وزارة التجارة الداخلية بين الإمكانيات والمتطلبات هل ستصلح ما أفسدته الحرب والأزمات؟
هل تسمن الضبوط التموينية أمعاء المواطن الخاوية؟
من كسب في لعبة عض الأصابع الحكومة أم الموردين؟
أم هل تتغير الظروف بصورة تجعل من الصعب معالجة آثارها بالوقت المناسب!
حوار الاعلامية هبة قاسم وتحرير الاعلامي عماد قلعجي
نرجو من القراء والمتابعين لشبكتنا الاخبارية آرام بريس قراءة الحوار باهتمام ولمن يرغب بامكانه متابعة التسجيل الصوتي للحوار كاملا على قناتنا آرام بريس على يوتيوب في الرابط الموجود في الاسفل, كما نود التنويه ان ما ورد في كلام السيد الوزير عمرو سالم يعبر عن وجهة نظره بحكم منصبه وكمواطن, ونحن من واجبنا ان ننقل لقرائنا ومتابعينا كل ما يهمهم وبشكل واقعي.... تابعونا
استقبلنا في مكتبه كالمعتاد بوجهه المبتسم, وبكل رحابة صدر تحدث الى شبكاتنا الاخبارية آرام بريس وبحوار صريح عن ماهية الصعوبات التي تواجهه في عمله وعن تقييمه لأداء الوزارة خلال الفترة التي تسلم فيها قيادة دفة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك حيث اجابنا:
تنقسم الصعوبات بشكل رئيسي إلى عدة أقسام:
الأول هو الظروف العالمية وتعثر عجلة الاقتصاد العالمي وصعوبات الشحن، القطع الأجنبي، والثاني شح وتقلص الموارد التي تقدم للحكومة حاجتها من القطع الأجنبي، كنتيجة مباشرة لانعدام التصدير؛ خاصة النفط بسبب احتلال أميركا لبعض آبار النفط و خروج بعضها عن سيطرة الحكومة السورية وبل على العكس استنزاف القطع عبر استيراد حاجة سوريا من المشتقات النفطية، بالإضافة للقمح الذي انخفض انتاجه من 5 مليون سنوياً طن قبل الأزمة إلى 360 ألف طن فقط اليوم علماً أن تغطية الاستهلاك المحلي تحتاج 2 مليون طن سنوياً يتم استجرارها استيراداً.
- منذ مدة نشرت صحيفة تشرين أن سوريا بدأت باستيراد القمح قبل الأزمة عام 2008 هل برأيك الموضوع صحيح؟
قبل الأزمة كان الاعتماد على سلتين أو مصدرين أساسيين بالنسبة للقمح: سلة الجزيرة وسلة حوران؛ الحرب أخرجت كلا المصدرين من المعادلة مشكلة القمح اليوم هي الاعتماد على الاستيراد مما أدى لتضاؤل القطع الأجنبي لدى المصرف المركزي لدرجة لا يمكن تخيلها، بالتالي تحول جل مجهود المصرف المركزي هو الحفاظ على قيمة الليرة في ظل ارتفاع قيمة القطع الأجنبي، هذا الكلام يعني أن الخزينة لا يمكنها تأمين القطع للعديد من المستوردات الغذائية وغير الغذائية، بالتالي قلت كمية المستوردات بشكل دراماتيكي.
هنا وجد الفريق الاقتصادي نفسه في موقف صعب؛ فمن جهة يجب تأمين الموارد المعيشية للمواطن والمواد الأولية للصناعات المختلفة، ومن جهة أخرى الحفاظ على قيمة الليرة لأن انخفاض الليرة سيكون كارثي على عموم المواطنين.
أما بالنسبة لموضوع فتح باب الاستيراد فهو ليس من اختصاص الوزارة لكننا معنيين به، موضوع المستوردات يتم بالتعاون بين وزارة الاقتصاد التي تنظم موضوع فتح اجازات الاستيراد والمصرف المركزي الذي يقدم المورد المالي أو القطع الذي يغطي هذه الاجازات بناء على نظام تراتبي يضم مختلف المواد الغذائية والصناعية لكل شخص يرغب بالاستيراد ويقوم باستفاء الشروط المقننة لعملية الاستيراد وفق رؤية الفريق الاقتصادي لما نحتاجه من مواد وكمية هذه المواد وحصتها من الكمية الكلية للمستوردات.
طبعاً؛ المستوردات القليلة تؤدي لقلة في معروض المواد في السوق وبالتالي تضعف التنافسية في السوق، يضاف لهذه المعادلة عامل العقوبات الذي أثر على عملية الاستيراد بشكل مباشر من خلال تقييد استيراد وشحن البضائع إلى سورية، وبشكل غير مباشر عبر قيود تحويل ودفع قيمة المستوردات.
