الرئيسية اتصل بنا
  • الرئيسية
  • القائد الأسد
  • أميرة الياسمين
  • مقالات الافتتاحية
  • رسالتنا
  • من نحن

الرئيسية

محليات..... ملفات فساد

تاريخ النشر 2021-05-16 الساعة 12:17:51
  شارك
|
تحقيق الاعلامي عماد قلعجي... التحول الرقمي في سوريا... سياسة القفز فوق الأزمات (الحلقة 1)

أعزائي القراء والمتابعين في هذا التحقيق الاستقصائي الذي اعده مدير مكتبنا في دمشق وريفها الاعلامي عماد قلعجي, نحاول الاضاءة على ماهية التحول الرقمي في سوريا, خاصة اننا نعيش منذ نحو 3 سنوات واقعا متناقضا, في واقع الامر ان حضورنا لما يسمى (المؤتمر الدولي للتحول الرقمي من 9 الى 11 نيسان الماضي) والذي نصر في موقعنا ان نطلق عليه اسم "المؤتمر الدولي للاحتلال الرقمي", قد فتح شهيتنا للخوض في تفاصيل التحول الرقمي في سوريا وذلك من خلال ما يحدث على ارض الواقع من تناقضات, و هنا نسال هل التحول الرقمي حاليا في سوريا يمثل قفزا فوق الازمات المعيشية التي يعيشها الشعب السوري؟؟؟؟, نحن لا ننكر حاجتنا الى خدمات الكترونية توفر علينا الوقت والجهد في مختلف نواحي الحياة, لكن في ظل الواقع المعيشي والغلاء وتوحش التجار والترهل الاداري والفساد, نرى ان من واجبنا المهني والاخلاقي البحث في هذا الموضوع بكل تفاصيله, الايجابية والسلبية ومخاطر هذا التحول في بلد مازالت تعاني من الحرب العدوانية بمختلف اشكالها السياسية والاقتصادية والعسكرية والامنية والفكرية والثقافية والاجتماعية والاخلاقية...... نرجو منكم متابعتنا في الحلقة الاولى من هذا التحقيق ونتمنى ان يصل صوتنا الى صناع القرار, خشية ان يصبح التحول الرقمي بابا كبيرا من ابواب الفساد وشكلا جديدا من اشكال الترهل الاداري والمالي.... تابعونا........ 

"العمل على احداث منصب وظيفي للتحول الرقمي في كل جهة حكومية"!
يمر الخبر على شاشة الهاتف اللوحي لأحدهم الذي يجلس على كرسي في باص مكتظ، فيما ترمقه عشرات العيون بنظرات الغيرة لما أوتي من حظ عظيم فهو جالس وهم واقفون، يطالعون معه ما يظهر على شاشة هاتفه عالي التقنية متأففين.
بالأمس كانت وزارة الأوقاف تلتمس هلال شهر رمضان المبارك، وكان باقي الشعب السوري منشغلاً بمقارعة أزمات الغلاء والنقل وحيداً، يتلمس طريقه باستخدام ضوء أجهزة الهواتف الذكية مع شبه انعدام للتيار الكهربائي في أغلب المحافظات.
في ذاك الوقت بالتحديد -وتزامنناً مع الإعلان عن أكبر تسريب لبيانات مليار مستخدم فيس بوك من ضمنها أكثر من 6 ملايين حساب سوري-بشر وزير الاتصالات المهندس إياد الخطيب: بتحول سوريا إلى دولة رقمية عام 2030 في تصريح له ضمن فعاليات مؤتمر التحول الرقمي الثالث الذي يبدو للعيان أن منظميه وضيوفه ضلوا طريقهم بسبب خلل فني -على ما يبدو-فحطوا رحالهم في دمشق بدل دبي.
لا، لا يوجد خطأ! فالفرصة الاستثمارية المثلى التي تشكلها سوريا بانتظار من يغتنمها؛ بلد خرجت للتو من حرب دمرت معظم بناها التحتية، تخضع لعقوبات تجعل منها أقل انتقائية وأكثر انفتاحاً لكل الخيارات، فرصة أكبر من أن يتم تضييعها خوفاً من غضب الإدارة الأمريكية التي بإمكانها بأي وقت فرض عقوبات على الأفراد والشركات التي تقدم أي نوع من الخدمات أو الدعم للحكومة السورية.

