بداية كل الاحترام للدكتور عمرو سالم, ونرد بشكل مختصرعلى ما تفضل به الدكتور عمرو سالم حول إعادة هيكلة الدعم وتحويله الى دعم نقدي ونعرض في ردنا بعض مقررات مؤتمر الرأسمالية العالمية الذي عقد في مدينة لوغانو السويسرية اواخر التسعينات من القرن الماضي والتي من خلالها تم تغول النيوليبرالية الاقتصادية المتوحشة في الشرق كل الشرق واصبحت هي الموت القادم الى الشرق, فكانت البنود التالية كمقررات المؤتمر والتي تم العمل عليها في منطقتنا منذ ذلك الوقت
1- الحفاظ على الرسمالية العالمية واذرعها في دول العالم الثالث.
2- اشعال الحروب الدينية والطائفية والعرقية في دول العالم الثالث.
3- خلق منظمات ارهابية ودعمها بالمال والسلاح في الدول المستهدفة.
4- نشر الاوبئة الفتاكة في مختلف دول العالم وعلى راسها دول العالم الثالث من اجل تقليص عدد الفقراء الذين يمثلون نسبة لا تقل عن 50% من سكان العالم, وخاصة في الدول المعادية للراسمالية.
5- نشر المجاعة في الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل.
6- الايعاز الى راسمالية وبرجوازية دول العالم الثالث لاحتكار المواد الغذائية ورفع اسعارها واسعار كل الاحتياجات الاساسية اليومية بما فيها اسعار الدواء والطاقة وحوامل الطاقة والوقود حتى وان كانت من انتاج الدول نفسها.
7- منع الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل من مقومات الاكتفاء الذاتي بالانتاج الزراعي والصناعي وتحويلها الى دول مستهلكة تعتمد فقط على الاستيراد.
هنا يجب ان نتذكر انه في عام 1975 وفي مؤتمر دافوس اجتمعت لجنة المخاطر التابعة للامم المتحدة وقال وقتها الثعلب هنري كيسنجر (اذا اردنا التحكم بالامم فعلينا السيطرة على موارد الطاقة واذا اردنا التحكم بالشعوب فعلينا التحكم بمصادر الغذاء)
إن ما تفضل به الدكتور عمرو سالم في مقاله صحيح لكن القراءة المتعمقة لمقررات مؤتمر الراسمالية العالمية أعلاه تدفعنا كدولة ووطن وشعب موجودون في عين العاصفة ان نقوم جميعنا بخطوات لدعم القوة الشرائية لعملتنا الوطنية ولدعم الانتاج من خلال خفض تكاليف الانتاج وخاصة ما يتعلق بالانتاج الزراعي والثروة الحيوانية والانتاج الدوائي بكل انواعه البشري والبيطري,ولن يتم ذلك الا من خلال تحويل الكتلة النقدية المخصصة لدعم السلع والطاقة وحوامل الطاقة الى دعم الانتاج الزراعي والدوائي والصناعات الاستراتيجية والثقيلة التي تنتجها مؤسسات الدولة الى جانب تخصيص جزء جيد من كتلة الدعم لاعادة القوة الشرائية لعملتنا الوطنية, وهذا ما يكفل البدء بخطوات ثابتة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية وتقوية الجبهة الداخلية من جهة والحد من التضخم وتخفيضه من جهة أخرى, وتمنع تحول كتلة الدعم النقدية لجيوب الفاسدين والمحتكرين والتجار كي لا يكون مصيرها كمصير زيادة الرواتب او المنح, حيث أن خفض تكاليف الانتاج ورفع القوة الشرائية لعملتنا الوطنية سيؤدي أيضا الى ايجاد فرص عمل جديدة وفي العديد من المجالات, الى جانب ان تحويل كتلة الدعم الى دعم نقدي يحتاج بيئة اقتصادية ومالية ونقدية ثابتة غير متذبذبة, يتم فيها السيطرة على اسعار الصرف والحساب الحقيقي لتكاليف الانتاج والاستيراد وأيضا ضبط فلتان الاسعار في الاسواق حيث أصبحت الاسواق فلتانة بشكل لم يعد يتحمله المواطن العادي.
في ختام ردنا نقول ان اي دولة في العالم لا تسعى الى الاكتفاء الذاتي زراعيا ودوائيا وبالثروة الحيوانية سيكون مصيرها الفناء والاضمحلال خلال الفترة بين عام 2030 و2050,
مقال الدكتور عمرو سالم....... إن التصريحات الوزارية وغير الوزارية التي نقرؤها مؤخرا لا تبشر بالعافية ولا بالخير.فنسمع وزيراً يقول أن دعم السلع لم يعد مقبولاُ ولا بد من دعم المواطن.ونسمع من يقول أننا بحاجةٍ إلى تحديد دور القطاع العام., وحاكم مصرف سورية المركزي يقول أن المصرف أننا لا نستطيع فتح اعتماد مستندي. وآخر يقول أننا بحاجةٍ إلى تحديد هوية الاقتصاد السوري.
