في حَضرَةِ هذا الناسوت يتوقف الزمن بكل أبعاده ، و تتجلى قدسية المكان الذي من أجله كان كل ما كان. وحدها شواهِدُ اللُحود تُزاحِمُ الذاكِرَة ، لتكتب تاريخاً لم يكن له في يومٍ مِنَ الأيام أن يكون .
مُشاكَسَةُ ذلك الدمياطي الأسمر وحدها تَشُقُ صَدرَ الحقيقة لِتُخرِجَ ذلك الألم المستعصي بأحزانه من جَسَدٍ إستحقَ عن جدارةٍ إسم الوطن .
سنواتٌ عِجاف كانت كفيلة بأن تنسج لهذه الأرض قصة حُبٍ أسطورية بين العنقاءِ و الفينيق ....فيها الكثير من الشَجَن الذي يعزفه ماجدي البسيوني بواقعيته و شهادته و مصداقيته فنراهُ تارةً يسعدنا بإنتصاراتٍ, .و تارَة يبكينا حزناً و حسرة على إرتقاء رسول من رُسُلِ النصر والحب والسلام .
من أرض الكنانة يسابق ماجدي البسيوني الدقائق و الثواني ، بريشته و دَواته و أوراقه و قوميته الناصرية المُعَتَّقَة ليشهد كتابة التاريخ على أرض الأنبياء......تاريخٌ لا لُبسَ فيه و لا تَشوبُهُ شائِبَة ما دامَ مِدادُه دَّمُ الشُهَداء ..... يفرح مع المنتصرين ، و يشمت بالمهزومين ، و يبكي الذين غادروه و هم مبتسمين بأن أودعوه و الوطن تلك الأمانة.....و يبكي البسيوني من ثِقَلِ الأمانة ، لا يُخَفِفُ من وطأتها إلا غَرسَتَي تّين ، أحضرهما من مِصّرَ و زرعهما فوق قبر احد الشهداء الابطال في سوريا ، كما هي الوصية.... و حدها ثِمار التين اليانعة ، كانت توصل الرسالة من الشهيد....أن بورِكَت يَداكَ يا صديقي الحنون.....فاليوم يُتِمُ الله نورَهُ و لو كَرِه الكافِرون .
الساعة الساسة مساءً يوم السبت 22/ حزيران/ 2019 يزدحم مركز كفر سوسة الثقافي في مدينة دمشق بحضور بكافة الشرائح المجتمعية ليشهدوا وِلادَة المقاومة ....حكاية وطن,بعد أن سبقتها قلعة حلب من الحصار إلى الإنتصار.
هذا الكتاب الذي يوجز ب 725 صفحة ما يعجز العقل عن تحمله لِرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه و رجال قضوا نَحبَهُم و رِجالٌ إنتظروا حياةً تُسِرُ الصديقً أو شهادَةٌ تُغيظُ العِدَى . فمن حلب إلى اللاذقية و حمص و طرطوس و حماة .....كان الاعلامي الإستقصائي ماجدي البسيوني من أرض الحَدَث رفيقاً و أخاً لهؤلاء الأبطال....فَرِحَ معهم في الإنتصارات و حَزِنَ على من لَبُّوا نِداءَ الباري على حينِ غَرَّةٍ دُونَ سابق إنذار. وها هو اليوم يؤدي الأمانة الى أهلها و إلى من غابت عنهم الحقيقة .
المهندسة عفراء هدبا مديرة دار دلمون الجديدة للطباعة و النشر والتوزيع تعتلي منصة الحفل لِتُعَبِرَ عن شُكرِها و سَعادَتِها لِمَن حَباهُم بِشَرَفِ طِباعة هذا السِفر الذي يُعتَبَر أيقونة نَصرٍ تُزَيِنُ صَدّرَ سوريا, يُشاطِرُها اللواء الدكتور بهجت سليمان هذه الفرحة في رسالةٍ لاقت صداها لدى الجميع تكللت بتقديم درع دار دلمون للإعلامي و الكاتب ماجدي البسيوني....الذي صَدَّحَ بكل ما في خلده و جوارحه في تلك اللحظة ليختصر مسافة سنوات عِجاف بدقائق ملؤها الحقيقة ولا شيئ سِواها, موجها شكره لوزير الاعلام عماد سارة ولكل الجهات التي قدمت التسهيلات والموافقات لانجاز هذا العمل التوثيقي.
وحدها قطراتُ العَرَقِ المنهمرة كأنها اللُجَين على ذلك الجبين الأسمر كَشَفت ما وراء تلك الإبتسامة من ألم ، كان يفضح السرطان الذي أصاب كَبِدَ سوريا, و نسي نفسه .
يرنو بنظراته نحو رفيقة عمره في الصف الأول و يدعوها لتعتلي المنصة الى جانبه......يقدم لها الدرع الذي إستلمه.....
فكل ما كان لم يكن لولاها......منها تبتدئ حكاية العشق الأبدي و عندها تنتهي......
فمن لا يتسع قلبه لحب إمرأة........لن يتسع لحب وطن.