الحل السحري (الرقمي):
بينما كان العالم يحصي مكاسب الخدمات الإلكترونية وارتفاع أسعار أسهم أمازون وفيس بوك، والقيمة السوقية لشركة زووم وكومة الدولارات التي تمثلها العملة الرقمية "البتكوين"، بما يشبه حمى ذهب جديدة اجتاحت العالم، بدأت الحكومة السورية بعد استعادة السيطرة العسكرية على معظم مناطق سوريا، بالمرحلة الثانية المتمثلة بالإشراف وإعادة تنظيم الاقتصاد الوطني لكنها اصطدمت بمشكلتين أساسيتين أولهما الفساد وثانيهما وجود كتلة نقدية كبيرة في السوق تستخدم للمضاربة بالليرة والعقارات.
فوجدت ضالتها بعملية الرقمنة التي تضمن المزيد من الرقابة على مختلف العمليات الاقتصادية, والحد من التهرب الضريبي, وتقليل خطر المضاربة وضمان استقرار سعر الصرف عبر تحويل الكتل النقدية الموجودة في السوق إلى البنوك بالتالي توجيه الاقتصاد نحو مشاريع إعادة الإعمار.
تمثلت المرحلة الأولى بالعمل لاستعادة دور البنوك بالحركة الاقتصادية عن طريق الربط القسري بين عمليات البيع والشراء والحسابات البنكية، وتحجيم دور شركات الحوالات لصالح المصارف العامة والخاصة، وتفعيل خدمات الدفع الالكتروني، وتبقى الأيام وحدها قادرة على تحديد أثر هذه الإجراءات سلباً أو ايجاباً على الاقتصاد السوري، فالأعمال تقاس بالنتائج لا بالنوايا.

فخ التحول الرقمي في سوريا:
مع الحديث بجدية عن الحكومة الرقمية لا يمكننا إلا تذكر فيلم " الشبكة 1995 "، عندما وجدت بطلة الفيلم نفسها دون هوية لان أحدهم استبدل بيانتها الشخصية ، ويتحدث فيلم "سنودن 2016" عن كيفية المراقبة التي تقوم بها الولايات المتحدة و حجم الداتا الهائل التي يتم استخدامها لتطويع الشخص موضوع المراقبة، وفي أحد المشاهد تفشل عملية اختراق لمخدم الانترنت في سوريا، وتسبب بانقطاع تام للإنترنت، قد يبدو الأمر بعيد الحدوث لكن قد يبرر ولو بصورة درامية "نظرية الخلل فني" الذي لا تعرف أسبابه و الذي تسبب بانقطاعات الانترنت في سوريا - مرات عديدة - أشهرها في شهر أيار من العام 2013.
وبينما تنبأ فيلم " ماتريكس 2000 " بالسناريو الأكثر سوداوية؛ لبشر لن يعيشوا في الواقع الحقيقي بعد الآن وأنهم سيتم وصلهم إلى شبكة تستحوذ على وعيهم وتجعلهم عبيداً للنظام السيبراني الذي جعلهم ببساطة بطاريات، لا يسعنا إلا طرح سؤال: هل نحن مستعدين حقاً؟
لقد أوحى انتشار استخدام الانترنت إلى البعض أن تطبيق التحول الرقمي في سوريا يمكن أن يتم بكبسة زر أو بعمل المؤتمرات والندوات وتقديم التوصيات هنا وهناك، أو يتم بصرف الميزانيات على المواقع بغض النظر إن كانت مستخدمة أساساً وأن هذا التحول بحسب الخبير الاقتصادي " طلال أبو غزالة " تحول حتمي، ويتم بواسطة الأطفال، دون الحديث عن تأهيل عموم المواطنين.
من المعروف أنه ليس من السهل تغيير الأساليب القديمة للعمل، الأساليب التي اعتاد عليها المستخدمون طول حياتهم، وأن مقدار اعتناق المستخدم للأساليب الحديثة تعتمد بالأساس على ثقته بأن هذه الممارسات سوف تجعل حياته أفضل، فكم من المشاريع فشلت بسبب عرقلة البعض لاجراءات تحديث البنى التحتية, ظناً منهم أنها مقدمة للاستغناء عنهم أو استبدالهم!
بالطبع هناك بعض الجوانب التي أثرت بها التقنية بشكل أو بآخر بحياتنا لكننا بقينا مستهلكين للتكنولوجيا والأمر هنا ليس تنزيل أغنية وليس تصفح فيس بوك ! نتحدث هنا عن تغيير العقيدة السائدة لدى عموم السوريين أن الانترنت أداة ترفيه وعالم بلا ضوابط، وأي شيء مباح على الانترنت وطالما أنك تدخل باسم وهمي فبإمكانك عدم تحمل مسؤولية أفعالك.

حماية البيانات:
هذه الخدمة غير متاحة في بلدك:
"إن التكنولوجيا تخدم من يملكها ومن يقدر على فك شيفراتها" وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية ترفض -بحسب الخبير الاقتصادي طلال أبو غزالة- وضع قوانين تنظم عمل الانترنت، من يحمي حقوق المواطن إذا كان القانون لا يحمي المستغفلين!

