مُصيبَةٌ إن كنت لا تدري و المصيبة أكبر إن كنت تدري..... مقولة باتت عزاء من لا عزاء له في بلد تكالبت عليه قوى الأرض متمثلة بشذاذ آفاقها و صولاً إلى ما أفرزته من طفيليات داخلية بات وَقعُ أثرها كفيلاً بأن بنتزع الشعور من المواطن السوري لأنه ببساطة ....تجاوز عتبة الإحساس بالألم .
عن واقع أزمة الكهرباء نتحدث و ما آلَ إليه من وضع سيئ انعكس على حياة المواطن بشكل أفقده وعيه و صوابه و الأمل و العمل .
بدايةً لا بد لنا من الإشارة إلى أن إستهلاك سوريا من الطاقة الكهربائية قبل العام 2011 كان 9000ميغا ، أما الآن فإن المعدل إنحصر بين 2500 _ 3000 ميغا لكثير من الأسباب أهمها التدمير الذي طال محطات توليد الطاقة الكهربائية نتيجة إستهداف الإرهاب لها ، و السبب الآخر هو إنحسار عملية توفير حوامل الطاقة المتمثلة بالغاز و الفيول بسبب سقوط آبار هذه الحوامل تحت سيطرة الاحتلال الأمريكي و ميليشيا قَسَد الانفصالية الارهابية بالإضافة إلى الحصار الذي يفرض على سوريا و يمنع وصول الإمدادات النفطية و قطع التبديل. حالياً يتم تزويد وزارة الكهرباء يومياً ب 6000 طن فيول في حين أن المطلوب هو 8000 طن يومياً .
وبالنسبة للغاز فإن 3400 ميغا جاهزة للتوليد بإنتظار وصول معدلات التوريد للمحطات من 15 الى 17 مليون متر مكعب يوميا مما سيؤدي إلى وضع مستقر حيث ستعمل 11 مجموعة توليد متوقفة بسبب هذا النقص .
* لكن....ماذا عن واقع محطات توليد الطاقة الكهربائية....؟
_ محطة حلب :_ تعمل على الفيول أو الغاز بإستطاعة 1100 ميغا واط ، دمرها الإرهاب . يوجد بها حالياً مجموعتين قيد إعادة التأهيل من قبل شركة مبنى الإيرانية .
_ محطة زيزون :_ تعمل على الغاز بإستطاعة 500 ميغا واط . مدمرة كلياً و خارجة عن السيطرة في ريف إدلب .
_ محطات السويدية و التيم :_ تعمل على الغاز بإستطاعة 150 ميغا واط . تعرضت للتخريب .
_ محطات سد الفرات و البعث :_ تنتج الطاقة الكهربائية للمناطق الشرقية إعتماداً على المخزون المائي الذي تسيطر عليه الآن تركيا .
_ محطة بانياس :_ فيها أربع مجموعات متهالكة بالذات المجموعتين الأولى و الثانية .
تعمل المجموعات الأربع على الفيول بإستطاعة 600 ميغا واط و لكن معدلها إنخفض الآن إلى النصف .
أيضاً يوجد في بانياس عنفتين غازيتين إستطاعة كل واحدة 110 ميغا واط ، إحداهما متعطلة منذ أربع سنوات بسبب تعطل ديزل الإقلاع .
_ محطة محردة :_ عمرها أكثر من 40 سنة بطاقة إنتاجية 600 ميغا إنخفضت الآن من 200 إلى 100 ميغا ، و هي متهالكة و بحاجة للإستبدال .
_ محطة الزارة :_ تعمل على الفيول و الغاز بإستطاعة 660 ميغا . فيها ثلاث مجموعات واحدة صيانة و إثنتان تعملان بحمولة 180 ميغا لكل واحدة .
المجموعة الأولى بحاجة إلى خبرات أجنبية لإصلاح عطل قديم في شفرات العنفة و يمكن زيادة حمولتها إلى 30 ميغا واط ، حيث إضطرت شركة ميتسوبيشي المصنعة لقص شفرات المرحلة الثامنة للعنفة .
_ محطة جندر :_ تعمل على الغاز ، و هي عبارة عن محطتين واحدة يابانية 700 ميغا واط و أخرى إيرانية 550 ميغا واط .
_ محطة تشرين :_ عبارة عن مجموعتين قديمتين تعملان على الفيول و هما بحاجة إلى إعادة تأهيل . و مجموعتين غازيتين تعملان على الغاز و محطة إيرانية إستطاعة 550 ميغا واط .