إن مشكلتنا الكبرى أن الكثير من المسؤولين لا يقرؤون ولا يتذكرون ما تم إقراره سابقاً فيعيدون اختراع العجل (الدولاب). فدستور الجمهورية العربية السورية الحالي والذي صدر عام ٢٠١٢ وصوت عليه الشعب يقول في مادته السابعة ما يلي:
المادة 7
يكون القسم الدستوري على النحو الآتي: ((أقسم بالله العظيم أن أحترم دستور البلاد وقوانينها ونظامها الجمهوري، وأن أرعى مصالح الشعب وحرياته، وأحافظ على سيادة الوطن واستقلاله وحريته والدفاع عن سلامة أرضه، وأن أعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية ووحدة الأمة العربية )).
فهو هنا استبدل كلمة الاشتراكيًة بالعدالة الاجتماعيًة كما ذكر السيد الرئيس في كلمته أمام اللجنة المركزيًة لحزب البعث الحاكم في أيار من العام الحالي.
وكذلك جاء في الدستور:
الفصل الثاني. المبادئ الاقتصادية
المادة 13
1. يقوم الاقتصاد الوطني على أساس تنمية النشاط الاقتصادي العام والخاص من خلال الخطط الاقتصادية والاجتماعية الهادفة إلى زيادة الدخل الوطني وتطوير الإنتاج ورفع مستوى معيشـة الفرد وتوفير فرص العمل.
2. تهدف السياسة الاقتصادية للدولة إلى تلبية الحاجات الأساسية للمجتمع والأفراد عبر تحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية للوصول إلى التنمية الشاملة والمتوازنة والمستدامة.
3. تكفل الدولة حماية المنتجين والمستهلكين وترعى التجارة والاستثمار وتمنـع الاحتكار فـي مختلف المجـالات الاقتصادية وتعمل على تطوير الطاقات البشرية وتحمي قوة العمل، بما يخدم الاقتصاد الوطني.
وكذلك فقد تبنى المؤتمر القطري العاشر في حزيران عام ٢٠٠٥ عنوان الاقتصاد السوق الاجتماعي. ومع أنني لا أنتمي إلى حزب البعث العربي الاشتراكي، لكنني كوزير ومواطن أحترم كونه الحزب الحاكم فهو يمتلك أكبر عدد أعضاء ويغطي جميع الجغرافية السوريًة، ولديه اكبر كتلة نيابيًة وأمينه العام هو سيادة رئيس الجمهوريًة. هل بعد كل ذلك يريد البعض مناقشة الهويًة الاقتصاديًة لسوريَة؟ واقتصاد السوق الاجتماعي ليس مصطلحاً عائماً كما يحب البعض أن يصوًر. بل هو نموذج يأخذ من الرأسماليًة تنافسيتها وآليَات السوق، ومن الاشتراكيًة سعيها لتحقيق الصالح العام والعدالة الاجتماعيًة والتعليم والصحة لجميع المواطنين.
إن دخل شريحةٍ واسعةٍ من الشعب السوري هو دخل منخفض ولا يكفي حاجاتهم الأساسيًة. وبالمقابل، فرفع الرواتب لا يغطي غير الموظفين من جهة، ولا توجد في الخزينة أموال تكفي لذلك، وحتَى إن توفرت المبالغ فإن رفع الرواتب بنسبة ٥٠% أو ١٠٠% لا يغطي التضخم الكبير، ويحدث تضخماً جديداً, حيث إن رفع دخل المواطنين وتخفيض الفقر لا يتمَ بإجراءٍ واحدٍ. بل هو يتطلب نهضةً اقتصاديًة في جميع المجالات وأن تكون هذه النهضة وفق ما توصل إليه العالم ويكلَ تأكيد، لا يمكن أن يتمَ بإعادة اختراع العجل (الدولاب). وهو نموذج معروف في العالم طبقته ألمانيا عام ١٩٤٩ بعد الحرب العالمية الثانية وكذلك طبقته النمسا واليابان وبولندا والتشيك.
أعود لتصريحات الدعم، فهل نسي السيد وزير المالية الذي يتحدث عن وجوب دعم المواطن بدل دعم السلع، هل نسي أن مذكرة وزارة الاتصالات والتقانة التي تتحدًث عن دعم المواطن لشراء الغذاء والمشتقات النفطيًة والصحة والتعليم العالي، هذه المذكرة أقرت في مجلس الوزراء عام ٢٠٠٧ فبل أن تعطَل وتقتل بعد ذلك من قبل المتضررين من تطبيقها. ثم تحوًلت بعد سنوات إلى مشروعِ مشوًهِ طبقته وزارة النفط لتوزيع المشتقات النفطيَة المدعومة دون إمكانيًة ضبطه.