ما الذي يمنع ما حدث بالأمس -عندما استيقظ السوريون على تعطل كل بطاقات الصراف الآلي لأن الشركة اللبنانية المشغلة اتجهت نحو وقف العمل مع المصارف السورية بحجة العقوبات الأميركية -أن يتكرر مع النظام المصرفي ككل، بحيث يجعلنا غير قادرين على سحب مدخراتنا.
ما الذي يمنع توقف البلاد بشكل كامل في أوقات قطع الانترنت والاتصالات التي عودتنا عليها وزارة التربية مع بداية امتحانات الشهادتين؟
ما الذي يمكننا فعله كيلا نرى عبارة " هذه الخدمة غير متاحة في بلدك " 
وإن كانت بداية عام 2020 حملت مالم يكن بالحسبان، حيث غزا وباء جديد تحت مسمى كوفيد 19 (أحد سلالات كورونا) العالم وما تبع ذلك من إغلاق تام أو شبه تام للفعاليات الاجتماعية المختلفة، ما تبعه من عمليات تعزيز التباعد الاجتماعي التي دفعت بأسهم شركات الرقمنة لتحقيق مكاسب خيالية.
أظهر إطلاق الصين عملية تسخير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي مثل التتبع والتعرف على الوجه كوسيلة للسيطرة على حركة الأفراد بالتالي انتشار كورونا، للعالم لأول مرة بشكل علني، أن هناك من يقدر على تحويل هذه التقنية من استخدام التفضيلات التي تساعد على تقديم المحتوى المتناسب مع ميول الشخص، إلى وسيلة للتحكم بسلوك الفرد نفسه، وأن الحديث عن تحويل الأشخاص الطبيعيين لأشخاص رقميين بمعنى أن يكون لكل فرد طبيعي انعكاس على الشبكة، ليست إلا أداة تتبع عالية التقنية.
هل فتح التحول الحكومي الجديد نحو التحول الرقمي الباب أمام شركات عابرة للقارات؟ في حين لم تتبلور عملية حماية الشركات المحلية التي تقدم نفس الخدمات، تماماً كما حدث منذ عشر سنوات مع إغراق السوق السوري بالمنتجات التركية وأدى لتوقف عشرات المنشآت الصغيرة التي لا تقدر على المنافسة.
وإن بدأ بالفعل التهافت على تقديم الخدمات الرقمية مثل خدمات فتح الحسابات الرقمية لبعض البنوك الخاصة، و خدمات الدفع الالكتروني، يبقى السؤال كيف السبيل لحماية البيانات إذا ما قررت الحكومة مواكبة العصر وتحويل كل بيانات مؤسساتها الخدمية إلى الرقمية، ثم قررت الولايات المتحدة الأمريكية قطع بعض خدمات الانترنت عنها تحت مسمى " العقوبات "

مصطلح التحول الرقمي:

تسأل أحد المواطنين في الشارع ماذا يعني بالنسبة لك التحول الرقمي والمجتمع الالكتروني: فيقول أنه اشترى ساعة ذكية يمكن ربطها بالموبايل بدل الساعة العادية، آخر ممازحاً يقول أنه بدأ "بشرب الأرغيلة الالكترونية بدل العادية".
لذا بدا من الواجب تعريف القارئ بالتحول الرقمي، خاصة مع سيل الأخبار التي مهد لها عقد مؤتمر التحول الرقمي الثالث الذي عقد في دمشق وأطلق حمى الرقمنة في سوريا:

التحول الرقمي كمصطلح هو: توفير الخدمة بصورة فردية وبجودة عالية وبتكلفة منخفضة لكل الأشخاص دون الحاجة إلى التواجد المادي للحصول على الخدمة، بحسب هولين جاو الأمين العام للاتحاد الدولي للاتصالات، وهو أحد مفرزات ما يسمى الثورة الصناعية الرابعة أو ثورة نظم المعلومات بصيغتها الحقيقة فكل شيء أصبح متاح بضغطة زر وبإمكانك مشاركته بضغطة زر أخرى.
فخدمات الويب لم تعد تقتصر على تقديم المعلومات فقط بل تطورت لتقديم الخدمات أيضاً عبر لعب دور الوساطة بين طرفي أي عملية وعلى مستوى عالمي, مما يضمن القيام بتحويل الخدمات التي تقدم بأماكن منفصلة وتجميعها، لتتم عبر منصة واحدة أو منفذ واحد سواء عبر حاسبك الشخصي أو هاتفك الذكي من مكانك، وهو ما تم بصورة عفوية في العشرين سنة الماضية على مستوى أفراد ومؤسسات ودول بعينها في دول ذات مجتمعات متقدمة، أما اليوم فالخطوة الثانية للتحول الرقمي هي ربط الخدمات الحكومية بالشبكة أو بقاعدة بيانات واحدة على مستوى الدولة، مدفوعة بانخفاض تكاليف استخدام الانترنت، وزيادة عدد مستخدميها وسهولة استخدامها.