ما مصير الاتفاقيات مع الدول الصديقة التي تنص على التبادل التجاري بعملة البلدين لماذا لا يتم الاستيراد بالروبل مثلاً؟ -
في البداية لابد أن نتوجه بالشكر لكل من أيران وروسيا على الدعم الذي قدمته لنا بالفترة الماضية.
الأمر يتم حالياً، الاتفاقيات كانت موجودة لكنها لم تفعل إلا من فترة قريبة؛ السبب عدم وجود آليات أو قنوات للدفع بغير الدولار أو اليورو رغم كل الجهود التي بذلها الأصدقاء، لكن بالمقابل منحنا قروض ائتمانية منها القرض الأخير من روسيا والذي شارف على الانتهاء خصص معظمها للمواد النفطية والقمح بشكل رئيسي.
أما بالنسبة الخط الائتماني الإيراني إلى الآن لم يتم تفعيل الخط الجديد بسبب تجاوزات حدثت أثناء تفعيل الخط الأول. لكن الحق يقال كل من روسيا وإيران لم تبخل بتقديم يد العون لسوريا رغم محاولات الدول المعادية لتعطيل هذه المساعدة. فمثلاً للنفط والمشتقات النفطية من المعروف أن شركات النفط الروسية هي شركات خاصة، ليست تابعة للحكومة، عندما ترسل الشركة ناقلة نفط لسوريا ترصد مباشرة باللحظة التي تدخل فيها الباخرة المياه الاقليمية ويوضع كل من الناقلة والشركة المشغلة لهذه الناقلة على لائحة العقوبات، بالتالي خسرت هذه الشركة سوق النفط الرئيسي لروسيا وهو أوروبا -قبل الحرب الأوكرانية- رغم ذلك وبدعم من القيادة الروسية كانت الشركات تتحمل المخاطرة في سبيل تأمين النفط لسوريا. يذكر أن قرار منع تصدير المواد الغذائية الروسية استثنى سورية مباشرة؛ بالإضافة لإعفاء سوريا من ضريبة التصدير التي تضاف على كل ما يتم تصديره خارج الاتحاد الروسي. فموضوع التعاون مع الأصدقاء يتم دراسته بشكل آني - لحظة بلحظة - و يتم التصرف بناء على هذه المعطيات و الحيثيات، و لا يوجد مشكلة في التوريدات القادمة من إيران و روسيا، لكن المشكلة الأساسية قلة المعروض من المواد.
-هل بإمكان سوريا كدولة التخلي عن الدولار واليورو بالتعاملات الخارجية خاصة مع الحلفاء، حيث أن المؤشرات العالمية اوضحت ان التعامل العالمي بالدولار انخفض من 70 % إلى 59 % منذ بدء الحرب الروسية في اوكرانيا؟؟
قد تضطر الحكومة لاستخدام الدولار كعملة لكن هذا لا يعني إيقاف التخفيف التدريجي من استعمال الدولار واليورو، مما لا شك فيه الوضع في أوكرانيا سيغير خريطة توازن القوى من الناحية الاقتصادية، لان موقف الولايات المتحدة التي تتبعه أوربا بشكل أعمى، سيؤثر على العالم الغربي ككل ولا يمكن الاستمرار به لفترة طويلة، ولابد أن ترضخ أوربا للشروط الروسية وخاصة حول التعامل بالروبل.
الوجه الآخر للصعوبات التي تواجه عمل الوزارة هو أن الرواتب لم تعد كافية أو ما يسمى تراث الترهل أو عقدة الموظف! وهو الاتجاه السائد الموجود بشكل عام لدى مؤسسات والوزارات، فالموظف سواء عمل أم لم يعمل يقبض راتبه في نهاية الشهر، هذا الأمر لم يعد مقبولاً اليوم، يجب علينا تهيئة نظام حوافز فعال يدفع الموظف لبذل المزيد من الجهد في الجهة التي يعمل بها، رغم اتجاه البعض لإبقاء الوضع على ما هو عليه أو الوقوف في وجه التطور.
ومن العروف أن الرواتب لم تعد كافية؛ لذا تعمل وزارة التنمية الإدارية على تشكيل نظام حوافز جديد انتاجي بشكل رئيسي لجميع الموظفين الحكوميين مما سيساعد على تحريك الوضع الاقتصادي، نحن كوزارة مجبرين على اجراء تغيير حقيقي وسريع إذا كنا بصدد البقاء كمصدر يقدم تقديم الخدمات للمواطن وتأمين احتياجاته وخاصة المدعومة بشكل سلس ونوعية جيدة وبالسرعة المتوافقة مع جوهر المنافسة في السوق وهذا الهدف الرئيسي للحكومة ككل.
- الوزير دائما في الواجهة عند الحديث عن ارتفاع الأسعار، ما ردك على اتهام البعض لك شخصياً بأنه من وقت تسلمكم الوزارة ارتفعت الأسعار!
