في يوم من الأيام استفاق التونسيون على حمولات من الأطنان من القمح السوري في بواخر سورية و بالمجان بعد ان أصابهم الجراد....و كانت تلك الحمولات تحت عناوين العروبة و الأشقاء العرب....
ماذا أعاد لنا التونسيون مقابلها.......؟؟ لقد ردوا الجميل لنا بأكبر عدد من الارهابيين و الارهابيات ...و بقطع العلاقات الدبلوماسية التي لم تعد حتى الآن.....؟؟
وفي يوم من الأيام قدمنا للأردن الكهرباء و الماء ( سد الوحدة..) و كانت تحت شعارات العروبة و التضامن العربي....و أمة عربية واحدة......ماذا كانت النتيجة..؟..ببساطة كانت (غرفة الموك ) الاستخباراتية و المؤامرات لتدمير الدولة السورية و تصدير الأرهابيين إلى سورية وتمويلهم بالسلاح والمال.....
وسائل اعلامنا المحلية غطت افتتاح معبر نصيب مع الأردن على أنه حدث سياسي بامتياز يؤكد عودة القوة و القرار للدولة السورية على حدودها و منافذ دخول و خروج الأفراد و السيارات إليها....و هذا كلام لا شك نقدّره و نريده و نريد أن يعلم العالم كله أنّ المعركة التي قاربت الثمانية سنوات لم تتمكن من تدمير الدولة السورية....و لم تتمكن من كسر إرادة الكثير من السوريين الذين دافعوا عن أنفسهم و عن دولتهم...ومن غير المعقول أن يبقى الضجيج الاعلامي السياسي يسيطر على الفوائد الاقتصادية التي يجب أن يشعر بها المواطن السوري
العالم يحركه الاقتصاد قبل السياسة و العالم يبني سياساته بناء على مصالحه الاقتصادية قبل أي شيء آخر...و مصالحه الاقتصادية هي بالمقام الأول مصالح شعبه و زيادة رفاهيته...
فالضجة الاعلامية السياسية حول معبر نصيب ..لا تطعم الفقراء و لا ترفع من مستوى المعيشة و لا ترفع من قيمة ليرتهم السورية إذا لم يكن هذا الاجراء في النهاية يصب في مصلحة معيشة المواطن السوري اليومية...
هل يعقل بعد كل هذا الخراب الذي قدمه لنا الأردن أن نكافئه من جديد على حساب لقمة عيش السوريين...لتتحول البضائع السورية و كأنها بضائع مجانية أمام الأردني بحكم فرق قيمة صرف العملة....( راتب الموظف الأردني حوالي 670 دولار شهرياً = 470 دينار ...أي اكثر من 310 ألف ليرة سورية ..) و لكم ان تتخيلو فقط الفرق مع الموظف السوري الذي متوسط راتبه 70 - 90 دولار فقط . هذا بالاضافة الى التسهيلات والاعفاءات الكبيرة التي قدمها وزير الزراعة السوري لتصدير المنتجات الزراعية الاردنية عبر الموانئ السورية الى اوروبا الشرقية على حساب المنتجات السورية وخاصة المنتجات الزراعية منها
هل يعقل أن يدخل الأردني دون فيزا بعكس دخول السوري إلى الأردن....؟؟ ليشتري و بأبخس الأسعار من سورية و يحمل تلك البضائع التي انعكست سلبا على الموظف السوري....و بدل أن تتحسن قيمة الليرة كان العكس..... كان من المفترض و بالحد الأدنى معاملة الأردن بالمثل, فكل دول العالم التي تطورت كان قرارها السياسي هو التابع لمصالحها الاقتصادية و ليس العكس, لذلك لا بد ان يكون القرار السياسي في خدمة المصالح الاقتصادية .
إن كل مفردات حياتنا اقتصاد قبل أي شعار سياسي.....المواطن السوري من استيقاظه في الصباح الى نومه ...لا يتأثر إلا بالاقتصاد و بحركة الاقتصاد و بالقرارات الاقتصادية....
من البيت إلى الوظيفة إلى السوق إلى المدرسة إلى السيارة ...من ربطة الخبز اليومية الى أجرة السرفيس ...كله اقتصاد قبل أي كلام سياسي.... فالموظف يذهب الى عمله و لا يوجد في رأسه الا آخر الشهر ليقبض راتبه و يسدد بعضاً من ديونه.....أي أنه اقتصاد, والفلاح و علاقته بأرضه هي اقتصاد ..ماذا يزرع ..؟؟ و ماذا سيبيع ...؟؟ و كم سيقبض ...؟؟ و كم سيدفع...؟؟ كلها اقتصاد,اصحاب الحرف و المنشآت الصناعية الكبيرة و الصغيرة...لا يوجد في أذهانهم إلا سعر البيع و الشراء و أجور النقل .....أي أنه اقتصاد و قرارات اقتصادية
الطلاب في المدارس و الجامعات من اللباس إلى القرطاسية إلى الكتب .الى..الى....كلها اقتصاد, فاتورة الكهرباء و الماء و الهاتف....و الانترنيت.....اقتصاد ...التفكير في شراء منزل و شراء مستلزماته .......و التي اصبحت من الكوابيس عند شبابنا...انه اقتصاد...... الزواج و مستلزماته الذي هو حق لكل شاب اليوم هو اقتصاد....التفكير و الاحلام بشراء السيارة التي اصبحت حلم بعيد عند الكثيرين هي اقتصاد ...
أين هي تلك الشعارات السياسية في حياتنا اليوميه... الا يكفي استعراض للشعارات السياسية بعد كل هذه الحرب المدمرة.....؟؟
أي قرار سياسي لا يخدم الاقتصاد السوري يجب اعادة النظر فيه... لنرحِّل الشعارات السياسية التي طالما رددناها ليلاً و نهاراً...و لم تأتِ لنا إلا بالخيبات
و لنستحضر شعارات التنمية الاقتصادية بالفعل قبل القول.....
لن يشعر المواطن بقيمة وطنه الا بما يحصل من مكاسب مادية فيه و ليس بما يردده من شعارات أصبحت متآكلة و بليدة و ساذجة. إن الفقر في الوطن غربة.....و الغنى في الغربة وطن, وانه من غير المقبول اطعام اولاد الجيران قبل اطعام اولادي...تحت شعارات الكرم و العطاء...والدفاع عن الوطن ليس دفاعا عن الحجر و الشجر و التراب....بل هو في حقيقته دفاعاً عن الكرامة و لقمة العيش....
سيريا- إن (شبكة ارام بريس الاخبارية)/ صفحة د. علي مخلوف