اجرت اللقاء الاعلامية هبة قاسم/ تحرير الاعلامي عمار عوض
عَشرٌ مِنَ العِجافِ وَ نَيِّفٍ لا ينكرها ذو بصيرة ، أحرقت الأخضر و اليابس عاثَ فسادها في الأرضِ خراباً, وحده زند ذلك الفلاح كان يشق ثلم الحياة و يضحك أرضاً أضناها الألم ورجعُ صَدَىً يعلن مولد شمس السيدة.....الأرض لمن يزرعها .
قبل سنوات الحرب و أثنائها و بعدها..... كيف كان و كيف أصبح واقع القطاع الزراعي و الثروة الحيوانية في سوريا.....؟
ما هي التحديات التي واجهته للخروج من عنق الزجاجة؟..... كيف إنعكس ذلك على المواطن و ظروفه المادية الصعبة.....؟
ما هو الدعم و المساعدة التي يتلقاها المزارع من الحكومة لمواكبة تطورات الأزمة السياسية و الظروف المناخية المفاجئة .....؟
شرحٌ مُستفيض برحابة صدر و حُسنُ وِفادة ، قدمه وزير الزراعة في الجمهورية العربية السورية د . م محمد حسان قطنا في لقاء أجرته معه شبكة Aram press الإخبارية نورده بكل مصداقية و شفافية لنسلط الضوء على واقع الثروة الزراعية و الحيوانية و مدى تأثرها بمناخات التطورات السائدة .
اهلا وسهلا بكم سيادة الوزير في هذا اللقاء, هل لكم ان تحدثونا عن الواقع الزراعي الحالي في سوريتنا الحبيبة؟؟؟
السيد الوزير..... القطاع الزراعي من أهم القطاعات الداعمة للإقتصاد في سوريا ، لأنه يوظف عدد كبير من القوى العاملة من خلال إستثمار الموارد الأرضية و المائية وفق الخطة الإنتاجية الزراعية و البيئية و المناخية السائدة .حيث يتم تنفيذ الخطة الزراعية حسب ميزان إستثمار الأراضي و الموازنة المائية لزراعة المحاصيل و الخضار و الأشجار المثمرة حسب الخارطة المناخية و النظم الزراعية المتبعة لكل منها .
يعمل القطاع الزراعي على تأمين إحتياجات السكان من الغذاء و إحتياجات الصناعة من خلال توفير المواد الأولية للصناعات التحويلية أو الغذائية كما يعمل على دعم قطاع التصدير بالمنتجات الغذائية الطازجة أو المصنعة ، و بالتالي هو يساهم في دعم الإقتصاد الوطني و توفير القطع الأجنبي اللازم لدعم هذا الإقتصاد, وعملياً فان التحديات التي تواجه القطاع الزراعي كبيرة جداً أهمها ، إعتماد القطاع على مستلزمات إنتاج مستوردة . في فترة ما قبل الحرب كان تأمين مستلزمات الإنتاج يتم عن طريق الإنتاج المحلي و الإستيراد .معمل الأسمدة في محافظة حمص كان ينتج كامل إحتياجاتنا من الأسمدة الآزوتية و الفوسفاتية ، و الآن هو خارج الخدمة بسبب عدم توفر مصادر الطاقة من الغاز لأن مصادر الطاقة التي تشغل هذا المعمل تقع تحت سيطرة الأطراف المعادية للدولة شمال الفرات, حيث كان لدينا مصادر نفط توفر إحتياجات القطاع الزراعي" مازوت ، زيوت ، مشتقات أخرى " تقع شمال الفرات .