لا يوجد علاقة بين شخص الوزير وارتفاع الأسعار ولا نستطيع أن نقول إن الارتفاع سببه فلان أو وزير سابق أو حالي، السبب المباشر هو ارتفاع الأسعار العالمي أولاً وأجور الشحن ثانياً.
-هل صحيح أن التاجر يقوم بحساب تكاليفه بناء على أغلى أجرة شحن في العالم؟
الجميع يعمل تحت سقف القانون ولا يوجد أحد قادر على اللعب بقوت الشع، لكن أجور الشحن لسوريا هي الأعلى تكلفة عالمياً بل تفوق أجور نقل الحاويات من الصين لسوريا، أجور نقل الحاوية من الصين للولايات المتحدة؛ حيث تكلف الحاوية الواحدة ما بين 12-15 ألف دولار، في حين تكلف لميناء العقبة أو بيروت 3000 دولار وذلك بسبب قلة الشركات التي تتكلف عناء الشحن إلى سوريا، لسببين الخوف من المسائلة وكلفة التأمين البحري الخيالية.
مؤخراً؛ وقبيل الأزمة الأوكرانية بأيام رفعت الوزارة مذكرة للجنة الاقتصادية وأقرها مجلس الوزراء للسماح باستيراد المواد عبر ميناء العقبة وموانئ لبنان، ليصار إلى إدخالها ومعاملتها جمركياً كما لو أنها دخلت عن طريق ميناء اللاذقية لتخفيف التكاليف والرسوم على الأخوة التجار.
بالتأكيد هناك من يستغل الظروف لكن المشكلة الأساسية هي شح المواد بسبب صعوبة تأمين وإيصال المواد لسوريا، أما بالنسبة للمواد المنتجة محلياً فهناك عامل آخر تمثل بقلة الأمطار والصقيع في الموسم الماضي ساهم بتقليل كميات المواد المختلفة.
على صعيد الإجراءات: مما لا شك فيه أن بعض الممارسات غير السليمة ساهمت بعزوف الكثير من المنتجين وخروجهم من دائرة الإنتاج، فمثلاً اجبار المزارع على بيع القمح للمؤسسات الحكومية وبسعر منخفض يمكن أن يدفع بعض من المنتجين إلى تهريب القمح لخارج مناطق سيطرة الدولة. اليوم تم اتخاذ قرار خاص بالموسم الحالي تقريباً – الحصاد بالشهر السادس- مفاده أنه سيتم دفع ثمن القمح بسعر منافس ويفوق سعر السوق العالمي لتحقيق هدفين: الأول دعم الأخوة المزارعين و الثاني تأمين المادة للسوق المحلية، و سيشمل هذا القرار كل من القمح والشعير والذرة الصفراء.
-هل سيدفع هذا القرار لزيادة ثمن الخبز؟
الموضوعين منفصلين ولا يوجد قرار برفع الخبز رغم التكاليف الكبيرة التي تتكبدها الحكومة في سبيل دعم هذه المادة، سعر الخبر هو قرار سيادي جداً لذا لا يمكن اتخاذه بمعايير السوق أو بمقياس الربح والخسارة، أهم ميزة للقرار السابق ليس السعي لتوفير مادة القمح فحسب بل أيضاً يوفر مبالغ هائلة للقطع الأجنبي المخصص لاستيراد هذه المادة، وهو ما يخفف الضغط عن الكتلة النقدية المستنزفة أساساً.
- كيف يمكننا قراءة الدعم الحكومي للزراعة إذا كان المبلغ المخصص لدعم الزراعة 50 مليار ليرة سورية في حين يبلغ المبلغ المرصود للاستيراد يتجاوز 2400 مليار ليرة؟
التوجه الحالي لمجلس الوزراء هو دعم الزراعة والمنتج المحلي من خلال سياسة دعم المنتج النهائي، فمثلاً دعم الأسمدة تسبب بالعديد من المشكلات المتعلقة بالفساد والتهريب، وحدث أن إحدى مديريات التموين ضبطت منذ ثلاثة أسابيع تقريباً جمعية مسجل على قيودها 80 ألف راس غنم بعد التدقيق وجد أنه لا يوجد أي رأس غنم لدى الجمعية، بالتالي كميات الأعلاف المستلمة كانت تذهب للسوق السوداء مباشرة.
الطريقة الأسلم والأكثر جدوى اقتصادياً تلك التي لا تحتاج لتدقيق ومراقبة حثيثة من قبل وزارة الزراعة هي: دعم المنتج النهائي عبر شراء المنتج بسعر مغري يحقق الربح للمزارع، ويقلل الهدر الناتج عن الفساد في مراحل العملية الإنتاجية.
