السيد الرئيس الطبيب الأول... التجربة الكورية الجنوبية مثال يحتذى في احتواء كوفيد 19.... الحلقة 5.... بقلم رئيس التحرير
السادة الاطباء والمتابعين الاعزاء, كل يومين تقريبا تطالعنا دراسة جديدة تثبت عدم فعالية الهدروكسي كلوروكين في معالجة كوفيد- 19 ( داء كورونا المستجد), واخر الدراسات هذه المرة الدراسة من قلب فرنسا، تظهر الصورة عدم وجود فارق بين استعمال الهدروكسي كلوروكين أو عدم استعماله على المصابين بكورونا المستجد في مجموعتي مقارنة من حيث الوفيات أو من حيث احتياجهم للعناية المشددة أي لم يقلل استعمال الدواء الوفيات ولا قلل من حاجة المصابين المعالجين به للعناية المشددة
وكنا نوهنا في حلقات سابقة إلى عدم فعالية الهدركسي كلوروكين بدراسات متتالية في عدة بلدان متطورة تثبت أنه اختيار غير موفق على الإطلاق لتدبير داء كورونا المستجد (Covid-19) إضافة لمخاطر استعماله ،
أن فترة الحضانة وسطيا هي خمسة أيام ولكن تبدأ الحالة بنقل العدوى قبل بدء الأعراض بيومين وتبلغ ذروة العدوى قبل 17 ساعة من ظهور الأعراضوهذا يعني طبيا أن قياس حرارة الشخص وعزل الشخص المرتفعة حرارته تضمن عدم نقل ذلك الشخص فقط فيما لو ثبتت إصابته بعد العزل والتحليل وكذلك تضمن أن عزل الشخص الذي صدق في اخبارنا أن لديه أعراض لثبت إصابته لاحقا بالتحليل فنمنعه من انقل العدوى كل هذا صحيح ولكن العكس غير صحيح!!!
إن وجود حرارة طبيعية لا تضمن أن لا يكون الشخص ناقلا للعدوى بشدة كاحتمال وارد ( ولو كان صادقا من عدم وجود أعراض) فيما لو كان الشخص نفسه بالصدفة بالساعات الـ 17 التي سيتلوها ظهور الحرارة أو الأعراض ، لقد كان نقل الفايروس من أشخاص (لم تظهر عليهم بعد حرارة أو أية أعراض ) مسؤولا عن 44% من الإصابات المنقولة لآخرين حسب الدراسة ، أضف لذلك أن هناك نسبة من حاملي الفايروس لا يشكون من أعراض على الإطلاق ولكنهم قادرين على نقل الإصابة للآخرين ..!!
ومن هنا أهمية:
1- ارتداء الكمامة ليس فقط من قبل المصاب المعروف ولكن من قبل عامة الناس لأننا بحالة جائحة ولا نضمن من منا سيكون مصابا غدا أو بعد غد .. أو من منا يحمل الفايروس دون إصابة
2- وتقودنا هذه الفكرة إلى الحذر حتى من أشخاص ليس لديهم أعراض عندما يكونون مشتبهين لأسباب أخرى مثل كونهم من بؤر فيها إصابات أو خالطوا مصابا أو صافحوه إلخ,, ويصبح إجراء اختبارات كورونا لهذه الحالات هو حجر الزاوية في الوقاية ، وهذا يعني تسخير عدد كبير جدا من الاختبارات بهدف كشف الايجابيين وستشرح التجربة الكورية الجنوبية أدناه ماذا يفعلون بالايجابي مع عدم وجود أعراض أو بالإيجابي مع أعراض خفيفة لأن تركه في المنزل مع عبارة :(اعزل نفسك عن باقي أفراد العائلة في المنزل ) هي عبارة هراء لأن فوعة الفايرس Covi-19 أكبر وأشد مما كنا نعتقد ، وهذا هو تفسير فشل دول عظمى في السيطرة على الداء على أراضيها
لاحظوا معي الفيديو المرفق أدناه في نهاية الحلقة كيف أن الشخص نفسه يبث بتنفسه الرذاذ لمسافات افقية بعيدة عندما لا يكون مرتديا الكمامة مع افتراض انه سيكون حذرا وسيعطس في كوعه لمنع نشر الفايروس – إن عطس ( أن كل ذلك بدون ارتداء كمامة لا يكفي ، وأكرر لأننا لا نعلم من منا سيمرض ، ولأننا قبل أن نعلم بأننا مرضنا نكون في قمة العدوى فلا مفر من ارتداء الكمامة قرارا جماعيا غير قابل للاستثناءات .)
