د. ليندا نجار.... في مقال تحليلي على موقع سلاب نيوز بعنوان: (هل تنسحب داعش من سوريا والعراق إلى القوقاز)
إقرار صفقة النووي الإيراني مع الغرب توحي بحاجة الأمريكي إلى التهدئة في الشرق الأوسط المضطرب، ولكن لا بد من التنويه بوجود تخوف روسي من أنّ التقارب الإيراني مع الغرب بعيد الاتفاق أو من ضمنه صفقة استعمال الغاز الإيراني بديلاً عن الروسي في أوروبا، وبذلك يكون التراجع على الجبهة الإيرانية من قبل الأمريكي بقضية النووي قد عوضها بإضعاف الاقتصاد الروسي.
من جهة أخرى، وفي سياق ربط الملفات الإقليمية والدولية، وعلى اعتبار أنّ الروسي وكذلك الصيني يعلمان علم اليقين أنّ الأمريكي هو الذي خلق داعش ودربه فوق الأرض العربية وفي الساحات "الجهادية العالمية " -كما يحلو لإعلامه وصفها للتمويه- هادفًا من ورائها إلى تدمير كيانات الوطن العربي الحالية بما فيها حلفاؤه السعوديون، يثق الروسي أنّ الأمريكي بعد ذلك سيوجه داعش إلى القوقاز لاستنزاف موسكو في اقتصادها وأمنها ولن تكون الصين أيضًا في منأى عن غزو هذا التنظيم.
من هنا يدرك كلّ من الروسي والصيني أيضًا أنّ من مصلحتهما القضاء على داعش في الشرق الأوسط، فلا يضطران إلى محاربته في القوقاز أو في الشرق الأقصى، وهنا يمكن فهم التهرب الأمريكي من الجدية بهذا الاتجاه.
محاربته في القوقاز وعلى حدود الصين هي ليست هواجس أو أوهام. فداعش ومنذ آب عام 2014، تقوم بتصفية ضباطها المغاربة حيث اعتقلت التوانسة الذين اقتحموا مطار الرقة فحاكمتهم وأعدمتهم بتهمة عصيان أوامر قيادتهم لتستبدلهم بمقاتليها من القوقاز، كما قامت بترقية ضباط من الشيشان أرسلتهم الاستخبارات الجورجية هدية "كأبي عمر الشيشاني" وغيره كثيرين، بينما فئة أخرى من الجهاديين تقدر بالمئات هم من الايغور وهم مسلمون سنة يتحدثون التركية قدموا من الصين الشعبية مع عائلاتهم منذ حزيران 2014 إلى منطقة الرقة ورقي منهم الكثيرون إلى رتبة ضابط.
ولإيضاح خطورة الأمر، نذكر أنّه لم تعد اللغة العربية بل الروسية في أغلب الأحوال هي لغة الاتصالات الداخلية التي تم التنصت عليها بين ضباط داعش، إلى حد يمكننا فيه القول أنّ الجهاديين العرب لم يكونوا أكثر من مجرد حطب المعارك.
تعمل موسكو اذًا على استراتيجية قتال داعش والقضاء عليها في الشرق الأوسط كي لا تضطر لمواجهتها في القوقاز كما يحضر الأمريكي، وبينما يستغل الروسي تمدد داعش وتهديدها للأردن والسعودية والخليج عموماً، وتركيا أيضًا التي لم تسلم من تهديداتها برغم الدعم الذي تلقاه التنظيم من حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يقوده أردوغان، وبذلك يكون الروسي مقتنعًا أنّ مصلحته تكمن في جمع كل تلك الدول على قتال داعش.
هل الأمريكي صادق في إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط الكبير؟ وهل هو جاد في محاربة داعش؟ إن كان هذا صحيحًا، فإنّه يأتي في سياق الاطمئنان على مصالحه في المنطقة من التوحش والفوضى لنقل قواته إلى الشرق الأقصى حيث التنين الصيني المرعب للأمريكي، خاصة في تحالفه الاقتصادي مع الروسي، وهما نجحا في خلق تحالف اقتصادي عابر للقارات يكسر الطوق الأمريكي الاقتصادي والعسكري على البحار والمحيطات لحماية النفوذ الاقتصادي والسياسي الأمريكي في العالم.
لا بد من وضع النقاط على الحروف في شكل توجيه دعوة جدية لكل تلك الدول، للمساهمة في قتال داعش بشكل جدي، وهذا ما فعله بوتين. وإن صدق الأمريكي، فلا بد من أن تكون سورية بجيشها نواة هذا التحالف. المحك الروسي الذي وضع الروس والأمركيون عليه وحده، هو الذي يكشف: هل يصدق الأمريكيون؟!!