-ألن يؤدي رفع الدعم عن الأسمدة والمحروقات والبذور والمبيدات لزيادة تكاليف الإنتاج بالتالي زيادة سعر المنتج المحلي؟
أستطيع الإجابة بمثال وهو لماذا أسعار الخضراوات مرتفعة اليوم؟ إذا وضعنا جانباً موضوع ارتفاع أسعار البيوت البلاستيكية بسبب ارتفاع أسعار النفط العالمية، السبب المباشر هو تأخر الموسم بسبب العوامل الجوية، أنا ذهبت شخصيا لطرطوس واللاذقية وبانياس وهما المصدر الرئيسي حالياً للخضراوات، لاحظت قلة بتوزيع المحروقات بالإضافة للفساد والمحسوبية في توزيع المخصصات، ما حدث أن الفلاح الذي لا يملك المال ببساطة توقف عن التدفئة فتعرض محصوله للصقيع وتعرض لخسارة مزدوجة، مما أدى لقلة المعروض، في حين من كان يملك المال وقتها اشترى المازوت من السوق السوداء، فباع البندورة بسعر مرتفع وصل إلى 3000 ليرة.
فلو فرضنا أننا قدمنا للمنتج المازوت بسعر التكلفة وهو 1700 ليرة لكل المزارعين سنضمن وجود زيادة في العرض، يضمن حق المزارع في الحصول على ثمن مناسب للمنتج، وبنفس الوقت يخفض أسعار المنتجات بالسوق، الهدف اليوم تأمين مستلزمات الإنتاج للجميع وليس تخصيص كمية معينة بسعر مخفض توزع على عدد قليل من المنتجين. من جهة تسويق المنتجات الزراعية اتخذت الوزارة قرار يسمح بل ويلزم صالات السورية للتجارة على شراء المنتجات من المصدر مباشرة عبر ارسال سيارة مجهزة بصناديق خاصة للأخوة المزارعين لتخفيض كلفة المنتج عبر تقليل دور الوسطاء وللحصول على بضائع طازجة لأن المنتجات تصل مباشرة من المنتج لصالات السورية للتجارة.
- هناك قرارات يصدرها مسؤول ما ثم ما يلبث أن يتم إيقاف العمل بالقرار بعد استبدال المسؤول، ما الذي يضمن للمواطن والمزارع أن قرار دعم المنتج النهائي لن يتم التراجع عنه، بعد رفع أسعار مستلزمات الانتاج؟ هل سيتم التراجع عن قرار شراء المنتجات من المصدر مثلاً تحت حجج مثل ضغط التكاليف وتوفير المحروقات مثلاً؟
نحن في الوزارة أو المؤسسات التابعة لها مازلنا نعمل بعشرات القرارات الصادرة من وزراء سابقين، شخصياً سُئلت في مجلس الشعب من قبل العضو مجيب الدندن: عن قرار يخص الافران التي تعمل تحت الاشراف واصفاً إياه بالغريب، فقلت له أن القرار الناظم لمعمل هذه الأفران والمعمول به حالياً - بغض النظر عن تغيير المسميات - صدر عام 1979 بعد حرب تشرين.
آلية عمل مجلس الوزراء لا تسمح لمزاجية الوزير بتغيير أو ايقاف عمل بقرارات سابقة لمجرد الرغبة بذلك؛ لكن ما يحدث هو تعديل القرار بناء على المقتضيات المرحلية و تغير الظروف التي تم اتخاذ القرار بناءً عليها، والتجربة تعتمد على رجع الصدى من آراء المواطنين ومن خلال الاعلام بغض النظر عن ردة الفعل العاطفية أو اتجاهات بعد القائمين على بعض الوسائل، ونحن بحاجة لإعلام ينقل الحقائق ووجهات النظر المختلفة ، بالتالي متابعة تنفيذ القرار و إجراء التعديلات و حتى إلغاء القرارات التي يثبت عدم جدواها؛ ينبع من صميم عملنا كصناع للقرار، كل ذلك الفائدة المرجوة لكل من المواطن و المنتج و الحكومة، و لم يحدث أننا ألغينا قرار دون وجود أسباب موضوعية دفعتنا لإلغائه....... بالنسبة لموضوع المرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2021؛ المرسوم لم تصدر له تعليمات تنفيذية، وهذا ما كان مخالفاً لكل المراسيم التشريعية السابقة حيث لابد من وجود تعليمات تنفيذية لكل مرسوم تشريعي ولكل قانون، لذا شكلت لجنة من مختلف الوزارات مثل وزارة الاقتصاد، المالية، حتى اتحاد غرف التجارة والصناعة لإعداد تعليمات تنفيذية، وصدرت مجموعة قرارات لتعديل بعض نصوص فقرات المرسوم.