بدايات التحول الرقمي:
الامر ليس غريباً كلياً؛ تقول السيدة سماح -وهي آنسة لمادة المعلوماتية-موضحةً: لأنه بدأ الأمر مع دخول الحواسيب بصورتها البدائية لمنازلنا مع بداية الألفية: وحول شيئاً فشيئاً ألبومات الصور العائلية والمكتبات بنوعيها الورقي كالكتب والمغناطيسي (كاسيت -في سي آر) إلى بيانات رقمية مطبوعة على أقراص ليزرية (سي دي-دي في دي) التي انتقلت بدورها من حالتها المادية إلى ميغابايتس في وسائط التخزين المختلفة من ثم انتفت الحاجة إلى وجود هذه المكتبة أساساً مع الوصول اللامحدود لأعظم تجمع معرفي عرفته البشرية وهو الانترنت.

 

وفي السياق نفسه أكد سعيد وهو طالب في كلية التربية ويعمل في مكتبة للخدمات الطلابية: أنه مع الوقت تحولت عملية الدراسة في الجامعات والمعاهد من عملية استنساخ الكتب والكراسات ذات الحجم الهائل -والمكلفة للطالب -إلى ملفات رقمية على وسائط محمولة يسهل الوصول اليها ونسخها عبر الحاسب أو (اللاب توب) الذي استبدل لاحقاً ببديل أكثر كفاءة وأخف وزنا ألا وهو الجهاز اللوحي (التابليت).

مجانية الإنترنت
خزان المعلومات ووسيلة الاتصال:

قلل الانترنت الحاجة إلى التواصل المكاني بين بني البشر للحصول على المعلومات المختلفة -كالهاتف تماماً-لكنه لا يحتاج طرفي اتصال فعالين في الوقت نفسه، وأصبح بوابة تواصل بشري مجاني لامحدود عبر البريد الالكتروني (الإيميل) والذي يتم الحصول عليه بشكل مجاني، مقابل إدخال معلومات خاصة بالمستخدم في موقع معين.
بدون هذه المعلومات -حتى لو كانت وهمية -لا يمكن لأي مستخدم ان يملك بريد الكتروني، وكانت عملية ربط هذا الفرد بمحيطه المكون من الأشخاص الذين يتفاعل معهم الفرد مثل زملاء العمل والأصدقاء والعائلة ... تتم عبر ادخال عنوان الشخص المطلوب يدويا من قبل المستخدم ثم حفظها، بعدها أصبحت المحادثات جماعية بدل ثنائية عبر غرف الدردشة والمدونات، كل ذلك كان قابلاً للضياع في حال نسي المستخدم كلمة المرور أو استبدل الإيميل بآخر، لكن بقيت عملية التواصل محدودة بالكتابة أو تبادل المحتوى النصي والصور.
تطور الشبكات قدم خدمة تواصل صوتي عبر تطبيقات مختلفة بتكلفة منخفضة جداً مقارنة بخدمة الهاتف، وخاصة في مجال الاتصالات الدولية ثم اتبعها بخدمة التواصل المرئي، وتحولت الانترنت من خزان معرفي يضم خدمات معلومات وخدمات إخبارية وأرشفة، إلى وسيلة تواصل عالمي بسبب انخفاض تكلفتها وسهولة استخدام مختلف الخدمات المقدمة فيها وبدأت شيئاً فشيئاً تنتشر بين عموم الناس الأمر الذي ساهم بابتكار ما يسمى "بوسائل التواصل الاجتماعي"!

وسائل التواصل الاجتماعي
والمجتمع الرقمي العالمي:

كانت عملية الاتصال بين البشر في السابق تتم عبر طلب رقم هاتف أو تحديد عنوان الكتروني للشخص المرغوب التواصل معه، لكنها لأول مرة في التاريخ، تحولت إلى شخصنة الاتصال أي أنها تتم بطلب اسم الشخص أو الضغط على صورته ما هيأ لفكرة وجود انعكاس رقمي لكل شخص حقيقي! 
عبقرية الفكرة التي انطلقت منها وسائل التواصل الاجتماعي و على رأسها الفيس بوك, تناسبت طرداً مع المجالات الهائلة التي قدمتها فكرة وجود مجتمع رقمي عالمي يضم الجميع، مع التأكيد على ضرورة على ربط وتصنيف البشر من خلال فئات تعتمد على إجبار المستخدم على ادخال بيانات صحيحة، لتضمن للمستخدم وجوده ضمن دائرة الأشخاص المطلوبة، سواء كانوا مرتبطين مكانياً من خلال البلد أو المدينة أو مكان العمل والدراسة، أو عمرياً وحتى ثقافياً من خلال اهتمامات مشتركة تحددها خوارزميات معقدة ترصد و تراقب سلوك المستخدمين أحياناً دون علمهم أو إذنهم المباشر، رغم ذلك كان الشيء اللافت هنا؛ مستوى الانتساب غير المسبوق لهذا المجتمع كانت بسبب سهولة و مجانية الوصول للخدمة.
مع استبدال منصة الدخول لهذه المواقع من الحواسب إلى أجهزة الهاتف اللوحية، أصبح رقم الهاتف الخليوي الخاص أحد البيانات الأساسية الواجب إدخالها ليستعمل كوسيلة لحماية الحساب أولا ووسيلة لربط هذا الحساب (اختيارياً) بالأشخاص المرتبطين بجهات الاتصال المرتبطة بهذا الرقم والمخزنة على ذاكرة الجهاز لتقدم مزيد من خيارات التواصل لأشخاص قاموا بالفعل بربط حساباتهم برقم هاتفهم الخاص، لتظهر في خانة " أشخاص قد تعرفهم".
ومع تنامي عمليات الاغلاق شبه العالمي بسبب انتشار فيروس الكورونا -والذي ينتشر بالهواء- بدأ الحديث بجدية عن توسيع تقديم الخدمات عبر الشبكة واستخدامها بصيغة شاملة، لتعزيز مصطلح " التباعد الاجتماعي" بين البشر لتقليل خطر الإصابة بالكورونا , تبعه زيادة هائلة في أرباح شركات الاتصالات الشركات التي تقدم الخدمات الالكترونية كالتسوق والترفيه وتحولت عملية التحول الرقمي من رفاهية و شر لا بد منه إلى ضرورة لأغلب الشركات على الصعيد العالمي، وفي حين تمكنت بعض هذه الوسائل من إزاحة وسائل الإعلام و الترفيه التقليدية مثل السينما والتلفاز والراديو وابعادها عن نطاق الاهتمام, برز الحديث عن مدى قدرة الوسائل الرقمية على القيام بدور أكثر جدية في تقديم الخدمات المختلفة للمجتمع .

غوغل بيتزا:
اذا كنت لا تعرف عزيزي القارئ عن ماذا نتحدث هنا فالأمر عبارة عن طرفة افتراضية تتحدث عن شخص يطلب بيتزا من أحد المطاعم ليتفاجأ بأن المطعم اصبح مملوك من شركة غوغل و هنا يبدأ موظف الخدمة بسرد الكثير من التفاصيل التي تتعلق بنمط حياة الزبون و عاداته الغذائية و مستوى سكر الدم لديه بشكل مستفز, بهدف اقناع الزبون بطلب بيتزا بالخضار بدل البيتزا بالجبنة, هنا يغضب الزبون و يقول أنه سيترك البلاد إلى جزيرة مهجورة لاوجود فيها لا للإنترنت و لا غوغل, فيقول له موظف البيتزا نفسه أنه لا يمكنه ذلك لأن جواز سفره منتهي الصلاحية !
هذا ما يحمله التحول الرقمي: والذي يعني ربط وتحويل السجلات والبيانات الحكومية الورقية في كل مؤسسة على حدى إلى قاعدة بيانات واحدة مشتركة؛ بحيث يرتبط اسم الشخص بصورة تلقائية بسجله المدني و العدلي ومنصبه الوظيفي مع ما يملك من عقارات ومركبات و مكان سكنه و رصيده البنكي!
وهو أمر رائع إذا كنت تعرف من سيمتلك هذه المعلومات ومن يتحكم بها ومن سوف يستخدمها وهل هو مؤتمن عليها ويوثق به؟

الدفع نحو الرقمنة في سوريا:
لم تكن الحكومة السورية بحاجة لأزمة كورونا كمحفز لتدفع بالتحول إلى الرقمنة فهي بالأساس مدفوعة بشح الموارد بسبب العقوبات التي تخنق الاقتصاد السوري، و باتت الحكومة بحاجة ماسة إلى نظام أكثر كفاءة لتوزيع الدعم الحكومي ،
ولما كان العودة لنظام البطاقات ( البونات ) غير واقعي بدأ التحرك نحو الاستفادة من النظام الرقمي، وتحديداً قبل عامين حيث عملت كل من وزارات الداخلية و النفط و وزارة الاتصالات و التقانة : " المشروع ( الوطني ) للبطاقة الذكية ( الوطنية ) متعددة  الاستعمالات" وتم ربط هذه البطاقة بالقيد العائلي، مع وضع البطاقة تحت تصرف أي جهة حكومية تريد تقديم خدمات أخرى للمواطن.

