هي سلسلة توقعات سياسية لعام 2017 لأهم الدول في منطقتنا والعالم ننشرها على حلقات مع نهاية العام وبداية عام 2017.. يجدر التنويه ان هذه التوقعات لا تتعلق بالفلك ..او بالتنجيم وانما هي داراسات تحليلية تستقرئ الواقع وتحلل بعمق المسببات لتستشف منه أحداث وتوقعات للمستقبل .. حلقتنا الاولى كانت عن المملكة العربية السعودية وهذه الحلقة ستتحدث عن الولايات المتحدة:
ودّعت الولايات المتحدة عام 2016 بأقصى درجات التوتر مع روسيا الاتحادية ، حيث قامت إدارة الرئيس أوباما المنتهية ولايته بعد أيام ، الخميس الماضي بامهال 35 دبلوماسيا روسيا - باعتبارهم "أشخاصا غير مرغوب فيهم"- 72 ساعة لمغادرتهم أراضي البلاد. جاء ذلك على خلفية زعم فيها البيت الأبيض أن روسيا تدخلت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، واتهمت الأجهزة الأمنية الأمريكية روسيا بشن هجمات إلكترونية ضد الحزب الديمقراطي خلال الحملة الانتخابية الأمريكية بهدف التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها المرشح الجمهوري دونالد ترامب على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.
ومع تسلم ترامب مهامه الرئاسية رسميا في العشرين من الشهر الجاري..خاصة وأن الرئيس وعد القيام بـ"أمور مهمة عدة" فور تسلمه سلطاته في البيت الأبيض. ومن بين الأمور التي سيتخذها إصدار مراسيم رئاسية تنقض قرارات سبق أن اتخذتها إدارة باراك أوباما، ومن المتوقع أن تكون من بينها رفع العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس باراك أوباما ضد روسيا، فاننا سنجد الولايات المتحدة في وضع الصدام بين الرئيس والكونغرس، حيث من الواضح أن الحزبين في الكونغرس يؤيدان بشدة تشديد العقوبات على روسيا واتخاذ قرارات جديدة فيها مزيد من العقوبات على روسيا على خلفية الأزمة الآكرانية بدلا من رفعها كما يرغب الرئيس، يتماشى توقعنا هذا مع تصريحات آدم شيف العضو في لجنة شؤون الاستخبارات بمجلس النواب الأمريكي. كما يتماشى مع قيام السيناتورين ماكين و ليندسي غراهام - وهما من كبار متزعمي معارضة سياسة التقارب مع موسكو في الكونغرس - بوضع خطط تهدف إلى نسف المساعي التي قد يبذلها ترامب لتحقيق ما أعلنه مرارا أثناء حملته الانتخابية حول ضرورة تخفيف الخلافات مع الطرف الروسي، لا سيما بغية محاربة الإرهاب، من هنا كانت زيارتهما قبيل نهاية العام لكل من أوكرانيا وجورجيا وإستونيا لطمأنة حكومات هذه الدول بأن واشنطن كانت ولا تزال مستعدة للتصدي لـ"الخطر الروسي". أضف الى ذلك ، تعهد غراهام، كرئيس للجنة الفرعية للمخصصات المالية للعمليات الخارجية في مجلس النواب، بضمان الدعم المالي الإضافي للجهود التي يبذلها حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيون في سبيل التصدي لموسكو. بينما يطالب رئيس اللجنة العسكرية في الكونغرس السيناتور جون ماكين ادارة الرئيس الجدبد بأن تضع نفسها في مواجهة موسكو لـ"ممارساتها الوحشية في سوريا"، على حد زعم السيناتور، منددا بتوجه ترامب للتعاون مع الحكومة الروسية حول سوريا
نخلص الى القول بأن معظم أعضاء الكونغرس يتخذون المواقف المعارضة لروسيا، مما سيمنع النية الحسنة لدى الرئيس المنتخب الجديد من إيجاد فرص واقعية لتحسين العلاقات الثنائية بين الدولتين العظميين ، والتي تشهد في السنوات الأخيرة تفاقما ملموسا، إذ لا يستطيع ترامب، إلا كسب دعم عدة أعضاء في الكونغرس يعارضون تدخل بلادهم في شؤون الدول الأخرى، مثل العضو عن ولاية كاليفورنيا السيناتور ريند بول، صحيح أن ترامب يصبح مع وصوله إلى البيت الأبيض القائد العام للقوات المسلحة، لكن الكونغرس يحافظ على دوره في السياسات الأمريكية خاصة في مجال التصدي لروسيا في العالم .
هذا الصراع بين ادارة الرئيس الجديد وبين الكونغرس وكذلك ملاحظتنا لبروز انقسامات جديدة خلال الحملة الانتخابية الأخيرة ، ليس بين الحزبين الرئيسيين، بل داخلهما، تجلت بقيام العديد من قادة الحزب الجمهوري بدعم كلينتون، وبعض الزعماء الديمقراطيين بتأييد ترامب كذلك أيضا، لم يقدم تحليل أصوات الناخبين تبعا لانتماءاتهم المجتمعية (النساء، واللاتينيين، والسود، والمسلمين، أو المثليين، وما إلى ذلك) أي قيمة مضافة. وبينما كانت وسائل الإعلام تجتر أقوالها مرددة أن التصويت لترامب هو بمثابة تصويت للكراهية، كانت تلك الأقليات، بما لا يقل عن ثلثها، تصوت لصالح ترامب .