مثلاً: المرسوم يلزم وجود لصاقة بيان للمحتويات أو التركيب باللغة العربية، من حيث المبدأ لا يوجد مشكلة بالنسبة للمنتجات العادية، لكن تسببت بعض الحالات بضبوط يمكن تسميتها "بالظالمة" في بعض المعامل التي تستهلك مواد أولية ضمن عبوات بأحجام كبيرة لأن بطاقة البيان تأتي من الشركة المصنعة بلغة أجنبية ولا يستطيع المعمل أن يفرض على الشركة المصنعة أن تضع بيان بالمحتويات باللغة العربية لأن الكميات التي يستجرها ضئيلة وقد نستورد بعض المواد عبر وسطاء أو قنوات غير نظامية بسبب العقوبات، مما دفع عدد من أصحاب المنشآت الصناعية لتقديم شكوى تظلم للسيد الرئيس أثناء زيارته لمنطقة عدرا الصناعية، وتم حل الموضوع بصورة مؤقتة عبر الزام المصنع بترجمة دقيقة ومصدقة لبيان المحتويات.
- يقال أن الوزير عمرو سالم نكث بعدد من الوعود التي قطعها للمواطن قبل تعيينه كوزير بل وانك تراجعت عن القرار بحجة أنك لم تؤدي القسم بعد مثل موضوع توطين الخبز؟
لم أتراجع عن المبدأ؛ أنا ما زلت ضد الطريقة القديمة في التوطين؛ التوطين تفعل بشكل كثيف وسريع أثناء الإغلاق بسبب الكورونا، الواقع أن توزع معتمدي الخبز لا يخدم الهدف من وجود المعتمدين، وطريقة تسجيل المعتمد كان يشوبها الكثير من الخلل حيث كانت تعتمد بالدرجة الأولى على معلومات مختار الحي والتي لا تكون دقيقة، فنجد أن أحد المعتمدين مسجل في شارع بغداد لكنه يبيع في جرمانا، بالإضافة لقلة المعتمدين بشكل عام وبعدهم عن أماكن سكن للمواطنين مما خلق مشكلة جديدة للمواطن، هي مشكلة تتعلق بالوقت و الجهد الذي يستلزمه الوصول إلى مكان المعتمد.
لذا؛ وبسبب المشكلات التي لم تعالج بعد؛ لم يتم تفعيل التوطين حتى الآن في دمشق، نحن لا نريد تفعيل التوطين على الخريطة فقط، لذا تركنا للمواطن حرية اختيار المعتمد لمعرفة الحاجة الفعلية حسب كل منطقة، لجمع المعلومات الخاصة بكل منطقة وتعديل آلية وعدد المعتمدين حسب احتياجات كل منطقة.
المشكلة الرئيسية اليوم هي ظاهرة بيع الخبز خارج الأفران في الريف والمدينة على حد سواء - وحتى هنا في عقر دار الوزارة - وبالإضافة لبيع أو اعتماد الخبز المدعوم لدى العديد من المطاعم الشعبية، السؤال من أين يأتي هؤلاء بالكميات التي يبيعونها؟
أول أمس أصدرت قرار يعدل هامش الخطأ المسموح به في وزن الربطة؛ فبدل أن كان 50 غرام/ الربطة أو ما يعادل 5 % أصبح 5 غرام أو 5 بالألف وان كانت هذه النسبة تبدو صغيرة جداً؛ لكنها بالنسبة للطاقة الإنتاجية للأفران تعطي هامش كبير للفساد فمثلاً طاقة مخبز ينتج 25 ألف ربطة يستطيع الفرن أن يقتطع ما يقارب الطن من مادة الخبز! ثم يبيع هذه الكمية بيع مباشر للتجار، وأذكر في أحد الجولات أننا وجدنا شخص واحد فقط من أحد تجار الخبز بحوزته 150 ربطة! مما يؤكد لنا أننا بحاجة لمزيد من الرقابة والاجراءات الرادعة.
- اصدار القرارات دليل على رغبة حقيقية بالعمل ما آلية مراقبة تنفيذ هذه القرارات؟
مما لا شك فيه أن هناك التزام بالقرارات؛ لكن موضوع متابعة تطبيق القرارات مرتبط بعديد المراقبين في كل مدينة وفي كل محافظة وهو عدد محدود، التباعد الجغرافي بين مدراء التجارة الداخلية في المحافظات جعل متابعة هؤلاء المدراء مهمة صعبة؛ تم تجاوز هذه المشكلة من خلال حل تقني بسيط وهو تجميع المدراء عبر وسائط التواصل الاجتماعي في مجموعة واحدة بحيث تصلني نسخة من كل ضبط تمويني بصورة مباشرة فمثلاً أرسل لي مدير تموين اللاذقية لساعة 9 صباحاً أنه تم عمل 6 ضبوط نقص وزن بحق المخابز وتغريمهم حسب القرارات النافذة.
