مما لا شك فيه أن الحرب الطاحنة في سوريا حصدت كماً هائلاً من الضحايا، قتلاً، وإعاقة واختفاءً قسرياً وتشرداً ونزوحاً وتهجيرا ، ناهيك عن تدمير البنية التحتية للبلاد على يد المجمعات الارهابية المسلحة كجبهة العهرة وميليشا ما يسمى بالجير الحر وغيرها بالاضافة الى زيادة نسب الفساد وهدر المال العام، حيث تقارب نسبة الدمار 65% من مساحة الوطن السوري، مدن كاملة أصبحت خراباً ويباباً.
جميع أعداء سورية بما فيهم الامم المتحدة حاولوا تأكيدد ان المسؤولية المباشرة في كل تلك الجرائم على النظام السوري كونه النظام الحاكم، والرئيس بشار الأسد يتربع على قمة المسؤولية القانونية والأخلاقية، مع شركائه من المجموعات المسلحة التي تقاتل معه أو بعضها , وكأن الرئيس الاسد ونظامة هو صاحب المصلحة في تلك الحرب , ايعقل هدا؟؟؟؟
لايخفي عليكم انه تم توقيع ميثاق الأمم المتحدة في 26 حزيران/يونيه 1945 في سان فرانسيسكو في ختام مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بنظام الهيئة الدولية وأصبح نافذاً في 24 تشرين الأول/أكتوبر 1945. ويعتبر النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية جزءاً متمماً للميثاق.ويعد ميثاق الأمم المتحدة من الاتفاقيات العامة (الشارعة) فهو قانون دولي، ذلك أن قواعد القانون الدولي تفتقر إلى السلطة التشريعية الموجودة في القانون الداخلي حيث لا توجد سلطة أعلى من الدولة تشرع قانونا دوليا ومن هنا اعتبرت الاتفاقيات الدولية هي القانون الدولي نفسه، لغياب المشرع، وهذا هو شأن ميثاق الأمم المتحدة، الذي هو عبارة عن اتفاقية موقع عليها من قبل دول العالم. (وهو ميثاق غير ملزم في قراراته ما لم توافق على تلك القرارات جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن دائمة العضوية، وهي خمس دول هي: الولايات المتحدة الأمريكية - بريطانيا - فرنسا - روسيا - الصين + (1) وهي ألمانيا.
فماذا قدم هذا الميثاق لحقوق الإنسان؟ وهل يمتلك منهجية لحماية حقوق الإنسان؟ أم يتبنى حقوق الإنسان من غير منهجية حقة لتفعيلها على صعيد الواقع؟ وهل يتضمن ثغرات أو تشريعات تفضي إلى انتهاك حقوق الإنسان، فيكون التشريع نفسه هو الذي يساعد على انتهاك حقوق الإنسان؟!
وصف أرنولد توينبي صاحب كتاب (مختصر تاريخ الحضارة) ميثاق الأمم المتحدة ب- (الميثاق السخيف)، نظراً لأنه تضمن حق الفيتو (أي حق النقض) للدول الكبرى، الذي يمكن بموجبه إجهاض أي قرار لنصرة المظلوم، وبذلك تكون جميع الدول المنضوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة - وعددها 192 دولة - راضية بحق النقض من دولة واحدة فقط دون اعتبار لأهمية الموضوع وخطورته - كما هو الحال بالنسبة لموضوع المأساة لسورية.
غير أن عجز الميثاق عن حماية حقوق الإنسان بعد الإقرار بها، له أسباب عدة نذكرها بعد أن نذكر أولاً ما وعد به الميثاق البشرية يوم أن صدر عام 1945م.
من منطلق ثقة الامم المتحدة في مصداقية مطالب الشعب السوري في العدالة الاجتماعية والمساواة واجتثاث الفساد، واقامة الدولة المدنية الديمقراطية ومؤسساتها كافة، كانت وستظل مشروعة، ولا يمكن، بل لا يجب، التخلي عنها، ولكننا نؤكد في الوقت نفسه ان الصراع على السلطة والنفوذ سواء بين فصائلها في اقتتال داخلي دموي، او بينها وبين السلطة الشرعية في دمشق.
الشعب السوري الذي خسر اكثر من 300 الف مواطن بريء من ابنائه (في حرب ارهابية كونية وجدت لها حاضنة داخلية تصدى لها جيش عقائدي مسنود أيضا بحاضنة شعبية وطنية)، وتشريد اكثر من خمسة ملايين منهم في دول الجوار يدفع ثمن خديعة كبرى اوقعته فيها دول عربية واقليمية ودولية كان عنوانها الابرز ان سقوط النظام مسألة اشهر معدودة على غرار ما حدث في مصر وتونس واليمن وليبيا، وان الغرب سيتدخل لحمايته على غرار ما فعل في ليبيا، ومن المؤلم ان جامعة الدول العربية وفرت الغطاء الشرعي لهذه الخديعة الكبرى.
النظام السوري صمد، وخرج من عنق الزجاجة تقريبا، لان الجيش العربي السوري قوي، ولان قطاعا عريضا من الشعب التف حوله وقيادته، وفضل الالتفاف حول النظام رغم مآخذه العديدة عليه وقبضته الامنية الحديدية، بينما من ساندوا ما يسمى بالمعارضة السورية كانوا غير جديين وغير مخلصين، ويحتكمون لمرجعيات غربية متآمرة على العرب والمسلمين.
حلفاء النظام السوري وعلى رأسهم ايران وروسيا و”حزب الله” اللبناني وقفوا في خندقه بقوة، وقاتلوا في صفوفه وقدموا التضحيات، ودعموه ماليا وعسكريا طوال الوقت ودون نكوص، ومنعوا سقوطه رغم الضغوط السياسية والعسكرية الهائلة، والحصار الشرس، والضخ الاعلامي المضلل، بينما كان حلفاء المعارضة، والعرب منهم خاصة يفتقدون الى المشروع والنظرة الصائبة، واستخدموا الشعب السوري الضحية كورقة في اطار مخططاته الانتقامية الثأرية والطائفية في احيان كثيرة. حيث لا تستطيع دول مثل المملكة العربية وقطر اللتان كانتا الاكثر عمقا ماليا وسياسيا وعسكريا لفصائل المعارضة السورية ان تقنعا الشعب السوري، على سبيل المثال لا الحصر، انهما تملكان مشروعا حضاريا ديمقراطيا يمكن ان تصدرانه للشعب السوري والوطن السوري.
ان موضوع الامم المتحدة ، ومحاكمة سورية ومجرمي الحرب السوريين ، وجمع الادلة امام محكمة العدل الدولية ، وهدة الحزمة من الافتراءات التي تدعو في النهاية علي الدوران في حلقة مفرغة مفادها لاحل للقضية السورية بل العمل علي اشعال نيران الحرب وتعقيد تلك القضية لتصبح في حكم المستحيل ، ومن الباعث علي الضحك حتي البكاء ان نجد في ديباجة ميثاق الامم المتحدة نصا يقول: (نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب، التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف.
نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامةِ الفردِ، وقَدْرهِ وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية، وأن نأخذ أنفسنا بالتسامح وأن نعيش معا في سلام وحسن جوار). اين حسن الجوار واين الانقاد من ويلات الحرب ، ومن اعطاكم الحق في محاسبة شعب باكملة من خلال تطبيق عقوبات اقتصادية ومالية طالت مختلف اطياف الشعب السوري؟؟؟؟؟؟؟