ازداد التعاون بين مصر وكيان الاحتلال الإسرائيلي في السنوات الأخيرة ليبلغ مستويات عالية، كما يتضح من التقارير التي صدرت مؤخراًحول التنسيق العسكري في سيناء، غير أن هذا التحالف السري نوعاً ما لم يكن من السهل تقبّله في أوساط بعض الجنرالات المصريين كونهم يميلون إلى زرع فكرة في أذهان المصريين بأن إسرائيل هي العدو رقم 1 من أجل كسب الشرعية والإمساك بزمام السلطة.
وينبع قلقهم من عجزهم عن تعريف العلاقة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي منذ توقيع معاهدة سلام في عام 1979، إذ أن كبار المسؤولين العسكريين يجدون أنفسهم يكافحون من أجل النظر إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي كدولة غير معادية وتغيير عقيدتهم العسكرية وفقاً لذلك.
ومن هنا، انبثقت ثلاث مدارس من الفكر داخل المؤسسة العسكرية خلال العقود الأربعة الماضية.
أوّلها وجهة النظر القائلة إن كيان الاحتلال الاسرائيلي عدو أبدي. ووفقاً لهذا الرأي، يجب أن تكون مصر في حالة دائمة من العداء مع الدولة اليهودية. ويرفض أولئك الذين يتبنّون هذه النظرة الارتقاء بالعلاقات إلى ما أبعد من إطار معاهدة السلام، ولذلك يرفضون أي مستوى من التطبيع باستثناء التنسيق الأمني في سيناء وفقاً لما تقتضيه [معاهدة السلام]. ويهيمن هذا التصور العدائي في أوساط الضباط العسكريين الذين يتبنون وجهات النظر الناصرية من ستينيات القرن الماضي.
أما الفئة الثانية فلا تعتبر كيان الاحتلال الإسرائيلي عدواً بحد ذاته، بل تهديداً مزمناً للأمن القومي على حدود مصر الشرقية. وبالنسبة لأصحاب هذا الفكر، كيان الاحتلال ليس دولةً معادية كما أنه ليس دولة صديقة. وينبع هذا النوع من الحذر إزاء الكيان من ميّزتها النسبية من ناحية التقدم التكنولوجي والعلمي، إذ إن تففوق العدو الاسرايلي تقنيا مهّد الطريق أمامه لفرض التفوق العسكري على العرب. ومن المرجح أن يشعر ضباط الجيش المصري المنضوين تحت هذه الفئة - والذين عادة ما يُعتبرون أشخاص واقعيين - بالتهديد من هذه الثغرة العسكرية. بالإضافة إلى ذلك، لا يشعر القادة العسكريين المصريين بالإرتياح من العلاقة المميزة التي تربط بين العدو الاإسرائيلي والولايات المتحدة. فحين بادر الرئيس المصري الراحل أنور السادات بمساعٍ دبلوماسية مع الحكومة الأمريكية، والتي شملت اتفاقات كامب ديفيد، ساد أملٌ كبير بين كبار المسؤولين العسكريين ببناء علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة. إلّا أن هذا الأمل تلاشى بمرور الوقت، وخاصة بسبب عجز مصر عن دفع ثمن العلاقة المميزة مع الولايات المتحدة. وخلافاً للدول الأخرى في المنطقة مثل الأردن ودول الخليج، لم تكن مصر مطمئنّة قط لهيكل الأمن الإقليمي بقيادة الولايات المتحدة، بل لجأت إلى قبول نظريات المؤامرة حول اللوبي اليهودي في واشنطن.
وفي المقابل، تدعو الفئة الثالثة إلى معاملة كيان الاحتلال الإسرائيلي كدولة أوروبية صديقة. ويؤمن أصحاب هذا الفكر في تطوير علاقة تبادلية وعمليّة قائمة على المصالح المتبادلة مع كيان الاحتلال، ولا يميلون إلى رؤيته من منظار قوالب الأفكار النمطية المشحونة بالعواطف. ومن هذا المنطلق، إذا احتاجت مصر إلى طائرات "إسرائيلية" في سيناء لقصف أهداف تنظيم «الدولة الإسلامية»، فهم يؤيدون ذلك.