- بالنسبة للأفران السياحية هل من المعقول أن تصل تسعيرة ربطة الخبز السياحي إلى 3600 ليرة وفوق ذلك تكون بوزن ناقص؟
السعر مرتفع مقارنة بدخل الموظف لا أنكر ذلك لكن إذا كنا كوزارة نعمل بصورة واقعية فيجب حساب تكاليف الإنتاج بدقة وإذا كانت التكاليف مرتفعة فمن الطبيعي أن يرتفع سعر المنتج، قطاع الافران السياحية يشتري الدقيق والخميرة من القطاع الخاص أي بالأسعار العالمية وليس بالسعر المدعوم ويشتري المازوت بسعر 5000 ليرة لليتر من السوق السوداء عندما لا تكفي أو تتأخر المخصصات المسعرة ب 1700 ليرة. نحن كوزارة نعمل مع وزارة النفط على ضمان تأمين حاجة الفعاليات التي تمس غذاء المواطن من المحروقات بسعر 1700 ليرة لغاية ضبط التكاليف للوصول إلى تسعيرة دقيقة واقعية تضمن أن يحصل المنتج على هامش ربح تمكنه من الاستمرار في السوق.
- ماهي إجراءات وزارة التجارة الداخلية بالتعاون مع وزارة النفط بخصوص استعادة الكميات التي تباع في السوق السوداء والتي يمكن اعتبارها كميات مسروقة من لقمة المواطن؟ خاصة أن الموضوع ليس مرتبط فقط بمنافذ البيع بل أحياناً يمتد لمصدر هذه المواد؟
الفساد موجود في كل مكان، ولكن بالتعاون مع وزير النفط -وهو انسان نزيه يعمل ليل نهار في محاولة خلق تأثير ايجابي- استطاعت الوزارة تكثيف عملها في متابعة السوق من خلال وجود لجنة مشتركة من الوزارتين، بسبب كون وزارة النفط لا تملك ضابطة عدلية تمكنها من مخالفة المفسدين، وأؤكد لكم أن عدد المخالفين الذين أحيلوا للقضاء وحجم الغرامات لا بأس به؛ ولكن دائماً نقول أن عدد المخالفات الموثقة يشف عن نسبة قليلة من المخالفات الفعلية، لكن انعكاس هذه المتابعة على المواطن يتم بصورة تدريجية و أحياناً غير محسوسة. اليوم أصبح لشبكة الفساد أساليب متنوعة والكترونية حديثة تقوم بتصحيح العدادات عبر جهاز تحكم لاسلكي عند حضور الدورية أو لجنة وزارة النفط لمعايرة المضخة وفور مغادرة اللجنة وبكبسة زر يعود التلاعب من جديد، بل إن الشخص يستطيع أن يحدد نسبة التلاعب بشكل ميسر.
ما زالت وجهة نظري نفسها قبل وجودي في الوزارة أن: وجود مادة بسعرين هو مدعاة للفساد خاصة إذا كان هناك فرق كبير بين السعرين؛ لذا كان الأمر المنطقي هو تحرير الأسعار وإعطاء بدل نقدي لمن يستحق الدعم، فتتحول البطاقة من بطاقة مخصصات لبطاقة رصيد يستهلكه الشخص المدعوم حسب حاجته الآنية سواء للمحروقات أو للمواد المقننة وفق مبلغ الدعم المرصود له.
وسطيا كم يكلف دعم أسرة مكونة من 5 أشخاص شهرياً؟ -
يحتاج هذه الأمر لدراسة مطولة؛ ووجود التجاوزات يجعل الرقم مشوه ومضاعف، العمل مازال قائماً لتحديد المبلغ، أؤكد أن الموضوع مطروح لدى الحكومة ومازالت هذه الطريقة من وجهة نظري أكثر فائدة للمواطن وأقل هدرا في الموارد المحدودة أصلاً، وبحاجة للمزيد من الوقت للدراسة وتهيئة البنية التحتية للوصول لنتيجة سليمة تحقق الفائدة للمواطن والحكمة على حد سواء، على أن يتم إقراره بمجلس الوزراء في الوقت المناسب وبرأيي أن الظروف مهيأة في ظل وجود فريق عمل حكومي متجانس.