3- ليس ارتداء الكمامة فقط ، بل هي جملة خطوات تتعلق بنظافة اليدين وتنظيف السطوح المتكرر والحذر من المصافحة وملامسة أي شيء في الأماكن العامة ..
4- وعلى رأس الخطوات المباعدة وشرحنا في حلقات سابقة أن مسافة مترين غير كافية للحماية مع انها أفضل من الاقتراب أكثر . ولكون المسافة الصحيحة بين أي شخصين يجب أن تتجاوز الثمانية أمتار، ولأن هذا شبه مستحيل في التطبيق العملي فلا بد من المباعدة لأقصى حد ممكن + الكمامة لكل شخص خارج المنزل ..
التجربة الكورية الجنوبية :
- لماذا اخترنا كوريا الجنوبية نموذجاً ؟
لو عدنا إلى الوراء عدة أسابيع فقط لوجدنا أن أعداد الإصابات في كوريا الجنوبية تفوق نظيراتها في دول أوروبا والولايات المتحدة، ويستمر الأمر كذلك حتى 15 آذار ، لاحظوا المخططات وبعدها يرتفع عدد الحالات في كوريا الجنوبية ببطء بينما يتسارع ارتفاع عدد الإصابات بشدة في دول أوروبا والولايات المتحدة، فتصبح أرقام الدول الأروبية ايطاليا فرنسا اسبانيا ألمانيا والولايات المتحدة كلها أعلى من كوريا الجنوبية منذ ما بعد 15 آذار
ومنذ 28 آذار تخرج كوريا الجنوبية من قائمة أعلى 8 دول بعدد الإصابات لتدخل بريطانيا السباق وتحتل المركز الثامن فيه.
واليوم يبلغ عدد المصابين في كوريا الجنوبية في ساعة إعداد هذه الدراسة فقط 10 آلاف وستمائة واربع وسبعون وهو رقم قياسي يجعلها تمتاز عن الصين بعدد أصابات كلي أقل لا يتجاوز 1 إلى 6 من العدد في الصين ، بينما معدل الوفيات أقل منسوبا إلى مجمل الإصابات والأهم هو معدل الإصابات الجديدة اليومي المنخفض في بلد تعداد سكانه بعشرات الملايين ولديه ما يفوق 10 آلاف إصابة ..
- فما هو سر التجربة الكورية الجنوبية التي أذهلت العالم :
يكمن السر في نجاح كوريا الجنوبية منقطع النظير إلى :
- المبادرة إلى استعمال عدد كبير نسبيا من اختبارات الفحص بالنسبة لعدد السكان في مرحلة مبكرة من انتشار المرض ( يتجاوز عدد الاختبارات - إلى أمد قريب- ضعفي الرقم في فرنسا وما يزال يتجاوزه حنى الآن رغم سعي فرنسا لرفع عدد الاختبارات المجراة مؤخرا)
- ومتابعة المكشوف منهم أن حالتهم بالاختبارات ايجابية حيث لا يسمح لهم بالعودة إلى المنزل ، فيحجزون في فنادق مخصصة ،
- ومتابعة المخالطين لهم قبل اكتشافهم وحتى ثبوت خلوهم من الإصابة بالتحاليل وذلك من أجل حصر الحالات الإيجابية في المجتمع جميعها تقريبا وحجزها ..
- استعمال الكمامة إجباري والدولة مسؤولة عن تأمين الكمامات
هذه السيطرة المبكرة الواعية ضبطت انتشار الوباء في كوريا الجنوبية التي لم تعد بحاجة إلى الإغلاق فهي الآن تفتح كل البلاد بما فيها من مقاهي ودور سينما مع اتخاذ السكان فيها الاحتياطات اللازمة.. فعاد النشاط الاقتصادي سريعا إلى البلاد بينما يتخبط الغرب مما يجعلنا نتحمس لعرض كوريا الجنوبية كمثال يحتذى..
الوضع في سورية وكيف نستفيد من التجربة الكورية ، وما هي نقاط ضعفنا ؟!
