ذكرت تقارير إعلامية بأن قوى كبرى قريبة من محادثات السلام بشأن سوريا تبحث إمكانية تقسيمها اتحاديا بشكل يحافظ على وحدتها كدولة، ويمنح السلطات الإقليمية فيها حكما ذاتيا موسعا.
وفي حين يستعد المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، للاجتماع مع وفود من الحكومة السورية والمعارضة فإن فكرة تقسيم سوريا على أساس اتحادي تعد من بين الأفكار التي تحظى باهتمام جاد في الوقت الراهن.
ونقلت "رويترز" عن دبلوماسي بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة طلب عدم نشر اسمه قوله إن بعض القوى الغربية الكبرى وليست روسيا فحسب تبحث أيضا إمكانية إقامة نظام اتحادي لسوريا وعرضت الفكرة على دي ميستورا.
وقال الدبلوماسي: "يجب الحفاظ على سلامة أراضي سوريا من أجل بقائها دولة واحدة، يوجد بالطبع جميع أنواع النماذج المختلفة لنظام اتحادي سيكون -كما في بعض هذه النماذج- متحررا للغاية من المركزية ويعطي الكثير من الحكم الذاتي لمختلف المناطق". ولم يقدم أي تفاصيل عن نماذج تقسيم اتحادي للسلطة يمكن تطبيقها على سوريا.
أما صالح مسلم زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا الذي يتمتع بنفوذ واسع في المناطق الكردية فقد أعلن أن الحزب منفتح على فكرة.
وقال مسلم لرويترز يوم الثلاثاء إن "ما تصفونه ليس مهما.. قلنا مرارا وتكرارا إننا نريد سوريا لا مركزية.. فلنسمها إدارات أو لنسمها اتحادية.. كل شيء ممكن".
في سياق متصل .. في مقالة لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية نشرت منذ يومين ، أصر جيمس ستافريديس قائد قوات حلف الناتو في أوروبا سابقا، على أن سوريا لم تعد موجودة كدولة، واقترح خطة مفصلة لتقسيمها.
كتب ستافريديس في مقالته أن اتفاق وقف الأعمال العدائية في سوريا قد يمتد فترة ما، لكن الحرب هناك لن تنتهي قريبا. ومن بين العراقيل أمام توصل المجتمع الدولي إلى حل الأزمة السورية، أشار ستافريديس إلى اختلاف الولايات المتحدة وروسيا حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد، وانخراط السعودية وإيران في نزاع جيوسياسي وطائفي، بينما تختلف موسكو وأنقرة في الشؤون التكتيكية والاستراتيجية.
واعتبر أنه مع استمرار النزاع في سوريا يصبح واضحا أن الدولة السورية الموحدة لم تعد موجودة، حيث قد قطعتها الحرب ا، ويدير زعماء منفصلون أجزاء واسعة من البلاد.
كما رأى الأميرال الأمريكي المتقاعد بأن سوريا ليست لديها حضارة عريقة تتفاخر بها مثل إيران أو تركيا أو اليونان،حسب زعمه، مضيفا أن إنشاء الدولة السورية بدأ بعد الحرب العالمية الأولى. وفي هذا السياق، أعرب ستافريديس عن قناعته بأن الوقت قد حان للتفكير في تقسيم سوريا.
وحسب تصوره، فإن المنطقة المركزية في سوريا المقسمة المستقبلة ستقع في دمشق ومحيطها، وسيكون منطقة علوية، وسيديرها بشار الأسد أو من سيتلوه، لكن مع مرور وقت وبعد إلحاق الهزيمة بمختلف الجماعات الإرهابية، سينتقل زمام السلطة في المنطقة إلى "نظام سني معتدل".
كما ترجح خطة ستافريديس ظهور منطقة كردية في شرق سوريا، الأمر الذي لن يرضي أنقرة لأسباب واضحة.
وأشار ستافريديس إلى أن تقسيم سوريا قد يتحقق وفق سيناريو يوغوسلافيا، أي ظهور عدة دويلات بدلا من دولة موحدة، أو بحسب سيناريو البوسنا التي تحولت إلى دولة اتحادية، أو يكون وضعها كما في العراق، أي "اتحادية ضعيفة".
هذا واعترف ستافريديس بمخاطر تحقيق فكرة تقسيم سوريا، منها عدم تأييد هذه الفكرة من قبل بعض دول ذات أقليات عرقية، مثل روسيا والصين وبريطانيا وإسبانيا، والتي تقف إلى جانب سيادة سوريا كدولة موحدة.
كما لفت ستافريديس إلى أن حوالي نصف عدد سكان سوريا قد اضطروا لتغيير مكان سكناهم بسبب الحرب، ولذلك لن يفقدوا شيئا نتيجة تقسيم وطنهم.
وحسب ستافريديس، فإن مناقشة تقسيم سوريا يجب أن تبدأ بعد صمود اتفاق وقف العدائيات بفترة قصيرة.
ويخلص موقع آرام بريس هنا في نهاية المقالة الى التنويه الى أن الروس أوضحوا موقفهم حول وحدة الأراضي السورية وليسوا هم من يقف وراء مشاريع مشبوهة ..
من الواضح، أن الظروف في سوريا باتت مهيأة أكثر من أي وقت مضى للدخول في عملية سياسية ذات مغزى، قد تشكل منعطفا مهما في المخاض العسير، الذي تعيشه سوريا للخروج من دوامة الحرب إلى تحقيق السلام.
وربما كان من حق السوريين وطالبي السلام في العالم رفع سقف آمالهم بتحقيق اختراق كبير في المفاوضات؛ لكن تفاصيل وخلافات كثيرة قد تسهم في تفجير الأوضاع، والعودة إلى نقطة الصفر؛ والأخطر من ذلك هو أنها قد تدخل البلاد في دوامة حروب أقسى وأكثر دموية لن تخمد نارها في سنوات.
ومن المؤكد، أن تقسيم سوريا سيدخل البلد والمنطقة في حقبة حروب دموية، ربما ستشكل شرارة لحرب عالمية ثالثة؛ وفي المقابل، فإن بناء دولة المواطنة، وتقاسم سم السنوات الماضية، يمثل نقطة الانطلاق لإعادة إعمار سوريا وإبعاد شبح الحرب.