- لماذا لا تتناول وسائل الإعلام هذه الطروحات، لماذا تتناول الصحف الحكومية ما هو عكس هذه التوجهات وتصف الأداء الحكومي بغير الكافي؟
هذه وجهة نظر تحترم؛ وأوكد للمواطنين أن ما يدور ضمن مجلس الوزراء أو في اللجنة الاقتصادية هو نفسه ما يدور بين المواطنين من هموم، وهذا الكلام مسؤول عنه تماماً، لكن بالنهاية الصحفيين بالنهاية عبارة عن مواطنين متضررين من ارتفاع الأسعار فمن المنطقي أن يهاجموا الإعلام الأداء الحكومي، و أحيانا أتعرض شخصياً للهجوم من الأخوة المواطنين بشكل يومي عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ أنا لا اتضايق من النقد وبالعكس فاني أرى في هذه التعليقات مطالب محقة من مواطنين أثرت عليهم سنون الحرب ويكتوون يومياً بارتفاع الأسعار، وأؤيد هذه المطالب، بالمقابل لا نستطيع العمل إلا بمنهجية واضحة لأن العشوائية تؤثر سلباً على المواطن، ولا يمكن تحميل المسؤولية بكاملها على وزارة حماية المستهلك، هناك فريق اسمه اللجنة الاقتصادية يعمل ويناقش مختلف الأفكار ويدرس حيثيات كل ممارسة ونتائجها، و يقوم كل وزير بدراسة تأثيراتها من منظور مختلف بحيث تكون الرؤية متكاملة، لدى الحكومة التي تعمل كفريق واحد فيما يخص هكذا مواضيع.
- متى سيلمس المواطن التأثيرات الإيجابية لهذه الاجتماعات والمباحثات - لأنه وكما قال سيد رئيس الجمهورية في بداية الحرب؛ أن الفقر يجعل المواطن يكفر بكل شيء بما في ذلك الوطن- المواطن اليوم وصل إلى هذه الدرجة من اليأس بسبب الارتفاع المسعور لأسعار أساسيات الحياة وأصبحنا بحاجة إلى حل سريع و مستدام؟ ماذا عن محتكري الداخل؟ هل بالفعل أن بعضهم ضرب بعرض الحائط كل القرارات وأصبح يجول في السوق على هواه دون حسيب.
كل من يخالف كائناً من كان سوف يحاسب ويحال إلى القضاء؛ نحن اليوم نتوجه لكبار المستوردين والمصنعين ونحن مستعدين لتسعير كل المنتجات من خلال بيانات الكلفة التي يقدمونها؛ فبدون بيانات التكلفة التاجر يعتبر مخالف.
لماذا وصل سعر البرغل إلى 6000 ليرة لماذا وصل سعر ليتر زيت القلي بسعر الجملة إلى 16 ألف ليرة, هل يمارس التجار اليوم سياسة الأمر الواقع؟ -
لا يجرؤ أحد على فرض إرادته على الحكومة؛ ولكن هناك مبررات منطقية ونحن نطلب من التجار أن يكونوا صريحين مع الوزارة عندما يقومون برفع سعر أي سلعة بناءً على التكاليف الحقيقية للسلعة.
- كصحافة استقصائية لدينا معلومات شبه مؤكدة بأنه يتم التلاعب بالتكلفة من المصدر بالتالي ألن يكون هناك مشكلة في ضبط سعر السلعة؟
بالطبع هناك تلاعب ولكن يكون التلاعب بتخفيض سعر السلعة كيلا يدفع المستورد ضرائب عالية، بالمقابل سيتم تسعير السلعة وفق كلفة المنخفضة التي وردت في البيان الجمركي الخاص بهذه البضاعة، اليوم المستورد مضطر لتسعير البضاعة وفق السعر الحقيقي، الوزارة اليوم تستطيع مقارنة سعر المادة المقدم بالبيان الجمركي مع سعر المادة عالمياً؛ وتم بالفعل تحويل عدد من هذه الحالات لوزارة المالية والجمارك ليتم محاسبتهم وفق الأصول لأن التهرب من دفع الرسوم يندرج تحت مسمى الاستيراد تهريباً وهو أمر لا يغتفر.