إجمالي إنتاج محطة تشرين 1200 ميغا واط .
_ محطة الناصرية :_ تعمل على الغاز بطاقة إنتاجية 550 ميغا واط .
_ محطة دير علي 1 :_ تعمل على الغاز بطاقة إنتاجية 750 ميغا واط .
_ محطة ديرعلي 2 :_ تعمل على الغاز بطاقة إنتاجية 750 ميغا واط .
محطة دير علي 3 :_ هي قيد الإنشاء . كانت ستركب في دير الزور و تم نقلها إلى دير علي و لم تركب حتى الآن علماً أن إستطاعتها 750 ميغا واط .
_ محطة اللاذقية :_ محطة قيد الإنشاء . حمولتها 550 ميغا واط .
السيد وزير الكهرباء المهندس غسان الزامل وفي لقاء مع شبكة arampress الإخبارية لم ننشره في ذلك الوقت واثرنا الاستفادة منه الان بهذا التقرير صرح بما يلي :
_ خسائر قطاع الكهرباء في سوريا تجاوزت 2 تريليون ل س .
_ تكلفة محطة اللاذقية 1000 مليار ل س و من المتوقع أن توضع مجموعتها الأولى في الخدمة في مطلع شتاء 11/2021 .
_ يجري الآن إعادة تأهيل للعنفة الخامسة 200 ميغا واط في محطة حلب التي تبلغ إعادة تأهيلها بشكل كامل 400 مليار ل س .
_ حالياً يتم إعادة تأهيل مجموعة محطات من أهمها الزارة ، و هناك سعي للتعاقد لإعادة تأهيل محطة تشرين ما من شأنه أن يضيف للشبكة 400 ميغا واط .
_ يوجد عقد قيد الدراسة لإعادة تأهيل محطة محردة و هو في طور التفاوض .
_ هناك توجه للطاقة المتجددة و لكن كلفتها عالية و تحتاج لوقت لتفعيلها و قد بُدِءَ بتنفيذ عقد 33 ميغا قابلة للتوسع إلى 200 ميغا في حلب .
أيضاً يوجد عقد ينتظر تصديق رئاسة مجلس الوزراء لمحطة 30 ميغا بالقرب من دمشق و يتم التفاوض مع إحدى الشركات على 300 ميغا شمسي لكن تكلفة ذلك مرعبة .
_ السيد الوزير نفى ما يشاع عن موضوع خصخصة قطاع الكهرباء و بالذات في مجال الطاقة المتجددة الريحية أو الشمسية حيث أن الشركات المتعاقد معها تنحصر مهمتها في الإنشاء فقط أما الإنتاج فإن مردوده ملك لوزارة الكهرباء حصرياً .
_ أما فيما يخص موضوع الفساد فإن العمل جارٍ على إجتثاثه من الوزارة و سيتم محاسبة كل من يثبت فساده, وحالياً هناك بعض الملفات في هيئة الرقابة و التفتيش نأمل أن تتوصل إلى نتيجة في إدانة أو براءة للأشخاص المتورطين بهذه الملفات, علما ان وزير الكهرباء الاستاذ غسان الزامل لم يوضح لنا اي شي ولو بشكل عام حول محاور ملفات الفساد في قطاع الكهرباء
هذا الواقع المرير الذي يشهده قطاع الطاقة الكهربائية دفعنا للتواصل أيضاً مع المهندس عبدو الأسعد لتسليط الضوء على بعض النقاط المفصلية الغائبة عن المشهد .
الأسعد متخصص في محطات توليد الطاقة الكهربائية من الإتحاد السوفييتي و يحمل شهادة دبلوم دراسات عليا من جامعة تشرين و ماجستير في أبراج التبريد الجافة من جامعة البعث و مهندس إستشاري في الطاقة المتجددة و مهندس تشغيل في محطة جندر و مدير تشغيل محطة الزارة لمدة 16 عاماً .
أوفدته الدولة السورية لإجراء دورات في اليابان و إيطاليا و إسبانيا و إيران و مصر .
له مواقف وطنية و خطوط حمراء مشرفة حيث دافع عن محطة الزارة ضد الإرهابيين ، و عندما توقف إمداد الغاز عن محطة محردة لمدة 3 سنوات نتيجة الإرهاب إستطاع توصيل الغاز إلى المحطة و تشغيلها .....