الآن تضطر الدولة السورية لإستيراد الأسمدة و المشتقات النفطية اللازمة لإحتياجات القطاع الزراعي لتمكين الفلاحين من زراعة أراضيهم . ما يجعلها تتكبد مبالغ كبيرة من القطع الأجنبي لإستيراد هذه المواد بالتعاون مع القطاع الخاص أحياناً و هو ما يعتبر إستنزاف حقيقي للقطع الأجنبي, الى جانب ان الأراضي المتواجدة شمال الفرات و التي كانت تزرع بمحاصيل القمح و القطن و الشعير و بعض الأنواع الأخرى من الأعلاف " كالذرة و عباد الشمس و الخضراوات " خسرناها بسبب سيطرة قوات الإحتلال الأمريكي . و بالتالي تحولنا من دولة مصدرة للقمح إلى دولة مستوردة لهذا المنتج . بحيث نستورد مليون و نصف طن من القمح لتأمين لتأمين الإكتفاء الذاتي و الأمن الغذائي للمواطن السوري , بالنسبة للقطن فإننا نغطي 10% من إحتياجات الصناعة التحويلية اما باقي المنتجات مازلنا نزرعها بكفاءة و هناك كميات جيدة من كافة أنواع المحاصيل و كميات كبيرة تتاح للتصنيع و التصدير ، بحيث أن الصادرات الزراعية السورية الآن تشكل 80% من إجمالي الصادرات .
سؤال..... في ظل سيطرة قوات الإحتلال على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية و التي إنعكست سلباً على إنتاج القمح و القطن ، هل بحثت وزارة الزراعة عن أراضي بديلة لتعويض الخسائر مثل " سهل الكسوة ، سهل الغاب "....؟
السيد الوزير...... وزارة الزراعة تعمل بشكل متكامل مع القطاعات الأخرى . و في حقيقة الأمر فإن وزارة الزراعة لا تستطيع أن تعمل إلا بشكل متكامل مع وزارة الموارد المائية و وزارة الصناعة لأن وزارة الموارد المائية هي المسؤولة عن إدارة الموارد المائية التي تضررت بشكل كبير خلال فترة الحرب " الآبار المحفورة و شبكات الري الحكومية و السدود و المضخات الموجودة على شبكات الري الحكومية " و بالتالي فإن الحكومة قامت مؤخراً بتوفير الإعتمادات اللازمة سواءً الموازنة الإستثمارية أو بالتعاون مع المنظمات الدولية لتوفير الموارد المالية لإعادة تأهيل الموارد المائية و أدوات الري و استصلاح الأراضي . قبل ثلاث سنوات كان هناك 1100000 هكتار خارج الإستثمار . تم إستعادتها و تحويلها من بعلية إلى مروية . أي أننا حصلنا على زيادة إنتاجية لوحدة المساحة أربعة أضعاف, فبدلاً من أن تكون الزراعة فقط بعلية شتوية أصبحت شتوية مروية أي زيادة في الإنتاج ثلاثة أضعاف حتى يستطيع الفلاح بعد جني محصول القمح على سبيل المثال أن يستخدم الأسلوب التكثيفي أو زراعة الخضار الصيفية و بالتالي فإن وزارة الزراعة و بالتعاون مع وزارة الموارد المائية قامت بوضع الأولويات :
" أين يمكن أن نتدخل _ ما هي المشاريع ذات الأولوية لتوفير موارد المياه في أراضي زراعة القمح لزيادة كميات الإنتاج " و هو ما تم في الماضي و حالياً من خلال إصلاح ما تم تدميره , ففي الفترة الماضية تم تأهيل موارد مائية في محافظة دير الزور القطاع 3 وَ 5 وَ 7 كما تم تأهيل شبكة حمص حماة و شبكة الغاب و شبكة تَلّ دَو في محافظة حمص و منطقة القصير, وبالنسبة للمساحة المطروحة من منطقة الكسوة بإتجاه محافظة درعا أو من دمشق بإتجاه القطيفة و النبك وصولاً لمحافظة حمص فهناك مساحات كبيرة لا يتم زراعتها, في واقع الأمر يجب ان يتوفر في مجال الزراع عدة عناصر " مياه الأمطار و درجة حرارة ملائمة للنبات و تربة مثالية خصبة و موارد مائية ", فمثلا المناطق من الكسوة بإتجاه درعا تربتها جيدة لكن معدل أمطارها ضعيف جداً بحدود 15 ملم و لا يوجد موارد مياه جوفية بالتالي فإنها لا تصلح لزراعة البعل .في عام 2019 كانت إنتاجيتها جيدة .لكن في الأعوام 2020 وَ 2021 وَ 2022 الإنتاج كان صفراً .اما هذه السنة كان الإنتاج بحدود 50 % .و هذا يعني أن هذه المواسم الأربعة تعطي موسم واحد, وكما تعلمون نحن كباقي دول العالم نتأثر بالتغيرات المناخية ، ففي أواخر شهر آب الحالي بلغت الهطولات المطرية المفاجئة في المنطقة الساحلية 120 ملم و هو ما يتطلب منا جميعاً أن نتعاون لمواجهة هذه التغيرات و الإستعداد لها ولدينا دراسات كثيرة حول هذا الموضوع....