وهل نسي الدراسة الكاملة المتكاملة التي قدمتها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قبل ما يقارب ثلاثة سنوات توقف الهدر وتقدم الدعم نقداً للمواطنين. علماً بأن كيات المشتقات النفطيًة والقمح والدقيق والخبز المسروق والذي يذهب لأشخاص متوفون أو موجودون خارج البلاد، ثمن هذا يكفي لتقديم مبالغ مجزية لحاملي البطاقات الذين يعيشون في البلد., ومن يتحدَث عن بناء قواعد بيانات تستغرق سنين، فنقول ان الطلب من حاملي البطاقات المدعومة إجراء البصمة الإلكترونية في أي مخبز حكومي او صالة سوريَة للتجارة مرًةً واحدةً في العام عند شرائهم للخبز او غيره. فإن قاموا بذلك فسوف نتخلص من ٥٠% من الدعم الوهمي الذي يذهب اليوم للسرقات.
هاذه الدراسة ايضاً قامت وزارة التجارة الداخليًة وحماية المستهلك بطرحها وإعادة طرحها ثم قتلت بالكتب الفارغة والاستفسارات التي ليس لها معنى. والآن يعيد طرح الموضوع وكأنه مفاجأة!!! أما السيد حاكم مصرف سوريًة المركزي والذي قال (مؤخراُ: حاكم مصرف سورية المركزي يخوض في العمق الواقعي) :
أن العقوبات المفروضة على القطاع المصرفي والتي تمنع سورية حتى من فتح اعتمادات لاستيراد المواد الطبية الدوائية والغذائية ونبه إلى خطورة الطروحات الاقتصادية النظرية غير المبنية على الظروف الواقعية في ظل نقص العناصر المكونة لتحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي مؤكداً أن أي طرح يتعلق بالسياسات المالية والاقتصادية يجب أن ينطلق من المعطيات في الواقع الحالي. وقال ايضا " أن أهد أهداف سياسة المصرف هو الحد من ارتفاع اسعار المواد والحد من التضخم."
هنا أذكًر السيد الحاكم بآخر جلسة لمجلس الوزراء أحضرها وكان حاضراً لمناقشة مذكرة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك والتي بينت فيها الوزارة أن إجراءات المصرف المركزي تتسبب برفع الأسعار بنسبة ٥٧%. والتي لم تكن تهاجم السيد الحاكم، بل كانت تحمل مقترحات محدًدة لخفض التكاليف والأسعار وتنشيط الانتاج.
وبينما كنت اقرأ تلك المذكرة على المجلس، وعند حديثي عن العقوبات الجائرة والتي تمنعنا من فتح الاعتمادات المصرفيًة، قاطعني وقال أن كلام السيد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك فيه مغالطات لأن المصرف المركزي لا يفتح اعتمادات!!! وطبعاً هذا معروف، لكن المصرف المركزي هو الذي يعزَز الاعتمادات. مع العلم بأنني عندما كنت افتح اعتمادات في المصرف التجاري السوري ربما لم يكن السيد حاكم المصرف قد دخل كلًيَة الحقوق. وهو الآن وبعد حوالي العام ونصف، يتحدث عن العقوبات التي تمنعنا من فتح الاعتمادات!!!
إن محاولة البعض تغطية الفشل بالسياسات الاقتصادية قبل الحرب، فهو ينسى أن سيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد قد حقق ثورةً تشريعيَةَ في السنوات العشر قبل الحرب وثورةً اقتصاديَة ومعدَل نمو غير مسبوق في منطقتنا., اذ إن التعلًق بنماذج اقتصاديَة لم تعد موجودةً في العالم والهجوم العنيف الذي يشنً كلما تحدًثت الدولة عن القطاع الخاص والتشاركيًة أو المشاركة لا يقدَم إلا مزيداً من الفقر والتخلَف. كما حدث صدور خير غير موثَق عن إمكانيًة تشاركيًة للطيران السوريَة أو لمطار دمشق, فلا يجوز ان يصرَح مسؤولٌ بشيءٍ لا يعرف ابعاده، ولا دون قراءة. فليقرؤوا الدستور وليستمعوا إلى كلمة سيادة الرئيس في اللجنة المركزيًة وهذا أضعف الإيمان.
لا يمكن رفع مستوى حياة المواطن إلا بتوزيع الدعم نقداً وبتنشيط القطاع الخاص والتشاركيًة معه وخروج القطاع العام من النشاطات غير الاستراتيجية مثل البسكويت والمعكرونة والأحذية وغيرها. ومعه حكومة قويًة تمنع الاحتكار والاستغلال.