- مشروع تكامل:
وبالفعل بدأ مشروع البطاقة الذكية برعاية شركة "تكامل" وهدفها الحد من التهريب، وتحقيق التوزيع العادل لما يسمى بالدعم الحكومي ليبدأ مشوار "إيصال الدعم لمستحقيه " من خلال تقنين توزيع المحروقات والمواد الغذائية المدعومة، و بعد أقل من عام خطت عملية التحول الرقمي القسري في سورية خطوتها الثانية بربط بيانات سيارات النقل العام ببطاقة جديدة خاصة بتوزيع المحروقات على مختلف المواطنين وفق شرائح لا يلبث المواطن التعود عليها حتى تعود أزمة نقص التوريدات بخلط الأوراق والعبث بالكميات الخاصة بكل مركبة و أوقات توزيعها لتتدرج من خمسين لتر يومياً عند إطلاق الخدمة عام 2019 إلى 25 ليتر كل سبعة أيام و حتى لحظة إعداد هذا التقرير.

مع الأيام أثبتت هذه البطاقة أن المشروع لم يتمكن من معالجة الكم الهائل من البيانات التي توفرت لدي مشغليه أو على الأقل تجاهلها وانعكس ذلك عبر قرارات تؤكد خضوع العملية لمزاجية المسؤولين.
وفي حين تسببت كمية البيانات الهائلة وضعف البنى بتعطل التطبيق، أثبت تنفيذ المشروع على أرض الواقع: أن عملية سد الثغرات في ظل ظروف متقلبة عملية صعبة، وأنه لا ذكاء قادر على مواجهة الفساد أو المحسوبيات والبيروقراطية بأحسن تقدير.


 

و أن البطاقة الذكية لم تمنع حالة خوف المواطنين من عدم تحصيل مخصصاتهم، ومسارعتهم لتحصيل مايمكن تحصيله بأسرع وقت ممكن وما نتج عن ذلك من ازدحام وضغط على مراكز السورية للتجارة ومراكز الغاز ومحطات الوقود، كان الحل بإعادة ترتيب عملية التوزيع من خلال التحديد اليومي لعدد المواطنين المستفيدين من الخدمة بحسب القدرة الاستيعابية لكل مركز على حدى أو نظام الرسالة: وهو أن ينتظر المواطن وصول رسالة نصية تخبره بالتوجه لمنفذ البيع ، بالتالي ضمان تدفق المواطنين للمراكز، وهو حسب أحد معتمدي الغاز: كان يمكن تطبيقه بدون " دويخة " البطاقة و الأجهزة القارئة للبطاقة، من خلال بطاقة دور تحمل رقم كتلك التي تحصل عليها عند دخول أي مركز خدمة أو بنك !

أزمة كورونا والخدمات الرقمية: 
مع بدء إجراءات الإغلاق الكلي والجزئي في ربيع عام 2020 بسبب الكورونا بدأ الحديث عن التعليم عن بعد "خزيت العين " و توسيع الخدمات الالكترونية و تعزيز مفهوم الحكومة الالكترونية و مع تصاعد الاهتمام بأخبار كوفيد 19، مر خبر إطلاق مشروع بوابة الحكومة الالكترونية السورية و تطبيق بوابتي في بداية العام 2020 مرور الكرام، و هو بحسب مديرة التحكم الرقمي في وزارة الاتصالات م. بيان الحللي: يهدف لتقديم معلومات متعلقة بالخدمات الحكومية فقط ،أي أنه لم يصمم لتقديم أي خدمة الكرتونية سوى كونه لوحة إعلانية تجمع ما يراه المواطن في لوحات الإعلانات الخاصة بكل جهة من ناحية الأوراق المطلوبة والطوابع للحصول على الخدمة باليد من أحد المراكز فيما بعد، نظرة سريعة على الموقع تكشف أنه متاهة وخاصية البحث فيه بحاجة لمزيد من التطوير.

