رأى الدبلوماسيّ الأمريكيّ السابق، دنيس روس، أنّ المجتمع الدوليّ لا يملك أدنى فكرة حول ما يمكن توقّعه من الرئيس المُنتخب دونالد ترامب، مُعتبرًا أنّ “هذه الضبابية الدبلوماسية تجربة مهينة في أحسن الأحوال”.
وأوضح أنّه على ترامب أنْ يُطمئن حلفاء الولايات المتحدّة قبل أنْ يستلم سدّة الرئاسة، إذْ أنّ التطمينات والتعهدات تكتسي أهمية مميزة في الأوقات الصعبة المماثلة لتلك التي نشهدها حاليًا. ولفت إلى أنّ “حلف شمال الأطلسي (الناتو) مهم، وهو الأمر بالنسبة للدول العربية السنّية. وجاءت أقوال روس في ندوةٍ نظّمها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى
وتابع: نظرًا إلى أنّ أحد أهداف ترامب القليلة الواضحة يتمثل بتدمير “داعش” فمن الضروري للغاية إشراك السعودية ودول مماثلة في تحقيق هذا الهدف، حيث لا يمكن تجريد إيديولوجية التنظيم من مصداقيتها من دون هذه الدول، على حدّ قوله.
وبحسب روس, سيكون التودّد إلى روسيا جيّدًا من الناحية النظرية إذا كانت العلاقة متبادلة. لكن، استدرك روس، إذا أراد ترامب استمالة السنّة إليه، سيحتاج إلى توخّي الحذر في تعامله مع الموضوع السوريّ. وحاليًا، أكّد، تبدو روسيا عازمةً على إخضاع شرق حلب عبر إمطارها بالقصف، ومن شأن أيّ حملة مماثلة أنْ تؤدّي على الأرجح إلى نزوح نحو 100 ألف لاجئ إضافي خلال الأسابيع القادمة.
وبالتالي، أردف المسؤول الأمريكيّ السابق، عندما يتم تنصيب ترامب في كانون الثاني (يناير)، فقد يكون في موقعٍ جيّدٍ للدعوة إلى وقف إطلاق النار وإقامة روابط دبلوماسيّة، أيْ تمهيد الطريق بشكلٍ أساسيٍّ أمام عودة الأسد إلى السلطة الكاملة في سوريّة. وإذا كان هذا ما يصبو إليه فعليًا، عليه أن يُطلع موسكو بأنّ واشنطن ستردّ على ما يقوم به الأسد إذا واصل سجلّه الرهيب في مجال حقوق الإنسان. وعلاوة على ذلك، تدرك روسيا أنّ عدم إطاعة القواعد العالميّة سيؤدي إلى فرض عقوباتٍ وخيمةٍ.
وأشار روس أيضًا إلى أنّه في حين أعرب ترامب مرارًا عن رغبته في عدم التدخل في شؤون الشرق الأوسط، غالبًا ما يغيّر المرشحون مواقفهم عندما يضطرون إلى اتخاذ قرارات صعبة لدى استلامهم سدّة الرئاسة. لكن النتيجة النهائية لأيّ أزمةٍ إقليميّةٍ ستتوقّف إلى حدّ كبير على أعضاء الحكومة والمستشارين الذين يحيطون به. ومهما كان عليه الحال، خلُص إلى القول، فإنّه نظرًا إلى وضع المنطقة الراهن، حيث يبقى الفلسطينيون منقسمين أكثر من أي وقت مضى، ويميل الإيرانيون نحو التوسّع الإقليمي، في حين يجد السعوديون أنفسهم في قلب “ثورة مقنّعة بوجه الإصلاح الاقتصادي”، يحتاج الحلفاء التاريخيون للولايات المتحدة في الكيان الاسرائيلي والدول العربية السنّية الآن أمريكا قوية أكثر من أي وقت مضى.
أمّا ديفيد هوروفيتس، رئيس تحرير صحيفة العدو (جيروزاليم بوست) سابقًا، ورئيس تحرير موقع العدو الاسرائيلي (تايمز أوف أزرائيل) فقال إنّ الصهاينة لا يثقون كثيرًا بالاقتراع، لذلك لم تأتِ نتائج الانتخابات كمفاجأة لهم. لكن بخلاف الأردنيين، كان (الاسرائيليون) سيصوتون لصالح هيلاري كلينتون بفارق 15 في المائة وفقًا لبعض التقارير.
وعمومًا، يأمل مسؤولو الاحتلال الاسرائيلي أنْ يجمع الرئيس الأمريكي ثلاث سمات: التعاطف، والإدراك الجيد لمحاور الشر في المنطقة، والموثوقية المضمونة كحليفٍ عسكريٍّ. وفي حين أظهر ترامب تعاطفًا صادقًا مع كيان الاحتلال والمصاعب التي تواجهها في الشرق الأوسط، لم يتمّ بعد اختبار العامل الأخير، أيْ أنْ يكون حليفًا يمكن التعويل عليه. كما أنّ الاحتلال الاسرائيلي على خلاف مع الرئيس أوباما حول نقطتين أساسيتين يمكن لترامب الاستفادة منهما: الاتفاق النووي الإيرانيّ والصراع الفلسطينيّ.
وعلى الرغم من أنّ ترامب لم يدلِ بأيّ تصريحات بشأن الصراع الفلسطيني، وأنّ شرعية محمود عبّاس قد تراجعت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، فلم تعُد هذه النقطة بالنسبة لنا بنفس خطورة الاتفاق النوويّ مع إيران، وهي صفقة انتقدها ترامب مرارًا وبشكل صارخ، على حدّ تعبير هوروفيتس.
وأضاف: يستعدّ الكثيرون في (الحكومة الإسرائيليّة)، والمعارضة مثل زعيم “المعسكر الصهيونيّ” يتسحاق هرتسوغ، إلى الاستفادة من انتصار ترامب. أمّا بالنسبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فالأمور ليست كلّها على خير ما يرام كما قد يعتقد المرء.
فرغم أنّه يفهم المسائل الحساسّة في المنطقة ويرى ضرورة الانفصال عن الفلسطينيين، إلّا أنّ اليسار واليمين على حدٍ سواء ينتقدون سياساته الاستيطانية (ولو لأسبابٍ مختلفةٍ جدًا). وخلُص إلى القول: نظرًا إلى عدم ممارسة إدارة أوباما ضغوطاً للحدّ من أنشطة الاستيطان، فإنّ برنامج ترامب اليمينيّ قد يزيد من دعمه لليمين الإسرائيليّ، الذي شكّل عائقًا أمام المناورات السياسية الوسطية لنتنياهو، قال هوروفيتس.