ففي عام 2019 أشرت إلى الضرر الكبير الذي يمكن للتغيرات المناخية أن تتسبب به في مجال الزراعة و ذلك من خلال دراسة قدمتها حول النظم الزراعية بشكل جيد :
* مناطق الإستقرار الزراعي .
* معدلات البذار التي توضع .
* مواعيد الزراعة للمنتجات الزراعية .
* التدخل في أنواع الآلات الزراعية و نوع المحاريث المناسبة لعمق البذرة .
* كمية البذار المناسبة لوحدة المساحة .
* الأبعاد الزراعية ما بين النباتات .
* أشكال و مواعيد و كميات التسميد .
* كميات مياه الري .
بالتالي فإن التعاون مع الجهات المختصة مطلوب لتنفيذ هذه الدراسة على أرض الواقع لزيادة الإنتاج النباتي في ظل ما يواجهه من ظروف مناخية .
سؤال....... كم بلغ إنتاج القمح و الزيتون و زيت الزيتون و الشعير لهذا العام.؟
السيد الوزير...... في العامين الماضيين كان إنتاجنا ضعيف بسبب الجفاف الذي مر على البلاد حيث فقدنا كامل إنتاج المساحات البعلية وفي هذا العام كان توزع الأمطار شبه مقبول لكن ليس بالكميات الكافية لكننا حصلنا على إنتاج جيد, في الأماكن الآمنة كان إنتاج القمح 1170000 مليون و مئة و سبعون ألف طن تسوقنا منه 770000طن و هذه النسبة مقبولة لأنها تتوازى مع الكميات التي كنا نتسوقها في فترة ما قبل الحرب التي كنا خلالها نتسوق ثلثي الإنتاج و الثلث الباقي يبقى عند الإخوة الفلاحين, وبالنسبة لإنتاج القمح في شمال الفرات فقد بقي في تلك المناطق. نستطيع القول أننا في هذا العام عدنا لتلك الحالة التي كانت ما قبل الحرب في الإنتاج على المستوى الوطني كمعدلات إنتاج و كميات .بالنسبة للمحاصيل الأخرى فالإنتاج جيد بدليل توافر كامل المنتجات الزراعية في الأسواق .
الزيتون 950000طن/ بندورة محمية مكشوفة 850000 طن / حمضيات 700000 طن /
زيت الزيتون من أصل الزيتون المنتج على المستوى الوطني و ليس فقط على مستوى الأماكن الآمنة 125000 طن .
البطاطا 650000 طن .
التفاح إنتاجه يكفي و يصدر كميات كبيرة منه .
الذرة كنا نستورد منها مليون طن ، و حالياً قمنا بتغيير في الخطة الزراعية و وفرنا الإستثمارات الزراعية اللازمة لزراعة الأراضي بمحصول الذرة من أصناف عالية الإنتاجية واستطعنا أن ننتج في هذا العام حوالي 5400000طن من الذرة فوفرنا على أنفسنا إستيراد هذه الكمية و القطع النقدي اللازم لإستيراد منتجات أخرى .