1-خدمات العمل عن بعد:
لم تقدم خدمات العمل عن بعد في الفترات الماضية أي إضافة تذكر للاقتصاد السوري، لأنه وببساطة ليس اقتصاد خدمي بل اقتصاد بسيط، يعتمد بالدرجة الأولى على الزراعة وتشكل الصناعات الغذائية فيه الجزء الأكبر من الصناعة التي لا تعتمد على الروبوتات في بيئة عمل حجمت سنوات الحرب نشاطها وصعبت ظروف عملها، طلبت بعض الشركات من موظفي خدمة الزبائن تسيير أعمالها من منازلهم خاصة أن عملهم لا يتطلب إلا وجود خط هاتفي لاستلام الطلبات والشكاوى وفي بعض الأحيان جهاز حاسوب متصل بالشبكة لإرسال الإيميلات.  
رغم ذلك بدأت عملية العمل عن بعد تحصد الفشل بعد الفشل؛ بسبب قطع الكهرباء أولاً وضعف البنى التحتية خاصة أن معظم الشركات لم تحدث أجهزة الحواسيب الخاصة بها منذ بداية الأزمة حيث يتجاوز سعر الحاسب المحمول بمواصفات مقبولة المليون ليرة سورية!
وجود غالبية المواطنين في منازلهم ولفترات طويلة زاد العبء على الاتصالات وأدى لبطىء الاتصالات الشبكية خاصة بالأرياف بسبب الضغط المتزايد على بوابات الانترنت في أوقات الذروة، إضافة عدم قدرة أنظمة العمل المختلفة الاستغناء عن الورقيات مع ضعف قدرة الكوادر -وهي المحدد الاساسي لأي نظام-على التكيف وعلى التعامل مع المشاكل اليومية لهذه الأنظمة.
وهو ما يثير السخرية صراحةً لأنه عند التقدم لأي وظيفة يشترط على المتقدمين الجدد تقديم شهادة ( أي سي دي إل ) أو الشهادة الدولية لقيادة الحاسب الآلي ، من ثم يتم توظيف من تسر الناظرين أو من يحمل توصية من أحد الأشخاص! إذا سلمنا أنه لا يوجد أي رفض لعملية التخلي عن الأساليب التقليدية، أو عدم فهم للأساليب الحديثة.

2- خدمات الاقتصاد الرقمي: 
شكلت بطاقة الائتمان المصرفي (الكريديت) المفرز الأساسي لعملية رقمنة الاقتصاد في المجتمعات الغربية، لكنها لم تجد سبيلاً إلى المجتمع السوري لعدة أسباب:
أولها عدم نضوج الخدمات البنكية وتركيز توزع البنوك ضمن مراكز المدن فقط وعدم وجود أي صرافات خارجها حتى قبل الأزمة، الذي قلل الاعتماد على هذه الخدمات وعزز ثقافة "الكاش" و " تحت البلاطة " في التعاملات المالية، أما بالنسبة للموظفين فشكلت عبارة: "خارج الخدمة " التي تظهر على الصرافات حالة من عدم الارتياح تدفهم نحو افراغ الحساب مباشرة متى سنحت الفرصة.
و ثانيها أن عملية الادخار -بداية الأزمة- تحولت من عملية إيداع الكتل النقدية في البنوك والمصارف إلى اقتناء الذهب والعملات الأجنبية بسبب تذبذب سعر صرف الليرة، كما قللت العقوبات من حجم الخدمات المصرفية من وإلى القطر, و مع شبه اندثار لعملية الادخار، الأمر الذي ساهم في تحجيم دور المصارف العامة والخاصة في العملية الاقتصادية واقتصر دورها على خدمة كبار التجار، أما التعاملات الإلكترونية فبقيت بادنى اهتمام بسبب الرهاب الرقمي والخوف من ضياع معلومات الحساب وعمليات القرصنة , بالتالي قضت نهائياً على فرصة تطبيق خدمات الاقتصاد الرقمي حتى الآن .

3- خدمة الإعلام الرقمي:
أما الاعلام والخدمات الإخبارية فقد ساعدت اللخطية وسهولة الوصول وتنوع مصادر الإعلام الالكتروني على تألقه كوسيلة إخبارية يستقي منها معظم المواطنين -وخاصة جيل الشباب -المعلومات والأخبار والصور في أي وقت وفي أي مكان، من خلال صفحات ومواقع إخبارية قائمة بحد ذاتها أو ملحقة بوسائل إعلام تقليدية، حد من هذا النجاح ظهور واسع لصحافة النسخ واللصق وتكرار الخبر ذاته دون نسبته لمصادره الأصلية، ليصبح انتشار مصطلح " أخبار فيس" بدل مصطلح "حكي جرايد"، الوصف الأنسب للأخبار المبالغ فيها أو المشكوك بصحتها.
ويعتبر أهم ما قدمته هذه الخدمة الاخبارية الجديدة ليس كم الوسائط الهائل ولا سرعة وصول الأخبار، بل هو ديموقراطية الخبر حيث أعطى زر " متابعة القراءة" حرية متابعة أو تخطي المواضيع، بالإضافة لميزة التعليق وقراءة تعليقات الأخرين قدمت الرقمنة للوسيلة الإعلامية رجع صدى مباشر، من خلال خاصية التفاعل مع الخبر: أعجبني -أضحكني-أحزنني ...