حاول بعض الصحفيين البناء على سابقة "بريكزيت"، على الرغم من أنهم فوجئوا بها، ولم يكونوا قادرين على تفسيرها. وإذا قمنا بتحليل النتائج بناءً على سوابق خارجية، فسوف ينبغي علينا الأخذ بعين الاعتبار انتخاب ناريندرا مودي الذي فاجأ الجميع في الهند، وكذلك روديغو دوتيرتر في الفلبين (مستعمرة سابقة للولايات المتحدة).
أن الانقسام الذي حصل بين مواطني الولايات المتحدة، لايمكن رده إلى الانتماء العرقي، أو الطبقات الاجتماعية، بل إلى الايديولوجيا البروتستانتية- إذا ثبتت صحة هذا التفسير- فهذا يعني أننا سنشهد صراعا وجوديا لأنصار هذه الايديولوجيا، ضد إدارة ترامب، وكل ما سوف يضطلع به الرئيس الجديد المنتخب، سيتعرض لتخريب منهجي.
بدأت تثبت الاحتجاجات المتفرقة ضد نتائج الانتخابات، أن الخاسرين لا يحترمون قواعد اللعبة الديمقراطية، فهل سيطورون مزيد من الاحتجاجات ضد فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تتطوّر إلى حد انفصال ولاية كاليفورنيا عن أمريكا ..خلال عامين قادمين - Calexit"" على غرار بريكسيت في بريطانيا –
وكانت الحملة الاعلانية قد بدأت فعلا – بعد انتصار ترامب حيث عمت الاحتجاجات على فوز ترامب كاليفورنيا - للمطالبة باستفتاء تاريخي في ربيع عام 2019، لاتخاذ قرار خروج كاليفورنيا من الولايات المتحدة..
لماذا كاليفورنيا: اقتصاد الولاية (كاليفورنيا) هو سادس أقوى اقتصاد في العالم، ويأتي بعده في الترتيب اقتصاد دولة كبرى مثل فرنسا، ويتجاوز عدد سكان كاليفورنيا (38 مليون نسمة) عدد سكان بولندا. كاليفورنيا، نقطة بنقطة، تضاهي وتنافس دولا، وليس فقط الولايات الـ 49 الأخرى، لذلك يرى سكانها والطالبون بالانفصال عن الولايات المتحدة أن بقاء ولاية كاليفورنيا ضمن قوام الولايات المتحدة الأمريكية لا يعني سوى مواصلة دعم الولايات الأمريكية الأخرى على حساب ثالث أكبر ولاية أمريكية من حيث المساحة، بعد ألاسكا وتكساس.
يرى المطالبون بالانفصال من أبناء الولاية أن السلام والأمن سوف يتحققان في الولاية بعد الانفصال عن الجيش الأمريكي الذي يهاجم الدول الأخرى، ومن جراء ذلك تكون الولاية معرضة للهجوم بسبب افعال الجيش الأمريكي ، فضلا عن اضطرار أبنائها لمحاربة الأخرين، وتجبر كاليفورنيا على مواصلة الدعم المادي للجيش بأموال طائلة.
بينما رأى صناع التكنولوجيا أن رئاسة ترامب "ستكون كارثة للابتكار،" مؤكدين وقوفهم ضد السياسات المالية ومقترحات الهجرة لترامب .
والاستعداد جاري الآن لتمويل الدعاية وحملة قانونية للانفصال ..!!
ولايات أخرى سبقت كاليفورنيا في هذه المسألة، مثل تكساس وألاسكا. وبين فترة وأخرى تبدأ في هذه الولاية أو تلك حملة جمع للتواقيع بشأن الانفصال عن الولايات المتحدة، ولكن لم يكن هناك انقسام جدي في النخبة السياسية كما يتفاقم ذلك الآن مع فوز ترامب ..
وللعلم كانت ولاية تكساس في القرن التاسع عشر دولة مستقلة، وبعد ذلك انضمت إلى الولايات المتحدة. وبصورة عامة، فالولايات المتحدة دولة كونفدرالية، ونظريا يحق لأي ولاية الانفصال، ولكن هل سنشهد ربيعا أمريكيا ودماء في الشوارع تسيل عندما تتصدى الشرطة أو الجيش للانفصاليين عندما يصبح الأمر جديا..!!
مهما كانت السيناريوهات فان الاقتصاد العالمي لن يعتمد إلى حد كبير على الولايات المتحدة في عام 20017 وما بعده . وسلطة الولايات المتحدة ستضعف، وأحد أسباب هذا الضعف هو الكشف عن بيانات عن ديون الدولة.. ويمكننا التنبؤ بدرجة عالية من الثقة بأن الولايات المتحدة "القوّة العظمى" سوف تُصبح شبه غير كفوءة وعاجزة مع دخول ترامب إلى البيت الأبيض، وسيكون هناك اختلال في التوازن بين القوتين الأعظم لصالح روسيا
فهل سيكون ترامب آخر الرؤساء؟!!
خاص سيريا-ان شبكة آرام الاخبارية/ الاعلامية د. ليندا نجار