إلا أن قراراً صدر في عهد حكومة المهندس عماد خميس تم بموجبه إعفائه من مهمة مدير تشغيل المحطة و تكليفه بتشغيل جورة صرف صحي في المساكن تبعد 1 كم في عمق منطقة الخطر الإرهابي ¡¡¡¡¡¡¡؟؟؟؟؟؟؟
المهندس عبدو الأسعد له رأي آخر يسقطه على المسببات التي أدت إلى تردي واقع الطاقة الكهربائية الحالي دون إغفال دور الإرهاب في ذلك ، حيث يقول : لدينا صيانة طارئة للمحطات و صيانة دورية تتم مرتين في العام و صيانة عامة مدتها 4 أشهر كل أربعة أعوام و هي تتم في فصل الربيع و الخريف لأنه أمر كارثي أن تتم في فصلي الصيف و الشتاء كما يحدث الآن . كان من المفترض إجراء الصيانة و إعادة التأهيل منذ عام 2019 فلماذا التأخير....؟ ولماذا توقفت المجموعة الثانية في محطة الزارة بحجة الصيانة....؟ هذه المجموعة تعمل منذ عام بدون مدخنة ، و في حال تصدعت المدخنة فإن بناء أخرى يحتاج إلى سنين و مليارات و أذية كبرى ، أما الصيانة فتحتاج إلى أربعة أشهر .المدخنة فيها من الداخل طبقة من الآجر الحراري و خلفه طبقة من الصوف الحراري و خلف الصوف طبقة من الصاج ثم طبقة الإسمنت المسلح الظاهر للعيان, الآجر الحراري في مدخنة الزارة مهدم منذ عام و من غير المنطقي تشغيل المجموعة بدون آجر حراري لأن الإسمنت سيتأذى من الحرارة التي تبلغ 150 درجة و من الأحماض الكبريتية و غيرها . في محطة الزارة 6 ضواغط هواء علماً أن المحطة فيها 3 ضواغط و 3 إحتياطي و جميعها تعمل بكفاءة فلماذا نشتري ضاغطين و نحن لا نحتاجهما ....؟ و لماذا الضواغط أوروبية و نحن تحت الحصار.....؟
ما هو سبب توقف عنفة غازية في محطة بانياس منذ سنة بسبب محرك ديزل الإقلاع ....؟
أيضاً هناك مادة " المستحلب " التي يتم إستخدامها منذ 4 سنوات
لماذا يتم إستخدامها و المجموعات متهالكة و الفيول السوري فيه نسبة كبريت عالية و الموضوع مطروح عالمياً....؟ لقد حصل لغط كبير في طريقة إستخدام هذه المادة و عدم كفاءة القائمين على إستثمارها وكل ذلك قبل أن أتحدث عنه بحكم إطلاعي و خبرتي في هذا المجال, و تشكلت لجان عالية المستوى و من هيئات علمية مختلفة خلصت بعضها إلى توقيف إستخدامه و بعضها الآخر إلى جدواه, علماً أن إستخدامه يؤدي إلى إهتراء عادم الغازات و هبوط حمولة مجموعات التوليد إلى 10 ميغا واط .
مع العلم أن وزير الكهرباء الأستاذ غسان الزامل شكل لجنة من البحوث العلمية و بعض مهندسي الكهرباء لمعاينة الواقع وننتظر النتائج، ترافق ذلك مع كتاب السيد الوزير بتاريخ 21/2/2021 رقم 304/و ، إلى المعهد العالي للعلوم التطبيقية و التكنولوجية بصفتها الجهة الممثلة لشركة كاتيكا أوف شور التي تجري التجارب على المجموعتين 3+4 حيث حملهم المسؤولية الكاملة عن أي ضرر ينتج عن إستخدام المستحلب .
الصين قدمت عرضاً لتوسيع محطة الزارة ب 600 ميغا إلا أن العرض تم رفضه من قبل وزارة الكهرباء لأن الفلسفة الصينية في تبريد المولد تختلف عن تلك المطابقة للأوروبية ....فهل من المنطق رفض هذا العرض و نحن في ظل هذه الأزمة و الحصار المفروض علينا ؟
لماذا لا نستثمر في قطاع الطاقة البديلة....؟ لو كان لدينا 2000 ميغا شمسي و ريحي لكان الناتج الكهربائي ضعف ما هو عليه الآن على إعتبار أن كل 1 ميغا يكلف نصف مليون دولار .و في وزارة الكهرباء يوجد قانون ترخيص بيع الكهرباء للدولة بطرقتين :
1- بيع كامل الإنتاج 100 كيلو فما فوق .