- مداخلة وسؤال أخير بخصوص نشاط كل من مديرية الأسعار في الوزارة ولعبة سعر الصرف:
تحدثنا في مكالمة هاتفية السابقة أنه عندما وصل سعر دولار السوداء ل 5000 ليرة لم ينعكس هذا السعر على أسعار المواد الغذائية كانت أقل من أسعارها اليوم بالمقابل و مع جهود الحكومة و المصرف المركزي لتثبيت سعر الصرف لاحظنا ارتفاع الأسعار بشكل جنوني وحتى قبل حرب أوكرانيا و تحديداً مع بداية جائحة كورونا حين بدأ أصحاب معامل المنظفات برفع أسعار منتجاتهم مثل الكحول و الكلور و المعقمات كنوع من استغلال لزيادة الطلب بسبب حاجة المواطن، لماذا أصبح موردو السلع هم من يفرض السعر على مديرية الاسعار، لماذا أصبحت تسعيرة التموين لمادة شرحات الفروج مثلا 17 ألف ليرة؛ مع العلم أن 85% من السوريين أصبحوا دون أمن الغذائي و يعانون من سوء التغذية وفق تقرير الأمم المتحدة؟
بعض ما ذكر صحيح بصورة جزئية؛ درست الوزارة تكاليف انتاج المداجن فوجدت أن أسعار الأعلاف والمحروقات ارتفعت بشكل هائل بغض النظر عن سعر الصرف ومن المصدر؛ وللأسف أغلب الأعلاف لم تعد منتج محلي مثل محاصيل الذرة الصفراء والشعير حتى الصويا. وحين تم تحويل بعض المربين للقضاء بسبب ضبوط تتعلق بمخالفة السعر التمويني شنت بعض الجهات أكبر هجوم شهدته على الوزارة، وصرح متحدث باسم جمعية المربين بأن أسعار الوزارة كتير منخفضة ولا تواكب التكلفة الحقيقية، والاجراءات التعسفية سوف تساهم في عزوف المربين وخروج معظمهم من السوق بالتالي فقد مادة الفروج من السوق المحلي، مع أن الوزارة اجتمعت بالمربين مرات لا تحصى ووضعت خطوط عامة لتساهم في التسعير بناء على المعطيات التي قدموها بأنفسهم. هنا تدخلت الوزارة؛ فمن خلال فهم آلية موسم الفروج، والمقصود فيها الاستفادة من انخفاض أسعار الفروج بزيادة المعروض عندما تصل الصيصان إلى العمر المناسب للذبح وتصبح عملية إطعامها غير مجدية اقتصادياً، في فترة سابقة جاءت مؤسسات التدخل الإيجابي والسورية للتجارة واشترت الفروج بسعر معقول ذبحتها وخزنتها بالبرادات، ثم قامت بطرح الفروج المجمد بأسعار منافسة خفف الضغط عن مربي الفروج وحقق هدفين أساسيين: توفير المادة للمواطن بسعر جيد وتحقيق عرض يسهم في خفض سعر السوق أيضاً.وهذا درس يجب علينا الاستفادة من العبرة التي قدمها لنا وهي أنه يجب علينا إذا كنا نريد أن نحقق أهدافنا اتقان لعبة السوق بذكاء.
- ما هو رأي السيد الوزير بصالات السورية للتجارة المستثمرة؟
بالنسبة للمستثمرين في السورية للتجارة يوجد تلاعب كبير في الأسعار، وهو موضوع قديم كان يجب معالجته بطريقة مختلفة، سببه الرئيسي أنه قانوناً لا يمكن تسليم العهدة لعامل مؤقت ويجب أن يكون موظف دائم، السورية للتجارة ليس لديها العدد الكافي من الموظفين؛ فظهرت مسميات غريبة مثل مستثمرين للصالة ومتعهد ومتعاقد بالأمانة.
حالياً يتم تصحيح الوضع عبر استقدام موظفين إضافيين من غير ملاك السورية للتجارة لاستلام الصالات، ووضع شروط للصالات المستثمرة ووضع أسس يتم بناءً عليها شراء المواد او بيعها؛ والتحكم وتوحيد الأسعار عبر اعتماد مؤسسات التدخل الإيجابي كمورد أوحد وأساسي للصالات، مما يساهم في خفض الأسعار لأن الكميات تستجر من المنتج مباشرة وبكميات كبيرة تخفض تكاليف النقل؛ ويمكن القول إن مرحلة جديدة بدأت من شأنها علاج مشاكل الصالات المستثمرة.
- لاحظنا أن المواد الموجودة داخل صالات السورية للتجارة مستجرة من القطاع الخاص، بينما في مؤسسات حكومية تنتج نفس المواد بجودة وبسعر منافسين؟
نحن نستجر كل المواد التي تنتجها المصانع الحكومية، لكن المشكلة أن الأزمة تسببت في توقف عدد كبير منها، كما تسببت العقوبات في نقص توريد المواد الأولية لهذه المصانع بالتالي قلة الكميات المنتجة أو اقتصارها على أصناف محدودة، وهو ما تم بحثه بالفعل في الاجتماعات الحكومية: حيث عرض وزير الصناعة واقع مصانع الكونسورة وقلة إنتاج هذه المصانع. القطاع الوحيد الذي مازال يعمل بكاءة عالية هو قطاع تعبئة المياه مثل بقين والسن ودريكيش... وهذه المادة تم توفيرها في صالات السورية للتجارة، أما باقي انتاج المصانع الحكومية يتم استجراره وفق مبدأ استجرار ما يستطيع المعمل تقديمه لا ما يحتاجه السوق بالفعل؛ خاصة أن انتاج بعض المصانع تقدم انتاجها لبعض القطاعات بشكل مباشر.
في نهاية هذا اللقاء السيد الوزير عمرو سالم على هذا اللقاء وتخصيصه جزء من وقته للتحدث عما يهم الشارع ودمتم بألف خير عاشت سوريا الوطن والشعب.