وقد زاد من تفاقم هذا الوضع الاعتقاد السائد بأن الإسلام السياسي الذي تجلى في جماعة «الإخوان المسلمين» وقطر وتركيا هو العدو الرئيسي لمصر. وقد تفاقمت هذه النظرة غير المواتية للإسلام السياسي بفعل أحداث "الربيع العربي" ووصول جماعة «الإخوان المسلمين» إلى السلطة، ودعم «حماس» لتنظيم داعش الارهابي في سيناء. ويمكن القول إن هذه هي الفئة التي ينحدر منها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كضابط عسكري سابق تولّى السلطة بعد اندلاع احتجاجات جماهيرية مناهضة للحكومة في عام 2013. وقد تبدو هذه المدارس الفكرية مختلفةً، ولكن هناك قواسم مشتركة بينها - وتقف هذه المعتقدات حجر عثرة أمام العلاقات المصرية- "الإسرائيلية".
[ومن المعتاد] أن يختلط التاريخ بالدين. فمن الناحية التاريخية، خاضت مصر أربع حروب ضد العدو الإسرائيلي على مدى 25 عاماً، ولا تزال هذه الحروب راسخةً في الذاكرة الجماعية للبلاد. بالإضافة إلى ذلك، حشد الخطاب الديني شريحةً كبيرةً من الشعب حول وجهات نظر معادية للسامية تجاه الإسرائيليين، وتفشت هذه الآراء لتطال المؤسسة العسكرية. ونتيجة لذلك، تُعبّر القيادة العسكرية عن آراء سلبية حول اليهود والإسرائيليين حسب خبراء صهاينة
وحسب التقرير الصهيوني فان هناك قلة فهم فيما يتعلق ب "إسرائيل"، حيث يرى الضباط المصريون أن الإسرائيليين هم مهاجرون أوروبيون بسبب اعتقادهم المتأصل بأن معظم سكان الدولة اليهودية هم من اليهود الذين هاجروا على مر السنين. وهناك أيضاً اعتقاد عام بأن الأقليات غير العربية وغير المسلمة - مثل الأقباط، أي ما يقدر بنحو 10 في المائة من سكان مصر - لا ينبغي أن يكون لهم الحق في تقرير مصيرهم. ويُعد السماح بتقرير المصير لجماعة أقلية فكرة خطيرة في الشرق الأوسط. وبالنسبة للقادة العسكريين المصريين، (على سبيل المثال، فإن الأكراد والجماعات المتشابهة التفكير التي تسعى إلى إقامة دولة قومية لنفسها) يتسببون باستمرار الحرب الأهلية. ومن المرجح أن يكون ضباط الجيش المصري أكثر ارتياحاً لفكرة قمع الأقلية تحت شعار الاستقرار وإرساء الأمن في المنطقة.
ومن غير المحتمل أن تتلاشى مشكلة الإرهاب في شبه جزيرة سيناء في المستقبل القريب، الأمر الذي سيُبقي المجال مفتوحاً أمام المزيد من التعاون الأمني والعسكري بين الجيشين المصري وجيش العدو الإسرائيلي. ومع ذلك، يُعتبر خبراء صهاينة ان الحفاظ على هذه العلاقة في شكلها السري نهجاً خاطئاً. ومن شأن تسليط الضوء على التعاون العسكري في سيناء أن يساعد على تحدي وجهات النظر المعيبة تجاه "إسرائيل"، وإلّا من المرجح أن تستمر الأفكار الخاطئة الجوهرية حول الدولة اليهودية في صفوف الجيش المصري..... ان العدو الاسرائيلي يسعى لتغيير عقيدة الجيش المصري ولاظهار نفسه انه يحارب الارهاب وتنظيم داعش الارهابي المدعوم من حماس بينما يقوم بدعم التنظيمات الارهابية الى جانب حركة حماس في سوريا بالاضافة الى دعم النزعات الانفصالية عند الكرد من اجل تقسيم سوريا وهذا يوجب على كيان الاحتلال الصهيوني ان يسعى جاهدا لتغيير عقيدة الجيش المصري بشكل جذري من اجل انهاء القضية الفلسطينية واقامة الدولة المزعومة من الفرات الى النيل