- كان الإغلاق المبكر في سورية وجملة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة ووزارة الصحة إيجابية وجريئة خاصة من زاوية عدم التأخر في الإغلاق، وفرض الحظر، ومن واجب المواطن والمسؤولين والمؤسسات الحكومية والخاصة حسن التنفيذ والاستفادة القصوى من الإجراءات الحكومية من حيث مراقبة تنفيذها .. مع إضافة أهمية تعميم استعمال الكمامات والزام المواطنين بها - مع تأمينها لكل المواطنين - مع تلافي الثغرات التي قادت وتقود إلى تجمعات غير مبررة في وقت بعيد عن ساعات حظر التجول فتصبح القصة تشبه قصة غانية تمارس ما شاء من موبقات في النهار لتعود ملتزمة مهذبة في ساعات الليل !!
تحقيق الاستفادة من التجربة الكورية في سورية يتوجب :
- توسيع استعمال الكشف المخبري في سورية وعلينا أن نبلغ الـ 15 ألف اختبار لكل مليون من السكان في أقصى سرعة قابلة للتطبيق مما يتطلب إجراء ما يفوق 5 ألاف تحليل يوميا ونقطة الانطلاق هي التحليل لكل قادم (إلى القطر أو داخل عبر المعابرفي نقاط التماس مع المناطق غير المحررة مع منع تهريب الأشخاص بالرقابة الصارمة على كل الحدود وحجر كل داخل غير نظامي ) يجب أن يتم التحليل بغض النظر عن وجود أعراض + التحليل لكل المخالطين ممن تكتشف إيجابية اختباراتهم ( بعد المتابعة بالاستجواب واستعمال داتا الاتصالات أيضا في التتبع )+ التحليل بسخاء لأماكن البؤر
- اتخاذ قرار إلزامي باستخدام الكمامات لكافة المواطنين وتوفيرها ..
- فإذا أضيف إلى كل ذلك الوصول بالتوعية عن أهمية المباعدة وأهمية ترك مسافة تتجاوز 4 أمتار بين الأشخاص ومنع التجمعات لأي سبب كان مع استعمال الجميع للكمامات بلا استثناء ومراقبة أماكن يتوقع أن يحدث فيها ازدحام ووضع مراقب لتنظيمها ومنع حدوثها
- + الاستعداد للأسوأ من خلال تجهيز أعداد أكبر من المنافس وغرف العناية تتجاوز الأعداد الحالية بعشرة أضعاف
- + وقف استعمال أو انتاج الهدركسي كلوروكين + استحضار الأفيغان أو الفافيلافير من اليابان أو الصين وبكميات احتياطية كافية
+ التركيز على الانترفيرون بالمشاركة وكوبا من أقدر البلدان على تصنيعه وخبرتها كبيرة في استعمالاته في كوفيد 19
فإننا نكون قد مشينا بالخطوط العريضة التي تمنع من وقوع كارثة حقيقية في البلاد .. كارثة نتمنى أن لا تقع (بالاستعداد وليس بالدعاء ) ويساعد على ذلك أن البروتكول العلاجي لكوفيد الذي وضعته وزارة الصحة وأقرته الحكومة ترك مرناً قابلا للتعديل بما يتماشى مع خيبات أمل متوقعة في دواء أو أكثر مما قد يكون مذكورا في البروتوكول بالدراسات العالمية اللاحقة وفعلا هذا ما حدث !! كما يجب أن تتماشى هذه المرونة مع أنباء باتت واضحة عن تصدر دواء أو أكثر (غير مذكور بالبروتكول ) اهتمام العلماء حاليا .. هذه المرونة تساعد على إجراء التعديل المناسب والذي يجب أن لا يتأخر!!
لكل من يقول كل هذا مكلف أقول كوريا الجنوبية الآن تجني ثمار ما زرعت ، كلفها كثيرا الحجر وعدم إعادة الإيجابي إلى المنزل والتتبع وتحري كل المخالطين والسخاء بالتحاليل بينما بخلت دول الغرب في البداية فاضطرت متأخرة للإغلاق الواسع المستمر وحصدت نتائج ذلك شللا مستمرا إلى الآن في الاقتصاد ..
الخطر القادم من شمال سورية هو عنوان حلقتنا القادمة / ما زال في جعبتنا الكثير فانتظرونا / دمتم بخير