نستطيع القول أن الإنتاج الزراعي و الحيواني جيد ، حيث أننا لا نستورد حالياً أي منتج زراعي سوى القمح و كميات بسيطة من العدس و الحمص بسبب التأثيرات المناخية ، و القطن الذي هو محصول صيفي و يحتاج للري, وموضوع الأعلاف الحيوانية مرهق ذلك أننا بحاجة لكميات كبيرة منها ما يضطرنا لإستيرادها ، علماً ان هذا الأمر كان سابقاً و مازال مستمر .
سؤال...... هل نستطيع القول بأننا دخلنا مرحلة الإكتفاء الذاتي لبعض المنتجات الزراعية .
السيد الوزير....... حالياً لدينا إكتفاء ذاتي ببعض المنتجات لكن هناك منتجات أخرى لا يمكن الوصول فيها إلى الإكتفاء الذاتي بسبب وقوع أراضي زراعتها تحت الإحتلال .
سؤال....... ما هي حقيقة ترقيم الثروة الحيوانية .
السيد الوزير....... مشروع الترقيم هو عمل وطني ممتاز يتوافق مع المستوى العالمي ، سابقاً كان عبارة عن قطع بلاستيكية يختم بها الحيوان و لم يكن إلكترونياً, الآن نقوم بعملية الترقيم الإلكتروني لتشكيل قاعدة بيانات عن هذا القطيع و تنقله إلى المسالخ و الرعاية الصحية البيطرية ثم البيع و الشراء علماً أننا ندعم الثروة الحيوانية بأكثر من 800 مليار ل س و بالتالي يتوجب علينا معرفة تحرك القطيع لتحقيق عدالة توزيع الأعلاف المدعومة . و هو ما يساهم في مكافحة الفساد .
سؤال....... هل سيتم دعم المزارعين في مجال المحروقات بنفس السعر المقدم لأفران الخبز...؟
السيد الوزير........ نحن قدمنا للمزارعين ليتر المازوت بسعر 2000 ل س علماً أن تكلفة الليتر على الدولة 14000 ل س .
سؤال....... ما هو سبب إرتفاع أسعار الدواجن.....؟
السيد الوزير....... 85 % من تكلفة إنتاج الدواجن هي الأعلاف وَ سعر الأعلاف المستوردة هو الذي يتحكم بسعر الفروج بالإضافة لسياسة العرض و الطلب, مثال ذلك هو عندما إرتفعت درجات الحرارة إضطر أصحاب منشآت الدواجن لعرض إنتاجهم هرباً من درجات الحرارة فباعوا بخسارة ثم إرتفع السعر بعد ذلك نتيجة قلة العرض .
سؤال....... بما أن المؤسسة العامة للمباقر و المؤسسة العامة للدواجن يتبعان لوزارة الزراعة فهل سنشهد تدخل إيجابي من قبل وزارة الزراعة في السوق للتكم بالأسعار مقارنة بالقطاعات الخاصة ......؟
السيد الوزير...... نحن دائماً في حالة تدخل ، فالحليب بشكل عام نقوم ببيعه للمؤسسة العامة للصناعات الغذائية .وشركة الألبان تابعة لوزارة الصناعة و تتلقى الحليب المنتج من مؤسسة المباقر .وإنتاج الدواجن نطرحه بسعر أقل بقليل من سعر السوق ، بشكل نؤمن خلاله إحتياجات المواطن و بنفس الوقت لا تخسر به المؤسسة بل تحتفظ بهامش ربح بسيط .
سؤال........ كم بلغ إنتاج المؤسسة العامة للدواجن هذا العام ....؟
السيد الوزير........ 3 % من إنتاج السوق و الباقي قطاع خاص .
ختاما نشكر السيد وزير الزراعة على هذا اللقاء ونتمنى لسوريتنا الحبيبة الخير كل الخير حيث لن ينفعنا في الفترات القادمة الا الكتفاء الذاتي الزراعي والثروة الحيوانية والدواء, فالدول التي تنتج وتملك غذاءها وتكتفي ذاتيا يعني انها تملك قراراتها في كل المجالات السياسية والاقتصادية والمالية والنقدية.