2_ بيع فائض الإنتاج 20_ 80 كيلو .
الوزارة تشتري ال 10 ميغا من المستثمر الذي يبيع للدولة من الطاقة الشمسية بحوالي 500 مليون ليرة شهرياً أي نصف مليار من إنتاج 5 ساعات في اليوم و بسعر 210 ل س للكيلو .( ملاحظة :_ هنا نستذكر كلام السيد الوزير الذي صرح به لموقع arampress أن الوزارة لا تشتري الكهرباء بل تنتجها و لا يوجد ما يشير إلى خصخصة قطاع
الكهرباء ¡¡¡¡¡؟؟؟؟؟؟). وحسب قانون الإستثمار هناك معامل معفية من التقنين و في المقابل المواطن محروم من ذلك فهل نحن مقبلون على إحتمال إنهيار في الشبكة العامة ....؟
* ينهي المهندس عبدو الأسعد مداخلته و نعود بدورنا إلى نقطة البداية لنطرح هذه الأسئلة ونضعها بعهدة الحكومة ووزارة الكهرباء حيث نامل منهم الرد عليها:
1- خلال مؤتمر عودة اللاجئين الذي عقد في الشهر 11 من العام الماضي قدم الحليف الروسي دعماً لقطاع الطاقة الكهربائية في سوريا على شكل ( معدات و مستلزمات صيانة و كفاءات بشرية ) بما قيمته مليار و 300 مليون دولار قابلة للزيادة .....ما هو مصير هذا الدعم لا سيما و أن الحديث عن إعادة تأهيل المحطات الكهربائية لم يتجاوز هذا المبلغ المالي.....و أين هو الأثر المنشود لهذه المنحة على أرض الواقع ....؟
2 - ما هو سر تضارب البيانات حول كمية الكهرباء المنتجة حالياً .....؟ حيث صرح لنا مدير كهرباء دمشق الاستاذ هيثم ميلع أن كمية الطاقة المنتجة الآن في سوريا هي 1500 ميغا ، في حين أكد مدير الإنتاج في المؤسسة العامة للكهرباء نجوان خوري أن الإنتاج 2000 ميغا أي 25 % من إحتياج البلاد .....؟
أما مدير مؤسسة توليد الكهرباء في وزارة الكهرباء محمود رمضان فقد فقد وزع الإنتاج على الشكل التالي :
* عام 2019 كان إنتاج الكهرباء بين 3500 و 4000 ميغا و ضخ الغاز 13 مليون م3 .
* عام 2020 في شهر تموز كان إنتاج الكهرباء 3000 ميغا و معدل ضخ الغاز 11.5 مليون م3 .
* عام 2021 إنتاج الكهرباء 2400 ميغا و ضخ الغاز 9 مليون م3 .
3 ماذا حل بقانون إحداث صندوق دعم الطاقات المتجددة و رفع كفاءة الطاقة و الذي من المفترض أن يقدم القروض و المنح بلا فوائد لكل من يريد أن يستفيد من تركيب الطاقة المتجددة .....؟
4 - ما هي الفترة الزمنية المتوقعة لخروج المواطن من أزمة الكهرباء التي باتت تحاربه حتى في حفاظه على غذائه المنزلي....؟
5- لا يخفى على أحد أن هناك أجهزة تزود بالأكسجين في الكثير من بيوت سوريا يحتاجها مصابو covid 19 و غيره من الأمراض التنفسية و هي بحاجة للكهرباء لأداء عملها......كيف سيتم التعاطي مع هذه الحالة ....؟
6- هناك سؤال مشروع وهو ان الدولة سمحت للصناعيين باستيراد مادة المازوت الصناعي لتعويض فاقد الطاقة الكهربائية بسبب التقنين... كيف استثمر الصناعيون هذه الفرصة التي منحتهم اياها الحكومة السورية, وعلى فرض ان الصناعيين قاموا باستيراد مادة المازوت لماذا يحرم المواطن من تشغيل الانارة في بيته ويعطى هذا الحق للمعامل وهو ما صرح به مؤخرا رئيس الحكومة حسين عرنوس.
7- أخيراً و ليس آخراً .....من هو المستفيد من تأخير عملية إعادة تأهيل محطات الكهرباء في سوريا ، بشكل أوصل الجميع إلى هذه الحالة المأساوية.....؟
أسئلة نضعها في عهدة أصحاب الشأن للإجابة عليها حتى لا نكون أمام مصيبة العلم من ....عدمه .