باتت محاولات ترامب لبث الرعب في نفوس خصومه أقرب لإثارة الابتسام والسخرية من أية ردة فعل أخرى من قبل الخصوم أو المراقبين..
بينما يحوز الرئيس الأمريكي على إمكانات ضخمة لدولة عظمى وسلطة هائلة فان نتائج تحركاته على الأرض تثبت العجز الكامل عن تحقيق شيء من الأهداف المعلن عنها ..
المثير للسخرية أكثر أن الرئيس منذ بداية حملته الانتخابية كان يتهم الرئيس أوباما بالضعف والعجز والافتقار الى العزيمة على اتخاذ القرارات أو تنفيذها, فقد شرع ترامب منذ بدء ولايته الدستورية – مفعما بالحماسة والاندفاع - في محاولة إثبات قدرته على الحسم والحزم وحبس المراقبون – غير المطلعين على بواطن الأمور- أنفاسهم متخوفين مما يمكن أن تسفر عنه الأمور من تصعيد قد يقود الى انزلاق باتجاه حرب عالمية ..
بدأ ترامب التصعيد مع كوريا الشمالية ، مرسلا حاملات الطائرات والقاذفات الاستراتيجية ، وصمد الكوريون ولم يتمكن ترامب ببلطجته من زحزحة الكوريين قيد انملة عن سياساتهم أو مواقفهم ، فلا هم أوقفوا تجارب إطلاق الصواريخ ولا هم تخلوا عن سلاحهم النووي ..
لم يكن حظ أوباما في سورية أوفر من حظه مع الكوريين الشماليين ، فبينما قصف بالصواريخ مع حلفائه البريطانيين والفرنسيين سورية مستغلا الفيلم الكيميائي المفبرك في خان شيخون الذي اصطنعته جماعة الخوذ البيض عملاء المخابرات البريطانية لإهداء الناتو ذريعة للتدخل ، بالقصف والتهديد بحملة عسكرية تخيف السوري وترغمه على التراجع عن القضاء على الإرهاب لتبقى سورية ساحة صراع نازفة لعشرات السنين ، نجد أن دمشق وموسكو واجهت القصف بصلابة غير آبهتين بالتهديدات الأمريكية بتحريك أساطيل الناتو .. وتحول العدوان الثلاثي الجديد على سورية الأسد المنتهي بالفشل والهزيمة إلى تذكير بعدوان 56 على مصر عبد الناصر والذي كان سبباً في شهرة الزعيم الراحل المنتصر بصموده على العدوان, فيتراجع ترامب خطوات إلى الخلف ويبحث عن مكان آخر يثبت فيه قوته, وفي تلفيق جديد أقل اتقاناً عن استعمال الكيميائي في كباني في ريف اللاذقية المتاخم لحدود ادلب ، يتحدث الأمريكي – تجنبا منه التورط – عن غياب وجود أدلة قاطعة ..
من سورية وبعد الفشل يتجه ترامب إلى الحديقة الخلفية للبيت الأبيض, أمريكا اللاتينية وفنزويلا تحديداً ، فينظم ويدعم ما يشبه انقلابا على الرئيس الشرعي مادورو ، معتقدا بسهولة الانتصار على أنصار الأخير ، فيصمد مادورو وأنصاره ويتراجع ترامب هناك أيضاً ..
ويحتدم صراع ترامب التجاري مع الصين ذلك البلد المرعب الاقتصادي الأول للولايات المتحدة ويطلق ترامب التهديدات والمراسيم بخصوص الرسوم الجمركية .. فهل يعتقد ترامب أنه قادر على معاقبة الصين من دون أن تتضرر بلاده من إجراءات الصين الانتقامية ؟؟ بالتأكيد لا ..
الصراع التجاري مع الصين هو الآن في أوجه ، مع توقعات بأن تنتهي مع صمود الصين ومقاومتها للبلطجة الأمريكية بتراجع ترامب ليسجل فشلا جديداً .. وفعلاً فآخر الأخبار اليوم أن اتفاقا تجاريا مع الصين هو في طريقه إلى النور
ويقوده حظه العاثر في بحثه ولو عن بقعة واحدة من العالم يثبت فيها قدرته وحزمه وحسمه ، فينتهي به المطاف في ايران فيرسل ترامب إلى الخليج حاملات الطائرات والقاذفات الاستراتيجية ويعزز وجوده العسكري بمئات الأولوف من الجنود ويتوتر الوضع إلى أقصى الحدود ، وترتفع وتيرة التهديدات ، بينما تتعامل طهران مع الأمر بمنتهى البرود والثقة ويعلن الحرس الثوري- ليس بالكلام فقط بل بالصور- أن كل مياه الخليج بما فيه من بوراج وحاملات للطائرات وناقلات للنفط– هي تحت سيطرته - فيعلن ترامب اليوم أنه ليس معنيا بالتصعيد مع طهران وأنه لا يرى حاجة لإرسال قوات إضافية للشرق الأوسط لمواجهة ايران ..
ترامب .. توقف عن تغريداتك واذهب إلى لعب الغولف هذا ما كان يفعله أوباما .. لقد كان أوباما أكثر ذكاء منك في معرفة حدود إمكانيات بلاده .. إن عصراً جديداً قد بدأ .. بعيدا ً كل البعد عن القطبية الواحدة