فبراير مستوى التقدّم الكبير الذي أحرزه الجيش السوري منذ تدخّل روسيا العسكري الموسّع. وهو يكشف أيضًا أنّ الحكومة السّوريّة وحلفاءها حاربوا داعش، وجبهة النصرة ومجموعة أحرار الشام السّلفيّة المتشدّدة، المتحالفة في معظم الأحيان مع جبهة النّصرة، في جنوب حلب؛ وحاربوا داعش عبر إعادة إنشاء خط اتّصال برّيّ مع قاعدة كويرس الجويّة وفي مدينة الباب؛ وحاربوا جبهة النّصرة في اللاذقية.
من بين الأسباب التي مكّنت الجيش السّوري من استعادة الشيخ مسكين في شمال درعا بعد قصف روسي عنيد، كان "الخلافات داخل الكتائب المعارضة". خلاف بين ما يسمى "بالجيش السّوري الحرّ" وحركة المثنى الإسلاميّة الّتي بايعت داعش سرًا في آذار/مارس 2015 من جهة، وبينه وبين جبهة النصرة من جهة أخرى- وكان سبب الخلاف محاولة ميليشيا الجيش الحرّ عزل القوى الإسلاميّة المتشدّدة، بحسب ما ذكره موقع الميادين وهذه العوامل جعلت من مقاومة كتائب المعارضة لهجمات الجيش ضعيفة، وعرقلت دخول مقاتلي الجيش السّوري الحرّ من مناطق أخرى للمساعدة في الدّفاع عن المدينة". بعبارات أخرى، إنّ الجيش السّوري الحرّ، وحركة المثنى وجبهة النّصرة المرتبطتين بداعش شكّلت كلّها أهدافًا لهجمات النظام المدعومة من روسيا في درعا.
كتب فهيم تشتكين هذا الأسبوع أنّ المجموعات التركمانية السّوريّة التي استهدفها القصف الرّوسي، "طوّرت علاقات وثيقة مع تنظيمات جهاديّة سلفيّة مثل جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة".
إذًا هذه صورة أكثر تعقيدًا لما يفيد عنه ربّما كثيرون في وسائل الإعلام الرّئيسيّة حول تدخّل روسيا في سوريا. وتجدر الإشارة إلى أنّ "الكيانات المرتبطة" بداعش، وتنظيم القاعدة وجبهة النّصرة يذكرها أيضًا قرار مجلس أمن الأمم المتّحدة رقم 2254 الصادر في العام 2015، وأنّ وقف إطلاق النار "لن يسري" على الأعمال ضدّ هذه "الكيانات". ويكرّر القرار 2254 أنّ الدّول الأعضاء يجب أن "تمنع وتقمع الأعمال الإرهابيّة التي يرتكبها بالتّحديد تنظيم داعش وجبهة النّصرة،الارهابيين وجميع الأفراد، والمجموعات، والمشاريع والكيانات الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة أو داعش، والمجموعات الإرهابيّة الأخرى، بالطّريقة التي حدّدها مجلس الأمن، والتي ربّما تكون قد اتّفقت عليها مجموعة الدّعم الدّوليّة الخاصّة بسوريا وقرّرها مجلس الأمن، بموجب بيان مجموعة الدّعم الدّوليّة الخاصّة بسوريا الصّادر في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، مع القضاء على الملاذ الآمن الذي أنشؤوه في أجزاء هامّة من سوريا، ويشير أيضًا إلى أنّ وقف إطلاق النار المذكور أعلاه لن يسري على الأعمال الهجوميّة