تابعت باهتمام المباحثات التي تمت من قبل مبعوثين وساسة دوليين مؤخرا للوصول لحلول شافية للقضية السورية وكيفية الوفاق بين المملكة العربية السعودية وايران ، الا ان القضية الليبية لم يتم تداركها بشيء من الاهتمام علي الصعيد الدولي والاقليمي ، وخرجت النتائج والتوصيات دون الاشارة الي ليبيا ومطالب ليبيا المتواضعة في الحفاظ علي سيادتها والدفاع عن ارضيها من منطلق محاربة الارهابب.
الارهاب يجب ان يكون من نصيب ليبيا وليس لاحد الحق في التدخل في محاربته سوي ليبيا مشروطا وبدون سلاح او دعم عربي او حتي غربي ، ومن الواضح ان ليبيا تشكل مصدر قلق امني عالي المستوى الاقليمي بالنسبة الى النظام المصري لانها في ظل تحولها الى دولة منكوبة سياسيا وعسكريا ومن ثم اقتصاديا منذ اطاحة العقيد معمر القذافي، باتت غابة سلاح ومرتعا للميليشيات الارهابية الاسلامية، ونجح تنظيم “الدولة الاسلامية” في الاشهر الاخيرة في نصب خيامه فيها، مستفيدا من تكرار السيناريو العراقي، اي تحول المئات من شباب القبائل الذين تم اقصاؤهم وتهميشهم بذريعة انتمائهم الى النظام السابق وولائهم له، الى التشدد الاسلامي، وتبني ايديولوجية “الدولة الاسلامية”، وهذا يتضح في تحول مدينتي سرت وبني الوليد معقل قبيلتي ورفلة والمقارحة الى اول قاعدتين لهذه الدولة.
وبات واضحا ان “الدولة الاسلامية” باتت مثل كرة الثلج في ليبيا، تكبر وتتدحرج يوما بعد يوم، والنظام المصري يستشعر خطرها، ليس على ليبيا وحليفه الاوثق فيها الجنرال خليفة حفتر الذي حققت قواته انتصارات كبيرة على الاسلاميين المتشددين في الشرق الليبي، وانما على امن واستقرار مصر.
جميل ان يتذكر الرئيس السيسي ومضيفة العاهل السعودي اتفاقية الدفاع العربي المشترك التي ماتت وشبعت موتا، وتحولت عظامها الى رميم، وان يفكران باعادة الحياة اليها على شكل قوات تدخل سريع عربية، ولكن ما نلاحظه ان عملية الاحياء هذه تتناقض كليا مع جوهر هذه الاتفاقية والاسباب التي انشئت من اجلها حيث ان روسيا لا تعي اهتماما من منطلق ان ليبيبا خارج نطاق المصلحـة ، وهنا اقصد ان سوريا وايران هما جزء لايتجزأ من المصالح المشتركة حيث يمثلا الضعلين الاهمين في االمربع الروسي " مصر ، سوريا ، المملكة العربية السعودية ومن ثم ايران " .هذا منطلق ان ليبيا قد فقدت الدعم بعدم اشراكها في محاربة الارهاب حيث ان ليس لديها ثقلا عسكريا بناء علي الحظر المفروض من الامم المتحدة ومن ثم فقد فقدت قدرة الدفاع عن نفسها اضافة الي فقدانها الحماية من المجتمع الدولي
كما انه وفي حين أن مباردة "مسؤولية الحماية" قد سقطت إلا أنها لم تنتهِ تماماً لأربعة أسباب سوف أحددها تباعاً. أولاً، يوجد فعلياً الآن إجماع عالمي حول مبادئ مباردة "مسؤولية الحماية" الأساسية. ثانياً، تلك المبادئ أثبتت جدواها في بعض الحالات في العالم، ولذا استمر مجلس الأمن في تنفيذها حتى بعد انقسامه بشأن ليبيا وشلله في اتخاذ القرار حول الأوضاع في سوريا. ثالثاً، هناك طريقة مبدئية لتفادي العقبة التي تواجه صناع القرار السياسي الآن في كيفية الرد على وحشية الدولة الاسلامية في كل من ليبيا وسوريا والعراق نتيجة استخدام حق النقض الفيتو في مجلس الأمن أما رابعاً فمن الممكن أن نتصور استحالة توصل الدول في المستقبل إلى توافق في مجلس الأمن حتى في الملفات الأكثر تعقيداً مما يعطي داعش ومثيلاتها من منظمات ارهابية القوة والحرية في السيطرة والانتشار .
ان استبعاد ليبيا من طاولة المناقشـات مؤخرا سيزيد الازمة تعقيدا وعدم دعم ليبيا عسكريا وماليـا يبشر بمأسـاة قد لاتقل عن المأسـاة السورية في المستقبل القريب .. وهنا ينخر ذهني سؤال واحد وهو "من صاحب المصلحة في استبعاد ليبيا من حقها في الدفاع عن نفسـها وعن محاربة الارهاب" ؟؟؟؟؟؟؟؟