4-الاعلانات الرقمية:
أبرزت الأنترنت الإمكانيات الهائلة لوسائل التواصل الاجتماعي في مجالات الإعلانات وعرض المنتجات من خلال آلاف الصفحات المتخصصة سواء كانت محددة بمنتج معين أو نطاق جغرافي محدد مع إمكانية التواصل مع المعلن في أي وقت، ومقارنة المنتجات مع تحديث يومي للأسعار، مع تقليل دور الوسطاء التقليديين للحد الأدنى، وكل ذلك وأكثر وأنت مسترخي في منزلك, لكنها بقيت محدودة هي الأخرى بعملية خلق الرغبة أو التعريف بالمنتج فقط أي أن عملية للشراء تتم على أرض الواقع إما بصورة مباشرة بوجود طرفي العملية التجارية أو وجود وسيط على أرض الواقع.

أم الطنافس الفوقا:
فجأة بدأ سيل أخبار التحول الرقمي يغزو المنصات كأنه أمر واقع رغم أنه بالامس لم يكن سوى خيال علمي، لمجتمع بسيط في بلد يشكل الاقتصاد الزراعي نسبة كبيرة في دخله القومي، وفيما تخوف البعض من تحقق النبوءة التي تحدثت عنها المقدمة المعروفة للمسلسل المشهور " ضيعة ضايعة " ومنذ عشر سنوات تقريباً: بأن الانسان سيصبح عبد للتكنولوجيا وأن الثورة الرقمية سوف تجعل أشياء لم نكن نتوقع حدوثها قبل عدة سنوات أمراً ضرورياً لا يمكن أن نتخيل حياتنا من دونها اليوم.
ما الذي يمنع أن تصبح التقنية -مع ما يمر به وطننا من حصار ونقص بالخدمات الأساسية – محدد إضافي لحركة المجتمع نحو التنمية؟
لقد واجه آباؤنا انقطاع الكهرباء النادر بالشموع والزيارات الاجتماعية، أما الآن أصبحت مصابيح الليد والمولدات المنزلية وأنظمة البطاريات التي تشحن إما بكهرباء الشبكة أو بألواح الطاقة الشمسية باتت تغذي الأجهزة الذكية وأجهزة الراوتر التي تستعمل للاتصال بالأنترنت لغرض التنفيس وقتل الوقت وتصفح المواقع الالكترونية بمختلف اانواعها, ولتتحول إلى ضرورة أساسية لكل منزل، تستنزف جزء لا بأس فيه من دخل الأسرة المحدود أساساً حتى بالنسبة لشعب يقع أكثر من نصفه تحت خط الفقر حسب التصنيفات العالمية.

الى هنا تنتهي الحلقة الاولى من هذا التحقيق, تابعونا في الحلقة القادمة والاخيرة والتي تتضمن لقاءات مع خبراء اقتصاديين ومصرفيين وتقنية المعلومات......

خاص شبكة ارام بريس الاخبارية
  شارك
|
عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 2217

الفن السابع والدراما

المؤسسة العامة للسينما وتظاهرة سينما الطفل في صالات سينما الكندي في سورية

المؤسسة العامة للسينما وتظاهرة سينما الطفل في صالات سينما الكندي في سورية

الاعلامي اسماعيل ماشفج... الملحة الدرامية لأنها بلادي... ترى النور اليوم

الإعلامي عمار عوض... يَليقُ بِكَ الفَرَحُ يا بردى... حفل ختام الدورة

أخبار المال والاعمال والشركات

بنك سورية الدولي الإسلامي.. (الراعي الماسي الأول) لجمعية بسمة

بنك سورية الدولي الإسلامي.. (الراعي الماسي الأول) لجمعية بسمة

بنك سورية الدولي الإسلامي ونشاط ترفيهي مميز لأطفال مرضى السرطان في

بنك سورية الدولي الإسلامي يوقع اتفاقية تعاون مع شركة سدادي للدفع

شارك برأيك

الرئيسية القائد الأسد محليات..... ملفات فساد أميرة الياسمين
مقالات الافتتاحية الاقتصادية الدولية اخبار المال والاعمال والشركات الفن السابع والدراما
افتتاحية الأسبوع ابحاث طبية جريئة..... تكنولوجيا وعلوم رسالتنا الميدانيات الأمنية والعسكرية
ثقافة..... منوعات..... رياضة من نحن ميدانيات أمنية وعسكرية عربية ودولية اتصل بنا
الشرق الأوسط وآسيا افريقيا أوروبا القارة الأمريكية
© Copyright 2023 arampress.com All rights reserved.
Powered by Ten neT.co Web Solutions Company.